217
الحاشية علی اصول الكافي (النائيني)

۰.فيَفهَمُ ، وكانَ منهم من يسألُه ولا يَستَفهِمهُ ، حتّى أن كانوا ليُحِبّونَ أن يَجيءَ الأعرابيُ والطارِئُ ، فيسألَ رسولَ اللّه صلى الله عليه و آله حتّى يَسمعوا .
وقد كنتُ أدخلُ على رسول اللّه صلى الله عليه و آله كلَّ يومٍ دَخْلَةً وكلَّ ليلةٍ دَخْلَةً ، فيُخليني فيها ، أدورُ معه حيث دارَ ، وقد عَلِمَ أصحابُ رسول اللّه صلى الله عليه و آله أنّه لم يَصْنَعْ ذلك بأحدٍ من الناس غيري ، فربّما كان في بيتي يأتيني رسولُ اللّه صلى الله عليه و آله أكثَرُ ذلك في بيتي ، وكنتُ إذا دخلتُ عليه بعضَ منازله أخلاني وأقام عنّي نساءه ، فلا يبقى عنده غيري ، وإذا أتاني للخلوة معي في منزلي لم تَقُمْ عنّي فاطمةُ ولا أحدٌ من بَنِيَّ ، وكنتُ إذا سألتُهُ أجابَني ، وإذا سَكَتُّ عنه وفَنِيَتْ مسائلي ابْتَدَأني ، فما نزلَتْ على رسول اللّه صلى الله عليه و آله آيةٌ من القرآن إلاّ أقْرَأنيها وأملاها عَلَيَّ ، فكتبتُها بخطّي ، وعَلَّمَني تأويلَها وتفسيرَها ، وناسخَها ومنسوخَها ، ومحكمَها ومتشابِهَها ، وخاصّها وعامَّها، ودعا اللّه أن يُعطِيَني فهمَها وحفظَها، فما نسيتُ آيةً من كتاب اللّه ولاعلما أملاه عَلَيَّ وكتبْتُه منذُ دعا اللّه لي بما دعا ، وما ترك شيئا علَّمَه اللّه ُ من حلال ولا حرام ،

بقوله (فما نزلت على رسول اللّه صلى الله عليه و آله آية من القرآن) فكلّ ما يحتاج إليه الناس محفوظ عندهم ، ولا يسع الناسَ تركُ الأخذ عنهم والاستبداد بآرائهم في الأخذ عن الكتاب، بل عليهم أن يراجعوا أهل البيت فيما فيه احتمالُ تخصيص، أو إرادة وجه دون وجه، أو وقوع نسخ، فبعد المراجعة إليهم إذا علم عدم تخصيص ، يفسّر العامّ على عمومه، وإذا علم عدم إرادة وجه آخر ، يحمل على هذا الوجه، وإذا علم عدم وقوع نسخ، عمل به وعُدَّ محكما .
وأمّا صنيع الجماهير من ترك المراجعة إليهم، والاستبداد بآرائهم، والاعتمادِ على ظنونهم وقياساتهم، ففيه من الاستهانة بأمر الدين ما لا ينبغي للمتديّن، وخصوصا بعد الاطّلاع على قوله صلى الله عليه و آله : «يا أيّها الناس إنّي تركت فيكم مَنْ إن أخذتم به لن تضلّوا: كتابَ اللّه وعترتي أهلَ بيتي». ۱

1.كمال الدين، ج ۱، ص ۲۳۸، الباب ۲۲، باب اتّصال الوصيّة من لدن آدم، ح ۵۷؛ الخصال، ص ۴۸۶، ح ۶۳؛ تحف العقول، ص ۳۰، خطبته في حجّة الوداع؛ العمدة، ص ۶۸، الفصل ۱۱، ح ۸۲ .


الحاشية علی اصول الكافي (النائيني)
216

۰.ورجلٍ ثالثٍ سَمِعَ من رسول اللّه صلى الله عليه و آله شيئا أمَرَ به ثمَّ نهى عنه وهو لا يعلَمُ ، أو سَمِعَه ينهى عن شيء ثمَّ أمر به وهو لا يعلم ، فحَفِظَ منسوخَه ولم يَحفَظِ الناسخَ ، ولو علم أنّه منسوخ لرَفَضَه ، ولو علم المسلمونَ إذ سمعوه منه أنّه منسوخٌ لَرَفَضُوه .
وآخَرَ رابعٍ لم يَكْذِبْ على رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، مُبغضٍ للكذب خوفا من اللّه وتعظيما لرسول اللّه صلى الله عليه و آله ، لم يَنْسَه ، بل حَفِظَ ما سمِع على وجهه ، فجاء به كما سمِع ، لم يَزِدْ فيه ولم يَنقُصْ منه ، وعلِم الناسخ من المنسوخ ، فعمِلَ بالناسخ ورَفَضَ المنسوخَ ، فإنَّ أمْرَ النبيّ صلى الله عليه و آله مثلُ القرآنِ ناسخٌ ومنسوخٌ ، وخاصٌّ وعامٌّ ، ومحكمٌ ومُتشابِهٌ قد كان يكون من رسول اللّه صلى الله عليه و آله الكلامُ له وجهان : كلامٌ عامٌّ ، وكلامٌ خاصٌّ مثلُ القرآن ، وقال اللّه عزَّ وجلَّ في كتابه : « وَ مَآ ءَاتَـلـكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَ مَا نَهَـلـكُمْ عَنْهُ فَانتَهُواْ » فيَشْتَبِهُ على من لم يعرِفْ ولم يَدرِ ما عَنَى اللّه ُ به ورسولهُ صلى الله عليه و آله ، وليس كلّ أصحاب رسول اللّه صلى الله عليه و آله كان يسألُه عن الشيء

وقوله: (فإنّ أمر النبيّ صلى الله عليه و آله وسلم مثل القرآن ...) بيان لوجود القسم الثاني والثالث بتحقّق الناسخ والمنسوخ في الأحاديث النبويّة، فيقع نقل المنسوخ والقولُ به لغير العالم بالناسخ، ويحقّق ۱ العامّ والخاصّ، والكلامُ له وجهان فيها، فيقع الاشتباه، وينقل العامّ على عمومه، ويقال به ويتوهّم، فيُحمل ما له الوجهان على غير المراد، فيحدّث عنه صلى الله عليه و آله وسلم بما فهمه .
ولمّا انتهى كلامه عليه السلام إلى أنّ الأحاديث كالقرآن في الاشتمال على الناسخ والمنسوخ والعامّ والخاصّ والكلام ذي الوجهين، عمّم البيان بعده ما يشملهما ، فبيّن أنّ ما جاز وقوعه في الحديث جاز وقوعه في القرآن، وأبان أنّ المرجع في بيان الكتاب والمبيِّنَ له رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم بقوله ۲ عزّ وجلّ «وَ مَآ ءَاتَـلـكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَ مَا نَهَـلـكُمْ عَنْهُ فَانتَهُواْ» .۳
ثمّ بيّن أنّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم أودع بيان ما يحتاج إلى البيان من الكتاب عند أهل بيته

1.في «خ ، ل ، م» : «تحقّق» .

2.في «خ» : «لقوله» .

3.الحشر (۵۹) : ۷ .

  • نام منبع :
    الحاشية علی اصول الكافي (النائيني)
    سایر پدیدآورندگان :
    درايتی، محمد حسين
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1383
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 101780
صفحه از 672
پرینت  ارسال به