۰.والأعيانَ ؛ فالأعيانُ : الأبدانُ ، والجواهرُ : الأرواحُ ، وهو جلَّ وعزَّ لا يُشْبِهُ جسما ولا روحا ، وليس لأحدٍ في خلق الرُّوح الحَسّاسِ الدَّرّاكِ أمرٌ ولا سببٌ ، هو المتفرِّدُ بخلق الأرواحِ والأجسامِ ، فإذا نَفَى عنه الشَبَهَيْنِ ـ شَبَهَ الأبدان ، وشبه الأرواح ـ فقد عَرَفَ اللّه َ باللّه ، وإذا شَبَّهَهُ بالرُّوحِ أو البدنِ أو النورِ فلم يَعْرِفِ اللّه َ باللّه .
۲.عدَّة من أصحابنا ، عن أحمدَ بن محمّد بن خالدٍ ، عن بعضِ أصحابنا ، عن عليّ بن عُقْبَةَ بن قيس بن سِمْعان بن أبي رُبَيْحَةَ مولى رسول اللّه صلى الله عليه و آله قالَ :سُئلَ أميرُ المؤمنين عليه السلام : بم عرفتَ ربَّك؟ قال : «بما عَرَّفَني نفسَه» . قيل : وكيف عَرَّفَكَ نفسَه؟ قال : «لا يُشبِهُهُ صورَةٌ ، ولا يُحَسُّ بالحواسّ ، ولا يُقاسُ بالناسِ ، قريبٌ في بُعده ، بعيدٌ في قُربِهِ ، فوقَ كلِّ شيءٍ ولا
بأنبيائه ورسله وحججه عليهم السلام فهو عز و جل باعثهم ومرسلهم ومتّخذهم حججا، وإن عرفناه بأنفسنا فهو عز و جل مُحدثها؛ فبه عرفناه» ۱ انتهى.
لكن على هذا يكون معرفة الرسول واُولي الأمر أيضا باللّه ، فلا ينبغي الفرق بينهما وبين معرفة اللّه في ذلك، وأيضا لا يلائمه قوله: «اعرفوا اللّه باللّه ».
اللهمّ إلاّ أن يقال: الفرق باعتبار أصناف المعرفة، فالمعرفة ۲ بالرسالة صنف من المعرفة باللّه ، والمعرفة بالمعروف صنف آخَرُ منها، ومعرفة اللّه فيها أصناف لا اختصاص لها بصنف. والمراد بـ «اعرفوا اللّه باللّه »: حَصِّلوا معرفة اللّه التي تحصل باللّه .
قوله: (علي بن عقبة بن قيس بن سمعان بن أبي ربيحة) ۳ وفي كتب الرجال بالراء المهملة المضمومة والباء المنقّطة تحتها نقطة ، ثمّ الياء المنقّطة تحتها نقطتين. وفي بعض النسخ بالزاي المفتوحة، والياءِ المثنّاة تحتُ، ثمّ حاءٍ مهملة.
قوله: (قال عليه السلام : لا يُشبهه صورة، ولا يُحسّ بالحواسّ، ولا يُقاس بالناس) أي عرفتُه بنفي الشِبه والمماثلة والمحدوديّة بالحواسّ والمقايسة بالناس. والمَعْنِيّ