۰.فِداك ـ أن تَكْتُبَ إلَيَّ بالمذهب الصحيح من التوحيد؟ فكتب إلَيَّ : «سألتَ ـ رحمك اللّه ـ عن التوحيد وما ذَهَبَ إليه مَن قِبَلَكَ ، فتعالى اللّه ُ الذي ليس كمثله شيءٌ وهو السميع البصير ، تعالى عمّا يَصِفُه الواصفونَ المشبِّهونَ اللّه َ بخلقه المفْتَرونَ على اللّه ، فَاعْلَمْ ـ رَحِمَك اللّه ـ أنَّ المذهَبَ الصحيحَ في التوحيد ما نَزَلَ به القرآنُ من صفات اللّه جلَّ وعزَّ ، فَانْفِ عن اللّه تعالى البطلانَ والتشبيهَ ، فلا نَفْيَ ولا تشبيهَ ، هو اللّه ُ الثابتُ الموجودُ ، تَعالى اللّه عمّا يَصِفُه الواصفونَ ، ولا تَعدوا القرآن فتَضِلّوا بعدَ البيان» .
۲.محمّد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان ، عن ابن أبي عُمير ، عن إبراهيمَ بن عبدالحميد ، عن أبي حمزةَ ، قال :قال لي عليّ بن الحسين عليهماالسلام : «يا أبا حمزةَ ، إنَّ اللّه لا يُوصَفُ بمحدوديّةٍ ، عَظُمَ ربُّنا عن الصفة ، فكيف يُوصَفُ بمحدوديّةٍ من لا يُحَدُّ ،
وقوله: (بالمذهب الصحيح من التوحيد) أي ما يتعلّق بذاته الأحديّة وصفاته.
وقوله: (وما ذهب إليه من قِبَلك) أي من بالأرض التي تستقبلك وتواجهها وتحلّ بها.
وملخّص جوابه عليه السلام نفي ما نقله من الوصف بالصورة والتخطيط بقوله: (فتعالى اللّه الذي ليس كمثله شيء وهو السميع البصير) أي تعالى اللّه الواجب الوجود الذي لا يصحّ عليه المماثلة والمشابهة في الحقيقة والصورة، ولا الخلوّ عن آثار الصفات الكمالية كالسمع والبصر (تعالى اللّه ) تأكيد لما سبق (عمّا يصفه الواصفون المشبّهون اللّه بخلقه، المفترون على اللّه ) أي المثبتون للواجب افتراءً عليه ما لا ينفكّ عن الإمكان ويلازمه، ثمّ الإشارة إلى ما يصحّ وصفه سبحانه به، وجعْلُ الضابط فيه كونَه ممّا نزل به القرآن من صفاته سبحانه، ثمّ التنبيه على نفي البطلان من حيث اتّصافه بالصفات الوجودية الكمالية بعد كونه واجبا وجوده السرمدي ، ونفي التشبيه من حيث إنّه واجب الوجود بذاته لا يصحّ عليه سمات الإمكان.
قوله: (إنّ اللّه لا يوصف بمحدوديّة) أي بانتهاء الحقيقة العقليّة والعينيّة بالعوارض والصفات العرضيّة العقليّة أو الحسّيّة.