223
الحاشية علی اصول الكافي (النائيني)

۰.فإنّما يأخُذُ سُحْتا وإن كانَ حقّا ثابتا له ؛ لأنّه أخَذَه بحكم الطاغوت ، وقد أمَرَ اللّه ُ أن يَكْفُروا به ، قال اللّه تعالى : « يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُواْ إِلَى الطَّـغُوتِ وَقَدْ أُمِرُواْ أَن يَكْفُرُواْ بِهِى » .
قلت : فكيف يصنعان؟ قال : «ينظران إلى من كانَ منكم ممّن قد روى حديثَنا ، ونَظَرَ

وقوله: (وما يحكم له فإنّما يأخذ سحتا) إن حمل على أنّه يأخذ أخذا سحتا ، أي حراما، فعلى عمومه، وإن حمل على أنّه يأخذ مالاً سحتا ، أي حراما عليه أن يتصرّف فيه، فمخصَّص بما لا يكون المدّعى به عينا معلومَ الحقّيّة للمدّعي؛ فإنّه له التصرّف في المأخوذ حينئذٍ ، بخلاف ما إذا كان ثابتَ الحقّيّة عنده بحكم الحاكم، أو مظنونَ الحقّيّة، أو مشكوكَها، أو كان المدّعى به دَينا؛ فالاستحقاق في العين والتعيّن ۱ في الدين بحكم الطاغوت لا يوجب جواز التصرّف .
وقوله: (فإنّما تحاكم إلى الطاغوت) أي الشيطان، أو ما يزيّن لهم أن يعبدوه من الأصنام .
ولمّا كان المتحاكم إلى الجائر متحاكما إلى من استند حكم الجائر إليه من الشيطان أو نفسِه وهواه، والمتحاكم إلى هوى نفسه كان متّخذا هواه إلها ومعبودا له، فكان المتحاكم إلى الجائر متحاكما إلى الطاغوت .
قوله: (من كان منكم ممّن قد روى حديثنا ...).
اعتُبر في المتحاكم إليه ـ بعد كونه على طريقة النجاة وسبيل الحقّ والرشاد ـ كونُه آخذا من روايات أهل البيت، ناظرا في حلالها وحرامها، عارفا بالأحكام التي تستنبط منها، والموصوف بهذه الصفات هو المعبّر عنه بالفقيه عند السلف، وبالمجتهد في هذه الأعصار عند الإماميّة، وإن كان المجتهد في العصر الأوّل بينهم مستعملاً في العامل بالقياس والرأي، ولذلك منعوا عن الاجتهاد، فالمجتهد عبارة عن العارف بالأحكام الشرعيّة الفرعيّة معرفةً مستندة إلى النظر في الحلال والحرام على ما في الأدلّة من الكتاب والروايات ۲ والأحاديث بعد الجمع والترجيح .

1.في «خ» : «التعيين» .

2.في «ل» : «على ما في الكتاب والأدلّة من الروايات» .


الحاشية علی اصول الكافي (النائيني)
222

۰.وفي حديث آخر : «خُذوا بالأحدَثِ» .

۱۰.محمّد بن يحيى ، عن محمّد بن الحسين ، عن محمّد بن عيسى ، عن صَفوانَ بن يحيى ، عن داودَ بن الحُصين ، عن عمرَ بن حنظلةَ ، قال :سألت أبا عبداللّه عليه السلام عن رجلَيْنِ من أصحابنا بينهما مُنازَعَةٌ في دَيْنٍ أو ميراثٍ ، فتحا كما إلى السلطان وإلى القضاة ، أيحِلُّ ذلك؟ قال : «من تَحاكَمَ إليهم في حقٍّ أو باطلٍ فإنّما تَحاكَمَ إلى الطاغوت ، وما يَحْكُمُ له

وبخاصّ آخر لآخر لمصلحة تستدعيه، كاختلافهم في الرواية عن الحجّة، أو في العمل لئلاّ يُصدَّقوا في تولاّهم بالحجّة، أو لا يظنّ بهم ذلك، إلى غير ذلك من الحِكَم ۱ وغيرها .
قوله: (بينهما منازعة في دَين أو ميراث ...).
ذِكْر الدين والميراث إمّا على سبيل التمثيل والمراد المنازعة مطلقا، أو المراد السؤال عن المنازعة في الدين أو الميراث، أي النزاع في الوارثيّة، أو في قدر الإرث في غير المجمع عليه بين المسلمين، أو في ثبوت الإرث بحصول ظنّ الحاكم به بإقامة الشهود مع عدم علم المدّعي؛ ففي جميع هذه الصور لا يجوز الأخذ بحكم الجائر، ويكون المأخوذ حراما، بخلاف الأعيان ومنافعها مع علم المدّعي؛ فإنّه وإن حرم الأخذ بحكم الجائر لكن لا يحرم المأخوذ الذي هو حقّه المعلوم له عليه، وحرمة المأخوذ في تلك الصور لا تنافي صحّة المقاصّة في الدَين المعلوم ثبوته وحقّيّته له، والمَعْنِيُّ بحرمة المأخوذ كونُه غيرَ جائز التصرّف فيه بعد الأخذ، وبحرمة الأخذ عدمُ جواز إزالة يد المدّعى عليه واستقرار اليد عليه .
وقوله عليه السلام : (فتحاكما إلى السلطان وإلى القضاة) أي السلطانِ الجائر وقُضاته .
وقوله عليه السلام في الجواب: (مَن تحاكم إليهم في حقّ أو باطل) يحتمل العموم والشمول للأعيان والديون والمواريث وغيرها .

1.في «ل» : «الحكمة» .

  • نام منبع :
    الحاشية علی اصول الكافي (النائيني)
    سایر پدیدآورندگان :
    درايتی، محمد حسين
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1383
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 101755
صفحه از 672
پرینت  ارسال به