73
الدنيا و الاخرة في الكتاب و السنة

أنبِياءِ اللّهِ ، ومَهبِطُ وَحيِهِ ، ومُصَلّى مَلائِكَتِهِ ، ومَسكَنُ أحِبّائِهِ ، ومَتجَرُ أولِيائِهِ ؛ اكتَسَبوا فيهَا الرَّحمَةَ ، ورَبِحوا مِنهَا الجَنَّةَ ، فَمَن ذا يَذُمُّ الدُّنيا يا جابِرُ؟ وقَد آذَنَت بِبَينِها ۱ ، ونادَت بِانقِطاعِها ، ونَعَت نَفسَها بِالزَّوالِ ، ومَثَّلَت بِبِلائِها البَلاءَ ، وشَوَّقَت بِسُرورِها إلَى السُّرورِ ، وراحَت ۲ بِفَجيعَةٍ ، وَابتَكَرَت ۳ بِنِعمَةٍ وعافِيَةٍ ؛ تَرهيبا وتَرغيبا ، يَذُمُّها قَومٌ عِندَ النَّدامَةِ ، خَدَمَتهُم جَميعا فَصَدَّقَتهُم ، وذَكَّرَتهُم فَذَكَروا ، ووَعَظَتهُم فَاتَّعَظوا ، وخَوَّفَتهُم فَخافوا ، وشَوَّقَتهُم فَاشتاقوا .
فَأَيُّهَا الذّامُّ لِلدُّنيَا المُغتَرُّ بِغُرورِها ، مَتَى استَذَمَّت إلَيكَ ؟ بَل مَتى غَرَّتكَ بِنَفسِها؟ بِمَصارِعِ آبائِكَ مِنَ البِلى؟ أم بِمَضاجِعِ اُمَّهاتِكِ مِنَ الثَّرى؟ كَم مَرَّضتَ ۴ بِيَدَيكَ ، وعَلَّلتَ ۵ بِكَفَّيكَ؟ تَستَوصِفُ لَهُمُ الدَّواءَ ، وتَطلُبُ لَهُمُ الأَطِبّاءَ ، لَم تُدرِك فيهِ طَلِبَتَكَ ، ولَم تُسعَف ۶ فيهِ بِحاجَتِكَ ، بَل مَثَّلَتِ الدُّنيا بِهِ نَفسَكَ ، وبِحالِهِ حالَكَ ، غَداةَ لا يَنفَعُكَ أحِبّاوُكَ ، ولايُغني عَنكَ نِداؤُكَ ، حينَ يَشتَدُّ مِنَ المَوتِ أعالينُ المَرَضِ ، وأليمُ لَوعاتِ المَضَضِ ، حينَ لايَنفَعُ الأَليلُ ۷ ، ولا يَدفَعُ العَويلُ ، يَحفَزُ ۸ بِهَا الحَيزومُ ۹ ، ويَغُصُّ بِهَا الحُلقومُ ، لايُسمِعُهُ النِّداءُ ، ولا يَروعُهُ

1.البَيْن : البعد والفراق (النهاية : ج ۱ ص ۱۷۵ «بين») .

2.الرَّواح : نقيض الصباح ، وهو اسم للوقت من زوال الشمس إلى الليل (الصحاح : ج ۱ ص ۳۶۸ «روح») .

3.البُكرَة : الغُدوة [أي ما بين صلاة الغداة وطلوع الشمس] . وبَكَر عليه وإليه وفيه وابتكَر : أتاه بُكرَةً (القاموس المحيط : ج ۱ ص ۳۷۶ «بكر») .

4.مرّضْتَهُ : تكفّلتَ بمداواته (المصباح المنير : ص ۵۶۹ «مرض») .

5.عَلَّلَه بالشيء : أي لَهّاه به ؛ كما يُعلَّل الصبيّ بشيء من الطعام يتجزّأ به عن اللبن (الصحاح : ج ۵ ص ۱۷۷۴ «علل») . والمعنى : خدمتَه في علّته .

6.أسعَفتُه بحاجته إسعافا : قضيتُها له (المصباح المنير : ص ۲۷۷ «سعف») .

7.الألِيْل : الأنين (الصحاح : ج ۴ ص ۱۶۲۶ «ألل») .

8.الحَفْز : الحثّ والإعجال (النهاية : ج ۱ ص ۴۰۷ «حفز») .

9.الحَيزُوم : وسط الصدر وما يُشدّ عليه الحزام (الصحاح : ج ۵ ص ۱۸۹۹ «حزم») .


