91
الدنيا و الاخرة في الكتاب و السنة

المَلِكِ وما حَولَها إلَى اليَمَنِ ، وكانوا يَمتارونَ الطَّعامَ مِن عِندِهِ لِمَجاعَةٍ أصابَتهُم ، وكانَ يَقولُ الحَقَّ ويَعمَلُ بِهِ ، فَلَم نَجِد أحَدا عابَ ذلِكَ عَلَيهِ . ثُمَّ ذُوالقَرنَينِ عَبدٌ أحَبَّ اللّهَ فَأَحَبَّهُ اللّهُ وطَوى لَهُ الأَسبابَ ومَلَّكَهُ مَشارِقَ الأَرضِ ومَغارِبَها ، وكانَ يَقولُ الحَقَّ ويَعمَلُ بِهِ ، ثُمَّ لَم نَجِد أحَدا عابَ ذلِكَ عَلَيهِ !
فَتَأَدَّبوا أيُّهَا النَّفَرُ بِآدابِ اللّهِ لِلمُؤمِنينَ ، وَاقتَصِروا عَلى أمرِ اللّهِ ونَهيِهِ ، ودَعوا عَنكُم مَا اشتَبَهَ عَلَيكُم مِمّا لا عِلمَ لَكُم بِهِ ، ورُدُّوا العِلمَ إلى أهلِهِ ؛ تُؤجَروا وتُعذَروا عِندَ اللّهِ ـ تَبارَكَ وتَعالى ـ وكونوا في طَلَبِ عِلمِ ناسِخِ القُرآنِ مِن مَنسوخِهِ ومُحكَمِهِ مِن مُتَشابِهِهِ وما أحَلَّ اللّهُ فيهِ مِمّا حَرَّمَ ؛ فَإِنَّهُ أقرَبُ لَكُم مِنَ اللّهِ وأبعَدُ لَكُم مِنَ الجَهلِ . ودَعُوا الجَهالَةَ لاِءَهلِها فَإِنَّ أهلَ الجَهلِ كَثيرٌ وأهلَ العِلمِ قَليلٌ ، وقَد قالَ اللّهُ : «وَ فَوْقَ كُلِّ ذِى عِلْمٍ عَلِيمٌ»۱ . ۲

2 / 8

الاِستِثمارُ مِنَ الدُّنيا

الكتاب

«وَ ابْتَغِ فِيمَا ءَاتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الآخِرَةَ وَ لاَ تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَ أَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَ لاَ تَبْغِ الْفَسَادَ فِى الاْءَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ» . ۳

الحديث

۲۱۳.رسول اللّه صلى الله عليه و آله :أصلِحوا دُنياكُم ، وَاعمَلوا لاِآخِرَتِكُم ، كَأَنَّكُم تَموتون غَدا . ۴

1.يوسف: ۷۶ .

2.الكافي: ج ۵ ص ۶۵ ح ۱ .

3.القصص : ۷۷ .

4.مسند الشهاب : ج ۱ ص ۴۱۷ ح ۷۱۷ ، الفردوس : ج ۱ ص ۱۰۱ ح ۳۳۴ وفيه «فإنّكم» بدل «كأنّكم» ïوكلاهما عن أبي هريرة ، الجامع الصغير : ج ۱ ص ۱۶۴ ح ۱۰۸۹ .


الدنيا و الاخرة في الكتاب و السنة
90

وأخبِروني أيضا عَنِ القُضاةِ ، أجَوَرَةٌ ۱ هُم حَيثُ يَقضونَ عَلَى الرَّجُلِ مِنكُم نَفَقَةَ امرَأَتِهِ إذا قالَ: إنّي زاهِدٌ وإنّي لا شَيءَ لي؟ فَإِن قُلتُم: جَوَرَةٌ ، ظَلَّمَكُم أهلُ الإِسلامِ ، وإن قُلتُم: بَل عُدولٌ ، خَصَمتم أنفُسَكُم ، وحَيثُ تَرُدّونَ صَدَقَةَ مَن تَصَدَّقَ عَلَى المَساكينِ عِندَ المَوتِ بِأَكثَرَ مِنَ الثُّلُثِ .
أخبِروني لَو كانَ النّاسُ كُلُّهُم كَالَّذينَ تُريدونَ زُهّادا لاحاجَةَ لَهُم في مَتاعِ غَيرِهِم ، فَعَلى مَن كانَ يُتَصَدَّقُ بِكَفّاراتِ الأَيمانِ وَالنُّذورِ وَالصَّدَقاتِ مِن فَرضِ الزَّكاةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالفِضَّةِ وَالتَّمرِ وَالزَّبيبِ وسائِرِ ماوَجَبَ فيهِ الزَّكاةُ مِنَ الإِبِلِ وَالبَقَرِ والغَنَمِ وغَيرِ ذلِكَ؟ إذا كانَ الأَمرُ كَما تَقولونَ لايَنبَغي لاِءَحَدٍ أن يَحبِسَ شَيئا مِن عَرَضِ الدُّنيا إلاّ قَدَّمَهُ وإن كانَ بِهِ خَصاصَةٌ!
فَبِئسَ ما ذَهَبتُم إلَيهِ وحَمَلتُمُ النّاسَ عَلَيهِ ؛ مِنَ الجَهلِ بِكِتابِ اللّهِ وسُنَّةِ نَبِيِّهِ صلى الله عليه و آله وأحاديثِهِ الَّتي يُصَدِّقُهَا الكِتابُ المُنزَلُ ، ورَدِّكُم إيّاها بِجَهالَتِكُم ، وتَركِكُمُ النَّظَرَ في غَرائِبِ القُرآنِ مِنَ التَّفسيرِ بِالنّاسِخِ مِنَ المَنسوخِ وَالمُحكَمِ وَالمُتَشابِهِ وَالأَمرِ وَالنَّهيِ .
وأخبِروني أينَ أنتُم عَن سُلَيمانَ بنِ داوودَ عليه السلام حَيثُ سَأَلَ اللّهَ مُلكا لايَنبَغي لاِءَحَدٍ مِن بَعدِهِ ۲ ، فَأَعطاهُ اللّهُ ـ جَلَّ اسمُهُ ـ ذلِكَ ، وكانَ يَقولُ الحَقَّ ويَعمَلُ بِهِ ، ثُمَّ لَم نَجِدِ اللّهَ عابَ عَلَيهِ ذلِكَ ولا أحَدا مِنَ المُؤمِنينَ . وداوودَ النَّبِيِّ عليه السلام قَبلَهُ في مُلكِهِ وشِدَّةِ سُلطانِهِ ، ثُمَّ يوسُفَ النَّبِيِّ عليه السلام حَيثُ قالَ لِمَلِكِ مِصرَ : «اجْعَلْنِى عَلَى خَزَائنِ الاْءَرْضِ إِنِّى حَفِيظٌ عَلِيمٌ»۳ فَكانَ مِن أمرِهِ الَّذي كانَ أنِ اختارَ مَملَكَةَ

1.الجَوْرُ : نقيض العدل وضدّ القصد ، وقوم جَوَرة (القاموس المحيط : ج ۱ ص ۳۹۴ «جور») .

2.كما قال اللّه تعالى في كتابه : «قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِى وَهَبْ لِى مُلْكًا لاَّ يَنبَغِى لاِءَحَدٍ مِّن بَعْدِى إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ» (صآ: ۳۵) .

3.يوسف: ۵۵ .

  • نام منبع :
    الدنيا و الاخرة في الكتاب و السنة
    سایر پدیدآورندگان :
    الموسوي، السيد الرسول
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1384
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 53410
صفحه از 520
پرینت  ارسال به