343
الحاشية علی اصول الكافي (النائيني)

۰.إلينا فقال : «ما تَوَهَّمْتُمْ من شيء فَتَوَهَّمُوا اللّه َ غيرَه ، ثمّ قالَ : نحنُ ـ آلَ محمّدٍ ـ النَمَطُ الأوسَطُ الذي لا يُدرِكُنا الغالي ولا يَسْبِقُنا التالي ، يا محمّد ، إنَّ رسولَ اللّه صلى الله عليه و آله حين نَظَرَ إلى

ثمّ بيّن لهم طريق الهدى، فقال: (ما توهّمتم من شيء فتوهّموا اللّه غيره) أي كلّ ما يدرَك بأوهامكم فيجب أن يُسلب عنه سبحانه؛ لأنّ كلّ مدرَك بالوهم، أو العقل بحصوله في الذهن ممكن، وكلَّ ممكن مسلوب عنه سبحانه.
قوله: (ثمّ قال: نحن آل محمّد صلى الله عليه و آله النمط الأوسط...) أي ما روى عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله أنّه قال: «خير هذه الاُمّة النمط الأوسط، يلحق بهم التالي ويرجع إليهم الغالي» ۱ وارد في حقّنا نحن آل محمّد صلى الله عليه و آله ، فنحن النمط الأوسط الذي لا يدركنا الغالي ولا يسبقنا التالي.
والمراد بالغالي من يقول في النبي صلى الله عليه و آله ما لا يقولونه هم عليهم السلام في أنفسهم. والمراد بالتالي من يريد الخير بتتبّعه ليطّلع عليه ويوجَر على العمل به، فالغالي لا يدركهم ولا يلحقهم في سلوك طريق النجاة ما لم يرجع إليهم، فيجب عليه رجوعه إليهم من الغلوّ ومتابعتهم والانقياد لهم، والتالي لا يصل إلى طريق النجاة ولا يتيسّر له الاطّلاع عليه وسلوكه إلاّ بالأخذ عنهم، فلا يسبقهم بأن يصل إلى المطلوب لا بالتوصّل بهم، بل يلحق بهم وبوسيلتهم يصل إلى المطلوب .
ثم أراد عليه السلام أن يفسّر له الرواية المذكورةَ «إنّ محمّدا صلى الله عليه و آله رأى ربّه في هيئة الشابّ الموفق في سنّ أبناء ثلاثين سنة» بأنّ محمّدا صلى الله عليه و آله كان في هيئة الشابّ الموفق وأبناء ثلاثين سنة، لا أنّ الربّ كان في هيئة الشابّ الموفق وأبناء ثلاثين سنة؛ لأنّه عظم الربّ وجلَّ من أن يكون في صفة المخلوقين، وكيف يتّصف البريء من كلّ جهة عن الإمكان بما يلازم ۲ الإمكانَ ولا يفارقه ؟!
ثمّ قال السائل: إنّ ما ذكر في الحديث أنّه كان رجلاه في خضرة مِن حال مَن هو؟

1.الأمالي، للمفيد، ص ۳، المجلس الأوّل، ح ۳؛ الأمالي، للطوسي، ص ۱۲۵، ح ۱۲۹۲، المجلس ۳۰، ح ۹۰۵.

2.في «خ»: «يلازمه».


الحاشية علی اصول الكافي (النائيني)
342

۰.عن الحسن بن سعيد ، عن إبراهيمَ بن محمّد الخَزّاز ومحمّد بن الحسين قالا :ابن صالح ، دَخَلْنا على أبي الحسن الرضا عليه السلام فحَكَينا له أنّ محمّدا صلى الله عليه و آله رأى ربّه في صورة الشابِّ الموفَّقِ في سِنِّ أبناءِ ثلاثينَ سَنَةً وقلنا : إنَّ هشامَ بن سالم وصاحِبَ الطاق والميثميّ يقولون : إنّه أجوفُ إلى السُّرَّةِ والبقيّةُ صمدٌ؟ فخرَّ ساجدا للّه ثمَّ قال : «سبحانك ما عَرَفوكَ ولا وَحَّدوك ، فمِن أجْلِ ذلك وَصَفوكَ ، سبحانك لو عَرَفوكَ لَوَصَفوكَ بما وصفتَ به نفسَك ، سبحانك كيف طاوَعَتْهم أنفسُهم أن يُشَبِّهوكَ بغيرك ، اللّهمّ لا أصِفُك إلاّ بما وصفتَ به نفسَك ، ولا اُشَبِّهُكَ بخَلْقك ، أنت أهلٌ لكلّ خيرٍ ، فلا تَجْعَلْني من القوم الظالمينَ» . ثمَّ التفتَ

وقوله: (وقلنا: إنّ هشام بن سالم وصاحب الطاق والميثمي) حكايةُ قولهما ۱ على ما هو المنقول عندهم وإن لم يثبت عندنا ولا نظنّ بهم القولَ به، ولم يتعرّض عليه السلام في الجواب لحال النقل تصديقا وتكذيبا، وإنّما نفى صحّة القول بالصورة (فَخَرَّ ساجدا للّه ) شكرا لما أنعم اللّه عليه به من معرفته بصفاته التي وصف بها ذاته تعالى (ثمّ قال: سبحانك ما عرفوك ولا وحّدوك) أي القائلون بالصورة وما يتبعها؛ حيث قالوا بالصورة ووصفوه بصفات الأجسام من تجويف ما فوق السرّة ومُصمتيّة ما بقي، فضلّوا عمّا هو المقصود من معرفته وتوصيفه سبحانه بما هو متوحّد به (سبحانك لو عرفوك لوصفوك بما وصفت به نفسك) حيث يلزم المعرفة العلم بأنّ العقل عاجز عن إدراكه بآلة ولا بآلة ۲ . ومَن عرف عجزه عن معرفة ذاته سبحانه وكنه صفاته لا يصفه إلاّ بما وصف سبحانه به نفسه (سبحانك كيف طاوعتهم أنفسهم أن يشبّهوك بغيرك) فإنّ معتقد الاُلوهيّة، المقرَّ بالتوحيد لا يطاوع نفسه أن يشبّه إلهه المتوحِّدَ بالإلهيّة بغيره من المألوهين.
ثمّ صَدَعَ بالحقّ، وقال: (اللهمّ لا أصفك إلاّ بما وصفت به نفسك ولا أُشبّهك بخلقك ، أنت أهل لكلّ خير، فلا تجعلني من القوم الظالمين).

1.في «خ»: «قولهم».

2.في «خ»: - «ولا بآلة».

  • نام منبع :
    الحاشية علی اصول الكافي (النائيني)
    سایر پدیدآورندگان :
    درايتی، محمد حسين
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1383
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 100222
صفحه از 672
پرینت  ارسال به