دراسة تحليلية حول عناصر بقاء السنّة الشريفة - صفحه 40

المحاولة الرابعة، التشدّد في تطبيق السنّة:

واليك نموذجاً على ذلك: أخرج البخاري في صحيحه عن أبي سعيد الخدري أنّه أنكر على مروان(والي المدينة من قبل معاوية) تقديم الخطبة على صلاةالعيد، وجذبه من ثوبه، فجذبه مروان، فارتفع وخطب. فقال مروان: إنّ الناس لم يكونوا يجلسون لنا بعد الصلاة. ۱

تعقيب و نقد

مع كلّ ما ذكرناه ممّا قامت به الأمّة من محاولات حفظ السنّة، فإنّه قد حصلت ثغرات في هذا الميدان لابدّ من ذكرها:
اوّلاً، تأخّر تدوين السنّة: من المعلوم انّ تدوين السنّة لم يبدأ إلاّ في زمن عمر بن عبدالعزيز أي بعد مرور قرن كامل على وفاة صاحب السنّة الشريفة(ص). وقد ترك هذا التأخير أرضية لتوسيع وتعميق حركة الوضع من جانب واختفاء بعض الأحاديث من جانب آخر. ۲
ثانياً، عدم التصدّي الحازم للوقوف بوجه حركة الوضع: فلو كانت الأمّة قد تصدّت لحركة الوضع أكثرممّا قامت به، لضيقت الخناق على هذه الحركة الشيطانية.
ثالثاً، تأخر حركة التوثيق: من المعلوم انّ العناية بتوثيق الرواة، كانت موجودة منذ زمن الصحابة، ۳ ولكنّها تبرز كحركة إلاّ في القرن الثاني الهجري، ۴ ومن المعلوم كذلك انّ حركة الوضع كانت قد بدأت في القرن الأوّل بحيث استطاعت أن تمدّ جذورها وتبدي ثمارها والقرن الأوّل لم ينته بعد. ۵ ومن هنا يعلم مدى الفجوة الزمنيّة الحاصلة بين حركتي الوضع والتوثيق. ولقد كان لهذه الفترة الزمنيّة بينهما الأثر الكبير في أن لا تتمكّن الحركة التوثيقيّة في

1.نقله صاحب حجية السنة عن: صحيح البخارى،ص۵۰

2.أضواء على السنّة المحمّدّية،ص۲۶۸ـ ۲۶۹

3.المصدر نفسه،ص۶۳

4.توثيق السنة في القران الثاني الهجري، ص۲۳

5.أضواء على السنّة المحمّديّة،ص۱۱۸

صفحه از 43