337
الحاشية علی اصول الكافي (النائيني)

۰.فالبصر ، فانّه يُدرِكُ الأشياءَ بلا مماسّةٍ ولا مداخَلَةٍ في حيّز غيره ولا في حيّزه ؛ وإدراكُ البصر له سبيلٌ وسببٌ ، فسبيلُه الهواءُ وسببُه الضياءُ ، فإذا كانَ السبيلُ متّصلاً بينَه وبين المرئيّ ، والسبب قائم ، أدْرَكَ ما يُلاقي من الألوان والأشخاصِ ، فإذا حُمِلَ البصرُ على ما لا سبيلَ له فيه رَجَعَ راجعا ، فحكى ما وراءَه كالناظر في المرآة لا يَنْفُذُ بصرُه في المرآة ، فإذا

(وأمّا الإدراك بالمماسّة) أي بمماسّة حقيقة المدرَك (فمعرفة الأشكال) وهيئة إحاطة الحدود (من التربيع والتثليث) وأمثالهما (ومعرفة اللين والخشن) أي الخشونة (والحرّ والبرد).
(وأمّا الإدراك بلا مماسّة ولا مداخلةٍ ۱ فالبصر) أي الإبصار، أو إدراك البصر (فإنّه) أي البصر (يدرك الأشياء بلا مماسّة ولا مداخلة) بين حقيقة المبصَر، والبصر، لا في حيّز غير البصر، ولا في حيّز البصر. ولا ينافي ذلك كونُ الإبصار بتوسّط الشعاع ۲ وانطباع شبح المبصر في محلّ قوّة الإبصار.
وأمّا القسمان الأوّلان فلا شبهة في استحالتهما في الأوّل سبحانه.
وأمّا الثالث فمستحيل أيضا فيه سبحانه؛ لأنّ (إدراك البصر، له سبيل وسبب) لابدّ له منهما، (فسبيله الهواء) أي الفضاء الخالي عمّا يمنع من نفوذ الغير حتّى الشعاع ، (وسببه الضياء) يتحدّس باستحالته بدونهما، فإذا كان السبيل متّصلاً بينهما ولا يكون بينهما حاجب حال كون السبب الذي هو الضياء الحاصل للمرئيّ قائما أدرك البصر ما يلاقيه بالانطباع ۳ والشعاع أو بهما من الألوان والأشخاص من الأجسام والأشباح، فإذا حمل البصر على ما لا سبيل له فيه، وكلّف الرؤية ، رجع راجعا فلا يحكي ما كلّف رؤيته ، بل يكون حاكيا ما وراءه على أنّه المواجه المتوجّه إليه ، كالناظر في المرآة لا ينفذ بصره في المرآة؛ فإنّه إذا لم يكن لبصره سبيل رجع راجعا عمّا كلّف رؤيته، ولا سبيل إليه فيحكي حينئذٍ ما وراءه على أنّه المواجه

1.في «ل»: «وبلا مداخلة».

2.في «خ، ل، م»: «أو».

3.في «خ، ل، م»: «أو».


الحاشية علی اصول الكافي (النائيني)
336

۱۲.عليُّ بن إبراهيمَ ، عن أبيه ، عن بعض أصحابه ، عن هِشام بن الحكم ، قال :الأشياء كلُّها لا تُدرَكُ إلاّ بأمرين : بالحواسّ والقلب ؛ والحواسُّ إدراكُها على ثلاثة معان : إدراكا بالمداخلة ، وإدراكا بالمماسّة ، وإدراكا بلا مداخَلةٍ ولا مماسَّةٍ . فأمّا الإدراكُ الذي بالمداخَلة ، فالأصواتُ والمشامُّ والطعوم ، وأمّا الإدراكُ بالمماسّة فمعرفةُ الأشكالِ من التربيع والتثليث ومعرفةُ اللين والخشن والحرّ ، والبرد ، وأمّا الإدراكُ بلا مماسَّةٍ ولا مداخَلَةٍ

قوله : (أوهام القلوب أدقُّ من أبصار العيون) حيث تصل إلى ما لا يصل إليه إدراك العيون ، ويدقّ عن أن يُدرَك بها .
وقوله : (وأوهام القلوب لا تدركه فكيف أبصار العيون) أي يلزم من نفي أوهام القلوب نفي أبصار العيون ؛ فنفيها نفيٌ لهما .
قوله : (عن هشام بن الحكم قال : الأشياء لا تدرك إلاّ بأمرين) .
لمّا أورد الأحاديث المرويّة عن أهل البيت عليهم السلام في نفي الإبصار بالعيون وأوهامِ القلوب ، ذيّل الباب بما نُقل عن هشام بن الحكم الذي هو رأس أصحاب الصادق عليه السلام ورئيسُهم في الكلام ، الذي إنّما يُظنّ به أنّ كلامه مأخوذ عن أحاديث أهل البيت وأقوالهم عليهم السلام.
وملخَّص كلامه: أنّ إدراك الأشياء بالإحاطة بها على قسمين: إدراكٍ (بالحواسّ) أي الحواسّ الظاهرة، وإدراكٍ (بالقلب) أي بالقوّة العقليّة والحواسّ الباطنة.
والأوّل ينقسم: إلى إدراك بالمداخلة، وإدراك بالمماسّة ، وإدراكٍ لا بهما.
(فأمّا الإدراك بالمداخلة)، أي بمداخلة حقيقة ما هو مدرَك بالحسّ في الحاسّ ، فإدراك الأصوات - التي هي هيئة تموّج الهواء وما في حكمه ـ المدرَكةِ بوصول تموّج الهواء الداخل في الصماخ إلى حامل قوّة إدراكها، والمشموماتِ ـ التي هي الروائح ـ المدركة بوصول رائحة المتكيّف بها الداخل في المنخر إلى حامل قوّة إدراكها، والطعومِ والمذوقات ـ التي هي كيفيّات مذوقة ـ مدرَكةٌ بوصولها عند دخول المتكيّف بها في الفم إلى حامل قوّة إدراكها.

  • نام منبع :
    الحاشية علی اصول الكافي (النائيني)
    سایر پدیدآورندگان :
    درايتی، محمد حسين
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1383
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 100051
صفحه از 672
پرینت  ارسال به