197
الحاشية علی اصول الكافي (النائيني)

۰.الشبهات في مثل غَزْلِ العنكبوت لا يدري أصابَ أم أخْطَأ ، لا يَحسَبُ العلمَ في شيء ممّا أنكَرَ ، ولا يَرى أنّ وراء ما بلغ فيه مذهبا ، إن قاس شيئا بشيء لم يُكذِّبْ نظرَه ، وإن أظلم عليه أمرٌ اكْتَتَمَ به ؛ لما يعلم من جهل نفسه ، لكيلا يقال له : لا يعلم ، ثمّ جَسَرَ فقضى ، فهو مفتاح عَشَواتٍ ، رَكّابُ شبهاتٍ ، خبّاطُ جهالاتٍ ، لا يَعتذِرُ ممّا لا يعلم فيسلم ، ولا يَعَضُّ

وقوله: (فهو مِن لَبْس الشبهات في مثل غزل العنكبوت).
«اللبس» ـ بفتح اللام ـ : الخلط، والمعنى فهو من خلط الشبهات بعضِها ببعض، أو من خلط الشبهات بغيرها، فما عنده شيء إلاّ فيه شبهة (لا يدري أصاب أم أخطأ) حيث يفتي بما لا يعلم أنّه مأخوذ من مأخذه الذي ينبغي أن يؤخذ منه، بل يعتمد فيه على ما يميل بطبعه إلى الاعتماد عليه، فتارة يعتمد على شيء ويفتي، وتارة يعتمد على ما يقابله ويفتي بخلافه، (ولا يحسب) أن يكون لأحد (العلم في شيء ممّا أنكر) ولا يعلمه (ولا يرى أنّ ما ۱ وراء ما بلغ) من جمع الجهالات وخلط الشبهات (فيه مذهبا، إن قاس شيئا بشيء لم يُكذّب نظره) ويظنّ أنّ ما يميل إليه ويتوهّمه ممّا يُعتمد عليه (وإن أظلم عليه أمر) ولا يقع نظره فيه على شيء أصلاً حتّى شبهة (اكتتم به) وستره (لما يعلم من جهل نفسه لكي لا يقال له: لا يعلم) ولم يُظهر جهله (ثمّ) بعد ما كان على هذا الحال (جسر) أي جرأ و أقدم على الأمر الخطيرمن القضاء بالحكم بين الناس، أو الإفتاء فيما لا يعلم ولا يظنّ (فقضى) .
وقوله: (فهو مفتاح عَشَواتٍ) .
«العشوة» ۲ ـ بفتح العين وسكون الشين ـ : أن يركب أمرا على غير بيان، وهذا ناظر إلى قوله: «وإن قاس شيئا بشيء لم يكذّب نظره» .
وقوله: (رَكّاب شبهات) ناظر إلى قوله: «وإن أظلم عليه أمر» .

1.في الكافي المطبوع : - «ما» .

2.العشوة، الناقة التي لا تبصر أمامها، وهي تخبط بيدها كلّ شيء . وركب فلان العشواء: إذا خبط أمره على غير بصيرة . الصحاح ، ج ۶، ص ۲۴۲۷ (عشا) .


الحاشية علی اصول الكافي (النائيني)
196

۰.واكْتَنَزَ من غير طائل جَلَسَ بين الناس قاضيا ضامنا لتخليص ما التبس على غيره ، وإن خالَفَ قاضيا سَبَقَه ، لم يأمَنْ أن يَنقُضَ حكمَه مَن يأتي بعدَه كفِعْلِهِ بمَن كانَ قبلَه ، وإن نزلَتْ به إحدى المبهمات المعضلات هَيَّأَ لها حشوا من رأيه ، ثمّ قطع به ، فهو من لَبْس

أي مَن جَمَع الجهلَ والاشتغال بالفتنة .
وقوله: (بَكَّرَ) أي بادَرَ كلَّ يوم إلى جمع الجهالات والاهتمام بظُلَم الفتن (فاستكثر) ۱
وحصّل كثيرا منها .
وقوله: (ما قلّ منه خير ممّا كثر) أي ما قلّ صدوره منه ولم يهتمّ به خيرٌ ممّا كثرواهتمّ به .
وهاتان الجملتان تدلاّن على عدم السلامة له أصلاً .
وقوله: (حتّى إذا ارتوى من آجن).
«الارتواء» : الشرب من الماء بقدر الحاجة. و«الآجن»: الماء المتغيّر الطعمِ واللونِ . شبَّه الجهالاتِ بالماء الآجن، وجَمْعَه بقدر يكفيه باعتقاده بالارتواء .
وقوله: (واكتنز) أي امتلأ (من غير طائل) أي من غير نافع ، أي ممّا لا نفع فيه .
وقوله: (جلس بين الناس قاضيا) . أي حاكما بينهم .
وقوله: (ضامنا لتخليص ما التبس على غيره) أي أخْذِ الخلاصة من مواقع ۲ الاشتباه . والمراد بالخلاصة الحقّ غير المخلوط بالشبهة والشكّ، وهذه في الفتاوى، كما أنّ الأُولى في القضايا والأحكام .
وقوله: (وإن خالف قاضيا سبقه لم يأمن أن ينقض حكمه مَن يأتي بعده كفعله بمن كان قبله) ناظرٌ إلى قوله: «جلس بين الناس قاضيا» .
وقوله: (وإن نزلت به إحدى المبهمات المعضلات هَيّأ لها حشوا من رأيه ثمّ قطع) ناظرٌ إلى قوله: «ضامنا لتخليص ما التبس على غيره» .

1.في «م» : «واستكثر» .

2.في «ل» : «مواضع» .

  • نام منبع :
    الحاشية علی اصول الكافي (النائيني)
    سایر پدیدآورندگان :
    درايتی، محمد حسين
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1383
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 100279
صفحه از 672
پرینت  ارسال به