على سلك الكوفة، فجعل الناس يقولون: جنّ جابر، جنّ جابر، فلبثنا بعد ذلك أيّاماً، فاذا كتاب هشام قد جاء بحمله اليه، فسأل عنه الأمير، فشهدوا عنده أنّه قد اختلط، و كتب بذلك إلى هشام، فلم يعرض له. ثمّ رجع إلى ما كان من حاله الأوّل. ۱
3. عن نعمان بن بشير قال: كنت مزاملاً لجابر بن يزيد، فلمّا ان كنّا بالمدينة دخل على أبي جعفر(ع)، فودّعه و خرج من عنده و هو مسرور، حتى وردنا الاُخيرجة، أوّل منزل، نعدل من فيد ۲ إلى المدينة يوم الجمعة، فصلينا الزوال، فلمّا نهض بنا البعير، و إذا برجل طوال آدم، معه كتاب، فناوله جابر فتناوله، فقبّلَه و وضعه على عينيه، و إذا هو من محمّد بن على(ع) إلى جابر بن يزيد، و عليه طين أسود رطب، فقال له: متى عهدك بسيدي؟ فقال: الساعة. فقال: قبل الصلاة أو بعد الصلاة؟ فقال: بعدالصلاة. ففكّ الخاتم و أقبل يقرؤه، و يقبض وجهه حتى أتى على آخره. ثمّ أمسك الكتاب، فما رأيته ضاحكا و لا مسروراً حتى وافى الكوفة؛ فلمّا وافينا الكوفة ليلاً، بتّ ليلتي، فلمّا أصبحتُ أتيته إعظاماً له، فوجدته قد خرج علىّّ، و فى عنقه كعاب قد علّقها و قد ركب قصبة، و هو يقول: أجد منصور بن جمهور أميراً غير مأمور، و أبياتاً من نحو هذا. فنظر في وجهى و نظرت فى وجهه، فلم يقل لي شيئاً و لم أقل له. و أقبلت أبكي لمّا رأيته. واجتمع علىّّ و عليه الصبيان و الثانى،، و جاء حتى دخل الرحبة. و أقبل يدور مع الصبيان و الناس يقولون: (جن جابر بن يزيد، جُنّ). فواللّه ما مضت الأيام حتّى ورد كتاب هشام بن عبدالملك إلى واليه: (أن أنظر رجلا يقال له: جابر بن يزيد الجعفي، فاضرب عنقه، وابعث إلىّّ برأسه).
فالتفت إلى جلسائه، فقال لهم: من جابر بن يزيد الجعفى؟ قالوا: أصلحك اللّه، كان رجلاً له علم و فضل و حديث، و حجّ فجنّ، و هو ذا في الرحبة مع الصبيان، على القصب يلعب معهم. قال فأشرف عليه، فاذا هو مع الصبيان يلعب على القصب.
فقال: الحمد للّه الذي عافاني من قتله، قال و لم تمض الأيام حتى دخل منصور بن جمهور الكوفة، وصَنَع ما كان يقول جابر. ۳
1.رجال الكشي، ج ۲، ص ۴۴۳.
2.فيد: نصف طريق الحاج من الكوفة اًّلى مكة(معجم البلدان، ج ۴، ص ۲۸۲).
3.الكافي، ج ۱، ص ۳۹۶، ح ۹۷.