63
الدنيا و الاخرة في الكتاب و السنة

نُفَصِّلُ الآيَـتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ» 1 سَكَنُوا الدُّنيا بِأَفضَلِ ماسُكِنتَ ، وأكَلوها بِأَفضَلِ ما اُكِلَت ، شارَكوا أهلَ الدُّنيا في دُنياهم فَأَكَلوا مَعَهُم مِن طَيِّباتِ ما يَأكُلونَ ، وشَرِبوا مِن طَيِّباتِ ما يَشرَبونَ ، ولَبِسوا مِن أفضَلِ ما يَلبَسونَ ، وسَكَنوا مِن أفضَلِ ما يَسكُنونَ ، وتَزَوَّجوا مِن أفضَلِ ما يَتَزَوَّجونَ ، ورَكِبوا مِن أفضَلِ مايَركَبونَ ، أصابوا لَذَّةَ الدُّنيا مَعَ أهلِ الدُّنيا ، وهُم غَدا جيرانُ اللّهِ يَتَمَنَّونَ عَلَيهِ ، فَيُعطيهِم ما تَمَنَّوهُ ، ولا يَرُدُّ لَهُم دَعوَةً ولا يَنقُصُ لَهُم نَصيبا مِنَ اللَّذَّةِ . فَإِلى هذا يا عِبادَ اللّهِ يَشتاقُ إلَيهِ مَن كانَ لَهُ عَقلٌ ، ويَعمَلُ لَهُ بِتَقوَى اللّهِ ، ولا حَولَ ولا قُوَّةَ إلاّ بِاللّهِ . 2

۱۴۳.الإمام الباقر عليه السلام ـ في قَولِهِ تَعالى :«لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ الْحُسْنَى وَ زِيَادَةٌ»۳ ـ : فَأَمَّا الحُسنَى الجَنَّةُ ۴ ، وأمَّا الزِّيادَةُ فَالدُّنيا ، ما أعطاهُمُ اللّهُ فِي الدُّنيا لَم يُحاسِبهُم بِهِ فِي الآخِرَةِ ، ويَجمَعُ ثَوابَ الدُّنيا وَالآخِرَةِ ، ويُثيبُهُم بِأَحسَنِ أعمالِهِم فِي الدُّنيا وَالآخِرَةِ . ۵

۱۴۴.الإمام الصادق عليه السلام :مَن يَتَّقِ اللّهَ فَقَد أحرَزَ نَفسَهُ مِنَ النّارِ بِإِذنِ اللّهِ ، وأصابَ الخَيرَ كُلَّهُ فِي الدُّنيا وَالآخِرَةِ . ۶

۱۴۵.الكافي عن الرَّبيعِ بن خَيثَمٍ :شَهِدتُ أبا عَبدِ اللّهِ عليه السلام وهُوَ يُطافُ بِهِ حَولَ الكَعبَةِ في

1.الأعراف : ۳۲ .

2.الأمالي للمفيد : ص ۲۶۱ ح ۳ ، الأمالي للطوسي : ص ۲۵ ح ۳۱ ، بشارة المصطفى : ص ۴۴ كلّها عن أبي إسحاق الهمداني ، الغارات : ج ۱ ص ۲۳۴ عن عباية وكلاهما نحوه ، بحار الأنوار : ج ۷۰ ص ۶۶ ح ۱۱ وراجع تحف العقول : ص ۱۷۶ .

3.يونس : ۲۶ .

4.في بحار الأنوار : «فالجنّة» .

5.تفسير القمّي : ج ۱ ص ۳۱۱ عن أبي الجارود ، بحار الأنوار : ج ۷۰ ص ۶۶ ح ۱۰ .

6.مختصر بصائرالدرجات : ص ۷۹ ، بصائرالدرجات : ص ۵۲۶ ح ۱ وفيه «من يتّق فقد ...» وكلاهما عن المفضّل بن عمر ، بحار الأنوار : ج ۲۴ ص ۲۸۶ ح ۱ .


