215
الحاشية علی اصول الكافي (النائيني)

۰.رجلٍ منافقٍ يُظهر الإيمانَ ، مُتصنِّعٍ بالإسلام ، لا يَتأثَّمُ ولا يَتحرَّجُ أن يَكذبَ على رسول اللّه صلى الله عليه و آله متعمّدا ؛ فلو عَلِمَ الناسُ أنّه منافق كذّاب ، لم يَقبلوا منه ولم يُصدّقوه ، ولكنّهم قالوا هذا قد صَحِبَ رسولَ اللّه صلى الله عليه و آله ورآه وسَمِعَ منه ، وأخَذوا عنه وهم لا يَعرفون حالَه . وقد أخبَرَه اللّه عن المنافقين بما أخبَرَه ، ووَصَفَهم بما وَصَفَهم ، فقال عزّ وجلّ : « وَ إِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَ إِن يَقُولُواْ تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ » ثمَّ بَقوا بعدَه ، فَتَقَرَّبوا إلى أئمّة الضلالة والدُّعاةِ إلى النار بالزور والكَذِب والبهتان ، فَوَلّوهم الأعمالَ ، وحَمَلُوهم على رِقاب الناس ، وأكُلوا بهم الدنيا ، وإنّما الناسُ مع الملوك والدنيا إلاّ مَن عَصَمَ اللّه ، فهذا أحدُ الأربعة .
ورجلٍ سَمِعَ من رسول اللّه شيئا لم يَحْمِلْه على وجهه ووَهِمَ فيه ، ولم يَتعمَّدْ كذبا ، فهو في يده ، يقول به ، ويَعمل به ، ويَرويه ، فيقول : أنا سمعتُه من رسول اللّه صلى الله عليه و آله فلو عَلِمَ المسلمون أنّه وَهِمَ لم يَقبَلوه ، ولو عَلِمَ هو أنّه وَهِمَ لرَفَضَه .

والكاذب الذي يعتمد عليه إمّا ظاهر الصلاح، متصنّع بالإسلام، غير متحرّج من الكذب على رسول اللّه صلى الله عليه و آله ـ وقد أخبر سبحانه بوجودهم في عصره صلى الله عليه و آله وسلمووصفهم بما وصفهم، ثمّ بقوا بعده ـ وإمّا متحرّج عن الكذب على رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلمعمدا، ولكن يتوهّم ويغلط ، حيث لم يحفظ الحديث على وجهه، فيكذب عليه من حيث لا يدري .
والصادق إمّا غير عالم بالناسخ والمنسوخ، فيحدّث بالمنسوخ ويقول به، أو عالم بالناسخ والمنسوخ حافظٌ للحديث على وجهه، فلا يحدّث إلاّ بالناسخ أو بالمنسوخ ۱ على أنّه منسوخ متروك القولِ والعمل به بعد أن حفظه على وجهه الذي حدّث به رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، وأراد به من العموم والخصوص، والوجه المراد من الكلام الذي له وجهان .

1.في «خ» : «المنسوخ» .


الحاشية علی اصول الكافي (النائيني)
214

۰.إنّي سمعتُ من سلمانَ والمقدادِ وأبي ذرٍّ شيئا من تفسير القرآن وأحاديثَ عن نبيّ اللّه صلى الله عليه و آله غيرَ ما في أيدي الناس ، ثمّ سمعتُ منك تصديقَ ما سمعتُ منهم ، ورأيتُ في أيدي الناس أشياءَ كثيرةً من تفسير القرآن ، ومن الأحاديث عن نبيّ اللّه صلى الله عليه و آله أنتم تُخالفونَهم فيها ، وتَزعُمونَ أنّ ذلك كلَّه باطلٌ ؛ أفَتَرى الناسَ يَكذِبونَ على رسول اللّه صلى الله عليه و آله مُتعمِّدين ، ويُفسّرونَ القرآنَ بآرائهم؟
قال : فأقبَلَ عَلَيَّ ، فقال : «قد سألت فافهم الجواب : إنّ في أيدي الناس حقّا وباطلاً ، وصِدقا وكذبا، وناسخا ومنسوخا، وعامّا وخاصّا، ومحكما ومتشابها، وحِفظا ووَهما ، وقد كُذب على رسول اللّه صلى الله عليه و آله على عهده حتّى قام خطيبا فقال : أيّها النّاس ، قد كَثُرَتْ علَيَّ الكَذّابَةُ ، فمن كَذَبَ علَيَّ مُتعمّدا فَلْيتبوَّأ مَقعدَه من النار ، ثمّ كُذِبَ عليه من بعده ، وإنّما أتاكم الحديثُ من أربعةٍ ليس لهم خامس :

وقوله: (إنّ في أيدي النّاس ...) شروع في الجواب .
وقوله: (حقّا وباطلاً) أي من حيث الاعتقاد والرأي (وصدقا وكذبا) أي من حيث الرواية والنقل .
وقوله: (حفظا و وهما) أي محفوظا عند الراوي، متيقّنا له أنّه سمعه على ما ينقله، ۱ وموهوما له غير متيقّن الانحفاظ ، فينقله على ما يتوهّم أنّه سمعه عليه، سواء وافَقَ الحقّ رجما بالغيب ، أو لا .
وقوله: (قد كثرت عليّ الكِذابة) الكِذابة ـ كالكِتابة ـ مصدر، أي كثر الكذب عليَّ . ويحتمل أن يكون على صيغة المبالغة .
وقوله: (فمن كذب عليّ متعمّدا) أي لا عن وَهْمٍ .
قوله: (وإنّما أتاكم الحديث من أربعة) .
وجه الضبط أنّ الراويَ الذي يؤخذ عنه الحديث ويُعتمد على روايته إمّا كاذب، أو صادق .

1.في «خ» : «نقله» .

  • نام منبع :
    الحاشية علی اصول الكافي (النائيني)
    سایر پدیدآورندگان :
    درايتی، محمد حسين
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1383
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 101800
صفحه از 672
پرینت  ارسال به