۰.الشبهات في مثل غَزْلِ العنكبوت لا يدري أصابَ أم أخْطَأ ، لا يَحسَبُ العلمَ في شيء ممّا أنكَرَ ، ولا يَرى أنّ وراء ما بلغ فيه مذهبا ، إن قاس شيئا بشيء لم يُكذِّبْ نظرَه ، وإن أظلم عليه أمرٌ اكْتَتَمَ به ؛ لما يعلم من جهل نفسه ، لكيلا يقال له : لا يعلم ، ثمّ جَسَرَ فقضى ، فهو مفتاح عَشَواتٍ ، رَكّابُ شبهاتٍ ، خبّاطُ جهالاتٍ ، لا يَعتذِرُ ممّا لا يعلم فيسلم ، ولا يَعَضُّ
وقوله: (فهو مِن لَبْس الشبهات في مثل غزل العنكبوت).
«اللبس» ـ بفتح اللام ـ : الخلط، والمعنى فهو من خلط الشبهات بعضِها ببعض، أو من خلط الشبهات بغيرها، فما عنده شيء إلاّ فيه شبهة (لا يدري أصاب أم أخطأ) حيث يفتي بما لا يعلم أنّه مأخوذ من مأخذه الذي ينبغي أن يؤخذ منه، بل يعتمد فيه على ما يميل بطبعه إلى الاعتماد عليه، فتارة يعتمد على شيء ويفتي، وتارة يعتمد على ما يقابله ويفتي بخلافه، (ولا يحسب) أن يكون لأحد (العلم في شيء ممّا أنكر) ولا يعلمه (ولا يرى أنّ ما ۱ وراء ما بلغ) من جمع الجهالات وخلط الشبهات (فيه مذهبا، إن قاس شيئا بشيء لم يُكذّب نظره) ويظنّ أنّ ما يميل إليه ويتوهّمه ممّا يُعتمد عليه (وإن أظلم عليه أمر) ولا يقع نظره فيه على شيء أصلاً حتّى شبهة (اكتتم به) وستره (لما يعلم من جهل نفسه لكي لا يقال له: لا يعلم) ولم يُظهر جهله (ثمّ) بعد ما كان على هذا الحال (جسر) أي جرأ و أقدم على الأمر الخطيرمن القضاء بالحكم بين الناس، أو الإفتاء فيما لا يعلم ولا يظنّ (فقضى) .
وقوله: (فهو مفتاح عَشَواتٍ) .
«العشوة» ۲ ـ بفتح العين وسكون الشين ـ : أن يركب أمرا على غير بيان، وهذا ناظر إلى قوله: «وإن قاس شيئا بشيء لم يكذّب نظره» .
وقوله: (رَكّاب شبهات) ناظر إلى قوله: «وإن أظلم عليه أمر» .