269
الحاشية علی اصول الكافي (النائيني)

۶.محمّد بن يعقوب ، قال :حدّثني عِدَّةٌ من أصحابنا ، عن أحمدَ بن محمّد البرقيّ ، عن أبيه ، عن عليّ بن النعمان ، عن ابن مُسكان ، عن داودَ بن فَرْقَدٍ ، عن أبي سعيد الزُّهرِيّ ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : «كَفى لأُولي الألباب ـ بخَلْق الربِّ المسَخِّرِ ، ومُلكِ الربِّ

ولمّا كان الدهر ظرفَ الثابت بالنسبة إلى المتغيّر ، ويعبّر عنه بنسبة الثابت إلى المتغيّر، والزمان ظرفَ المتغيّر بما هو متغيّر، ويعبّر عنه بنسبة المتغيّر إلى المتغيّر، فكلّ ما في الدهر يتّصف بالنقص، أي يخلو عمّا يقبله ويستحقّه، أو يتّصف بما لا يليق به، والأحرى به الخلوُّ عنه؛ لكونه موضوعا للمتغيّر ۱ ، وكلّ ما في الزمان واقع في التغيّر؛ فبقوله: «ولا تنقصه الدهور» نفي كونه واقعا في الدهر وموضوعا للمتغيّر، أو مرتبطا بما في الدهر ارتباطا يوجب الاتّصاف بما يتّصف به الواقع في الدهر، وبقوله: «ولا تغيّره الأزمان» نفي كونه واقعا في الزمان أو مرتبطا بما في الزمان ارتباطا يوجب اتّصافه بصفات متغيّرة .
قوله: (كفى لأُولي الألباب بخلق الربّ المسخّر...).
«الخلق» : الإنشاء والإبداع، أو المراد به المخلوق.
وعلى الأوّل فالمسخّر اسم فاعل صفةٌ للخلق أو الربّ .
وعلى الثاني اسم مفعول إذا جُعل صفةً للخلق . وكلّ مقهور مذلَّل لا يملك لنفسه ما يخلّصه من القهر مسخَّر .
و «المُلْك» ـ بضمّ الميم وسكون اللام ـ : السلطنة والعزّ والقهر والغلبة .
و «الجلال» : العظمة والرِفعة والعلوّ .
و «الظاهر» : بمعنى البيّن، أو بمعنى العالي الغالب، أو بمعنى العالم بالأُمور .
وعلى الأوّل صفة للجلال . وعلى الأخيرين صفة للربّ على الظاهر .
و «النور» : ما به يظهر ويبصر الخفيّات المحجوبات عن الأبصار .

1.في «خ» : «للتغيّر» .


الحاشية علی اصول الكافي (النائيني)
268

۰.الأوهامُ ، ولا تَنْقُصُه الدُّهورُ ، ولا تُغَيِّرُهُ الأزمانُ» .

يعدّ به كالصورة لما تتعلّق به، فيدخل فيها النفس والعقل وأكثر الأعراض ۱ (ولا يحسّ) أي ليس من شأنه أن يُدرك بحاسّة البصر؛ فإنّ الإحساس في اللغة الإبصار ، قال في الغَريبَيْن : «قوله تعالى: «فَلَمَّآ أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ»۲ أي عَلِمَه وهو في اللغة أبصره، ثمّ وُضع موضعَ العلم والوجود. ومنه قوله تعالى: «هَلْ تُحِسُّ مِنْهُم مِّنْ أَحَدٍ»۳ أي هل ترى . يقال: هل أحسست فلانا أي هل رأيته؟» انتهى.
(ولا يجسّ) ۴ أي لا يمكن مسّه باليد (ولا يدرك بالحواسّ الخمس) أي لا بذاته ولا بكيفيّة له؛ فإنّه لا كيفيّة له فضلاً عن أن يكون له كيفيّة محسوسة بأحد من الحواسّ الظاهرة .
ثمّ نفى كونه مدركا بالحسّ الباطني بقوله: (لا تدركه الأوهام) فإنّ الوهم يدرِك كلَّ ما يدركه سائر الحواسّ الباطنيّة وهو يدرك ما لا يدركه سائر الحواسّ . فلمّا نفى كونه مدركا بالوهم، لزم كونه غير مدرك بشيء من الحواسّ الباطنة .
ثمّ أرادتنزيهه عن النقص والتغيّر فقال: (ولاتنقصه الدهور ۵ ولا تغيّره الأزمان) ۶ .

1.في حاشية «ت ، م» : قال ارسطو طاليس : إنّ أفاضل الفلاسفة ذكروا أنّ النفس في الجرم إنّما هي بمنزلة صورة بها تكون الجسم متنفّسا، كما أنّ الهيولى بالصورة تكون جسما، انتهى . وقال أيضا: والعقل الذي هو السيّد يوجد في النفس كثيرا، والنفس متّصلة به، إلاّ أن تتعدّى حدودها و تريد مفارقتها، فإذا فارقته كان ذلك موتها وفسادها، فإذا اتّصلت به حتّى يصيرا كأنّهما شيء واحد حَيَّتْ بحياة دائمة (منه دام ظلّه العالي).

2.آل عمران (۳) : ۵۲ .

3.مريم (۱۹) : ۹۸ .

4.في «ل ، م» : + «كما في بعض النسخ» .

5.في حاشية «خ» : الظاهر أنّ المراد بما هو واقع في الدهر النفوس المجرّدة عن المادّة في ذواتها المفتقرة إليها في أفعالها. والمراد بما هو واقع في الزمان الحركة والسكون، و ما لا يخلو وجوده عن الحركة والسكون أي الأجسام. فكلّ نفس و إن كانت ثابتة من حيث الذات لكنّها من حيث استكمالها بأفعالها لا محالة قد تخلو قبل الفعل عمّا يقبله ويستحقّه بعد الفعل، أو يتّصف قبل الفعل بما يتوقّع زواله بعد الفعل. فهذا أيضا نوع من التغيّر يجب تنزيه الربّ عنه . وأمّا التنزّه عن الحركة والسكون اللذين هما شأن الزمانيات فهو أبين من أن يحتاج إلى البيان (لراقمه خليل) .

6.في حاشية «ت» : نسبة الفلك مثلاً إلى أوضاعها «دهرٌ» . ونسبة أحد الأوضاع إلى الآخر «زمان» . ونسبة ?أحد العقول إلى الآخر «سرمد» ونسبة أحد العقول إلى معلولاته الحادثة أيضا «دهرٌ» .

  • نام منبع :
    الحاشية علی اصول الكافي (النائيني)
    سایر پدیدآورندگان :
    درايتی، محمد حسين
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1383
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 100132
صفحه از 672
پرینت  ارسال به