الدنيا و الاخرة في الكتاب و السنة
72

راجع : ص 409 (الحثّ على الاهتمام بالآخرة) .

2 / 5

النَّهيُ عَن سَبِّ الدُّنيا وذَمِّها

۱۸۵.رسول اللّه صلى الله عليه و آله :لا تَسُبُّوا الدُّنيا ؛ فَنِعمَت مَطِيَّةُ المُؤمِنِ ، فَعَلَيها يَبلُغُ الخَيرَ ، وبِها يَنجو مِنَ الشَّرِّ . إنَّهُ إذا قالَ العَبدُ : لَعَنَ اللّهُ الدُّنيا ، قالَتِ الدُّنيا : لَعَنَ اللّهُ أعصانا لِرَبِّهِ . ۱

۱۸۶.عنه صلى الله عليه و آله :مَن قالَ : قَبَّحَ اللّهُ الدُّنيا ، قالَتِ الدُّنيا : قَبَّحَ اللّهُ أعصانا لَهُ . ۲

۱۸۷.عنه صلى الله عليه و آله :نِعمَتِ الدّارُ الدُّنيا لِمَن تَزَوَّدَ مِنها لاِآخِرَتِهِ حَتّى يُرضِيَ رَبَّهُ ، وبِئسَتِ الدّارُ لِمَن صَدَّتهُ عَن آخِرَتِهِ وقَصُرَت بِهِ عَن رِضاءِ رَبِّهِ ، وإذا قالَ العَبدُ : قَبَّحَ اللّهُ الدُّنيا ، قالَتِ الدُّنيا : قَبَّحَ اللّهُ أعصانا لِرَبِّهِ . ۳

۱۸۸.تحف العقول عن جابر بن عبد اللّه الأنصاريّ :كُنّا مَعَ أميرِ المُؤمِنينَ عليه السلام بِالبَصرَةِ فَلَمّا فَرَغَ مِن قِتالِ مَن قاتَلَهُ أشرَفَ عَلَينا مِن آخِرِ اللَّيلِ ، فَقالَ : ما أنتُم فيهِ؟ فَقُلنا : في ذَمِّ الدُّنيا . فَقالَ : عَلامَ تَذُمُّ الدُّنيا يا جابِرُ؟! ثُمَّ حَمِدَ اللّهَ وأثنى عَلَيهِ ، وقالَ :
أمّا بَعدُ ، فَما بالُ أقوامٍ يَذُمّونَ الدُّنيَا ، انتَحَلُوا الزُّهدَ فيها؟ الدُّنيا مَنزِلُ صِدقٍ لِمَن صَدَقَها ، ومَسكَنُ عافِيَةٍ لِمَن فَهِمَ عَنها ، ودارُ غِنىً لِمَن تَزَوَّدَ مِنها ، مَسجِدُ

1.أعلام الدين : ص ۳۳۵ عن أبي موسى الأشعري ، إرشاد القلوب : ص ۱۷۶ ، بحار الأنوار : ج ۷۷ ص ۱۷۸ ح ۱۰ ؛ ربيع الأبرار : ج ۱ ص ۶۶ ح ۶۷ ، الفردوس : ج ۵ ص ۱۰ ح ۷۲۸۸ كلاهما عن ابن مسعود نحوه ، كنز العمّال : ج ۳ ص ۲۳۹ ح ۶۳۴۳ .

2.المصنّف لابن أبي شيبة : ج ۸ ص ۱۴۳ ح ۱۲۸ ، كنز العمّال : ج ۳ ص ۶۰۷ ح ۸۱۴۰ نقلاً عن الديلمي وكلاهما عن المطّلب بن حنطب ؛ كنز الفوائد : ج ۲ ص ۱۶۲ ، أعلام الدين : ص ۱۵۲ ، بحار الأنوار : ج ۷۷ ص ۱۷۱ ح ۷ .

3.المستدرك على الصحيحين : ج ۴ ص ۳۴۸ ح ۷۸۷۰ عن سعد بن طارق عن أبيه ، الفردوس : ج ۴ ص ۲۶۹ ح ۶۷۹۴ عن طارق بن أشيم وفيه صدره إلى «رضاء ربّه» ، كنز العمّال : ج ۳ ص ۲۳۹ ح ۶۳۴۱ .

  • نام منبع :
    الدنيا و الاخرة في الكتاب و السنة
    سایر پدیدآورندگان :
    الموسوي، السيد الرسول
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1384
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 53384
صفحه از 520
پرینت  ارسال به