195
الحاشية علی اصول الكافي (النائيني)

۰.فهو فتنة لمن افْتَتَنَ به ، ضالٌّ عن هَدْي من كان قبلَه ، مُضلٌّ لمن اقتدى به في حياته وبعد موته ، حمّالُ خطايا غيرِهِ ، رَهْنٌ بخطيئته .
ورجل قَمَشَ جهلاً في جُهّال الناس ، عانَ بأغباش الفتنة ، قد سمّاه أشباه الناس عالما ، ولم يَغْنَ فيه يوما سالما ، بكَّرَ فاستَكْثَرَ ، ما قَلَّ منه خيرٌ ممّا كَثُرَ ، حتّى إذا ارتوى من آجِنٍ

وقوله: (ضالّ عن هَدْي من كان قبله) أي ببدعته (مضلّ لمن اقتدى به في حياته وبعد موته) أي بفتنته، فهذا الرجل هو الذي يريد الإصلاح، ويتّكل في الإصلاح على ما يحبّه ويراه إصلاحا، فيبتدعه، فجازاه اللّه لاعتماده في الإصلاح على رأيه وابتداعه واتّكاله على نفسه ، بأن وكله اللّه إلى نفسه فانتهى إلى ما انتهى إليه أمره، ولذا عبّر عنه بأنّه رجل وكله اللّه إلى نفسه .
وقال في الرجل الآخَر: (رجل قمش جهلاً).
و«القمش» ـ بالقاف والميم المفتوحة والشين المعجمة ـ : جمع الشيء من هاهنا ۱ ومن هاهنا ۲ ، وكذلك التقميش، وذلك الشيء القُماشُ .
والمراد بالجهل المأخوذُ عن غير ما هو المأخذ، فلايكون الاعتماد فيه إلاّ على توهّمات فاسدة وظنون باطلة أو روايات غير ثابتة ممّن هو الحجّة ، فيَضلّ هو بها، ويُضلّ غيرَه .
وقوله: (عانٍ بأغباش الفتنة) يقال: عنيتُ به فأنا عانٍ، أي اهتممت به واشتغلت. و «الأغباش» : جمع غَبَش محرّكةً بالباء الموحّدة بين المعجمتين، وهو البقيّة من الليل، أو ظلمةُ آخر الليل، أي مهتمٌّ مشتغل ببقيّة المظلم، أو الظلمةِ من الفتنة .
وقوله: (وقد سمّاه أشباه الناس) أي أمثالهم في الصورة الظاهريّة والقوى الحسّيّة والوهميّة (عالما) لتنزّلهم عن ۳ المرتبة اللائقة بالإنسانيّة من التمييز العقلي والتفكّر والتدبّر في الأُمور وعواقبها .
وقوله: (ولم يَغْنَ) أي لم يَعِش من غني بالكسر (فيه) أي في شغله (يوما سالما)

1.. في «خ» : «هنا» بدل «هاهنا» .

2.في «خ» : «من» .


الحاشية علی اصول الكافي (النائيني)
194

۰.من اللّه ، ويُعلِنُ الحقَّ ويُنَوِّرُه ، ويَرُدُّ كيدَ الكائدين ، يُعَبّرُ عن الضعفاء ، فاعتَبِروا يا اُولي الأبصار ، وتوكّلوا على اللّه » .

۶.محمّد بن يحيى ، عن بعض أصحابه ؛ وعليُّ بن إبراهيم ، عن هارون بن مسلم ، عن مسعدة بن صدقة ، عن أبي عبداللّه عليه السلام ؛ وعليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن محبوب ، رَفَعه ، عن أميرالمؤمنين عليه السلام أنّه قال :«إنَّ من أبغض الخلق إلى اللّه عزّ وجلّ لَرجلين : رجلٌ وَكَلَه اللّه إلى نفسه ، فهو جائرٌ عن قَصْد السبيلِ ، مَشعوفٌ بكلام بدعة ، قد لَهِجَ بالصوم والصلاة ؛

يدفع عن الإيمان ويمنع عنه أعداء الإيمان ، وهم أهل البِدع (ينطق بإلهام من اللّه و يُعلن الحقّ وينوّره) أي يظهر الحقّ ويقول به قولاً ظاهرا، ويجعله واضحا بيّنا بالبراهين والأدلّة الواضحة ، (ويردّ كيد الكائدين) أي يجيب عن شُبَههم (يعبّر عن الضعفاء) أي يتكلّم عن قِبَلهم. والضعفاء الذين ضعفوا عن إظهار الحقّ وإبانتِه بالأدلّة .
ويحتمل أن يكون «يعبّر عن الضعفاء» ابتداءَ كلامٍ من الصادق عليه السلام ، والمعنى أنّه صلى الله عليه و آله بقوله ذلك يعبّر عن الضعفاء ، أي الأئمّة الذين ظُلموا واستُضعفوا في الأرض.
وقوله: (فاعتبروا يا أُولي الأبصار) الظاهر أنّه من كلام الصادق عليه السلام .
قوله: (رجل وكله اللّه إلى نفسه) أي ترك إصلاحه، وصرف أمره إليه.
وقوله: (فهو جائر ـ إلى قوله ـ فهو فتنة) تفصيل للمذكور إجمالاً . و«الجور» : الميل عن الحقّ والقصدِ. «وقصد السبيل» استقامته، والمراد المائل عن السبيل المستقيم .
وقوله: (مشعوف بكلام بدعة) إمّا بالعين المهملة من شعفني حبّه، أي غشي الحبّ القلبَ من فوقه؛ أو بالغين المعجمة من شغفها حبّا، أي أصاب حبّه شغافَها. و«الشغاف» غلاف القلب. وقيل: سويداء القلب . و «اللهج» بالشيء: الولوع به والحرص فيه . و «الفتنة» : الامتحان والاختبار .
و «الضلال» و «الإضلال» اُطلق على ما يفتتن به .

  • نام منبع :
    الحاشية علی اصول الكافي (النائيني)
    سایر پدیدآورندگان :
    درايتی، محمد حسين
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1383
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 100293
صفحه از 672
پرینت  ارسال به