۴.عدَّة من أصحابنا ، عن أحمدَ بن محمّد بن خالد البرقيّ ، عن أبيه ، عن النضر بن سُوَيْدٍ ، عن يحيى الحلبيّ ، عن ابن مُسكان ، عن زرارةَ بن أعْيَنَ ، قال :سمعت أبا عبداللّه عليه السلام يقول : «إنَّ اللّه خِلْوٌ من خَلْقِه وخَلْقُه خِلْوٌ منه ، وكلُّ ما وقع عليه اسم شيء ما خلا اللّه َ فهو مخلوقٌ ، واللّه خالق كلِّ شيء ، تباركَ الذي ليس كمِثْله شيءٌ وهو السميع البصير» .
سبحانه موصوفا في حدّ ذاته بحقيقة الصفة، فحقيقتها موجودة بذاته متّحدة بالواجب تعالى، فكيف يخلق صفة؟ وإن كان موصوفا في حدّ ذاته بالأتمّ والأكمل، فكيف يتّصف بالناقص المضادّ للكامل؟ على أنّ نسبة الفاعل إلى المفعول نسبة بالوجوب، ونسبةَ قابل الشيء إليه نسبة بالإمكان، ولا يكون نسبة شيء واحد إلى شيء بالوجوب والإمكان إلاّ إذا كان له جهتان يأتلف منهما، فيقع الاختلاف من جهتين، وكلّ ما هذا شأنه ممكنٌ محتاجٌ في ذاته إلى علّة؛ لأنّ المتألّف لابدّ له من موجب له موجودٍ، ولا يكون أحدَهما لاتّحادهما خارجا، فيكون الموجود الموجب مغايرا له، وكلّ محتاج إلى مغاير له ممكنٌ مخلوقٌ.
قوله: (وكلّ ما وقع عليه اسم شيء ما خلا اللّه فهو مخلوق، واللّه خالق كلّ شيء) أي ابتداءً لا بأن يكون خالقَ شيء .
وقوله: (تبارك الذي ليس كمثله شيء) أي تقدّس وتنزّه الذي ليس شيء مثله. ويعلم من هذا كونه خالقا ابتداءً لكلّ شيء بأنّه لو خلق غيره لكان مثله في الخالقيّة والإيجاد والإلهيّة لخلقه، وهو منزّه عن أن يشاركه شيء في الخالقيّة؛ لأنّ المشارك في الخالقيّة يجب أن يكون مشاركا له في الإيحاب، ولا إيجاب إلاّ ممّا له الوجوب، والوجوب بالغير صفة للغير حقيقة، وإلاّ فيتأخّر عن الوجود، فيكون وجوبا لاحقا، لا سابقا مصحّحا للموجوديّة والإيجاب والإيجاد.
وقوله: (وهو السميع البصير).
إشارة إلى أنّ كونه سميعا بصيرا لا يوجب مشاركته ومماثلته لغيره. ولا اتّصافه بمخلوق كما في المخلوق.