الدنيا و الاخرة في الكتاب و السنة
62

إمّا لِخَيرِ الدُّنيا ؛ فَإِنَّ اللّهَ يُثيبُهُ بِعَمَلِهِ في دُنياهُ ، قالَ اللّهُ سُبحانَهُ لاِءِبراهيمَ : «وَ ءَاتَيْنَـهُ أَجْرَهُ فِى الدُّنْيَا وَ إِنَّهُ فِى الآخِرَةِ لَمِنَ الصَّــلِحِينَ» ، 1 فَمَن عَمِلَ لِلّهِ تَعالى أعطاهُ أجرَهُ فِي الدُّنيا وَالآخِرَةِ ، وكَفاهُ المُهِمَّ فيهِما ، وقَد قالَ اللّهُ : «يَـعِبَادِ الَّذِينَ ءَامَنُواْ اتَّقُواْ رَبَّكُمْ لِلَّذِينَ أَحْسَنُواْ فِى هَـذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَ أَرْضُ اللَّهِ وَ سِعَةٌ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّـبِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ» 2 ، فَما أعطاهُمُ اللّهُ فِي الدُّنيا لَم يُحاسِبهُم بِهِ فِي الآخِرَةِ ، قالَ اللّهُ : «لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ الْحُسْنَى وَ زِيَادَةٌ» 3 ، فَالحُسنى هِيَ الجَنَّةُ ، وَالزِّيادَةُ هِيَ الدُّنيا .
وإمّا لِخَيرِ الآخِرَةِ ؛ فَإِنَّ اللّهَ يُكَفِّرُ بِكُلِّ حَسَنَةٍ سَيِّئَةً ، قالَ اللّهُ : «إِنَّ الْحَسَنَـتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ ذَ لِكَ ذِكْرَى لِلذَّ كِرِينَ» 4 ، حَتّى إذا كانَ يَومُ القِيامَةِ حُسِبَت لَهُم حَسَناتُهُم ، ثُمَّ أعطاهُم بِكُلِّ واحِدَةٍ عَشرَ أمثالِها إلى سَبعِمِئَةِ ضِعفٍ ، قالَ اللّهُ : «جَزَاءً مِّن رَّبِّكَ عَطَـاءً حِسَابًا» 5 ، وقالَ : «فَأُوْلَئكَ لَهُمْ جَزَاءُ الضِّعْفِ بِمَا عَمِلُواْ وَ هُمْ فِى الْغُرُفَـتِ ءَامِنُونَ» 6 فَارغَبوا في هذا ـ رَحِمَكُمُ اللّهُ ـ وَاعمَلوا لَهُ وتَحاضّوا 7 عَلَيهِ .
وَاعلَموا يا عِبادَ اللّهِ ، أنَّ المُتَّقينَ حازوا عاجِلَ الخَيرِ وآجِلَهُ ، شارَكوا أهلَ الدُّنيا في دُنياهُم ولَم يُشارِكهُم أهلُ الدُّنيا في آخِرَتِهِم ، أباحَهُمُ اللّهُ مِنَ الدُّنيا ما كَفاهُم وبِهِ أغناهُم ، قالَ اللّهُ عَزَّ اسمُهُ : «قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِى أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَ الطَّيِّبَـتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِىَ لِلَّذِينَ ءَامَنُواْ فِى الْحَيَوةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَـمَةِ كَذَ لِكَ

1.العنكبوت : ۲۷ .

2.الزمر : ۱۰ .

3.يونس : ۲۶ .

4.هود : ۱۱۴ .

5.النبأ : ۳۶ .

6.سبأ : ۳۷ .

7.الحَضّ على الشيء : الحثّ على الشيء (النهاية : ج ۱ ص ۴۰۰ «حضض») .

  • نام منبع :
    الدنيا و الاخرة في الكتاب و السنة
    سایر پدیدآورندگان :
    الموسوي، السيد الرسول
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1384
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 53740
صفحه از 520
پرینت  ارسال به