349
الحاشية علی اصول الكافي (النائيني)

۰.لا تُدرِكُه الأبصارُ ، وهو يُدْرِكُ الأبصارَ ، لا إلهَ إلاّ هو العليُّ العظيمُ ، وهو اللطيفُ الخبيرُ» .

باب النهي عن الجسم والصورة

۱.أحمدُ بن إدريس ، عن محمّد بن عبدالجبّار ، عن صَفوانَ بن يحيى ، عن عليّ بن أبي حمزةَ ، قال :قلتُ لأبي عبداللّه عليه السلام : سمعتُ هِشامَ بن الحكم يروي عنكم أنّ اللّه جسمٌ ، صمديٌّ ، نوريٌّ ، معرفَتُه ضرورة ، يَمُنّ بها على مَن يشاءُ من خلقه ، فقال عليه السلام : «سبحان من

وقوله: (لا تدركه الأبصار) دليل على نفي التمكّن في المكان؛ فإنّ كلّ متمكّن في المكان ممّا يصحّ عليه الإدراك بالأوهام.
وقوله: (وهو يدرك الأبصار) على حضوره عقلاً وشهوده علما.
وقوله: (لا إله إلاّ هو العليّ العظيم) على ۱ عدم كونه داخلاً في شيء دخول الجزء العقلي أو الخارجي فيه.
وقوله: (وهو اللطيف الخبير) يدلّ على جميع ذلك.

باب النهي عن الجسم والصورة

قوله: (سمعت هشام بن الحكم يروي عنكم أنّ اللّه جسم صمدي نوري، معرفته ضرورة).
لو صحّ الرواية عن هشام بن الحكم فلعلّ مراده بالجسم: الحقيقةُ العينيّة القائمة بذاتها لا بغيرها كالحقائق الناعتيّة من الصفات والأفعال، وبالصمدي: ما لا يكون خاليا في ذاته عن شيء فيستعدّ لأن يدخل هو فيه، أو مشتملاً على شيء يصحّ عليه خروجه عنه ، وبالنوري: ما يكون صافيا عن ظُلَم الموادّ وقابليّاتها، بل عن المهيّة المغايرة للوجود وقابليّتها له، وبمعرفته: الاطّلاعَ على حقيقته العينيّة بالظهور الحضوري، وبكونها ضرورةً: أنّه يمتنع تحصيلها بالنظر؛ حيث لا ذاتي له، ولا صفة حقيقيّة زائدة على الذات، إنّما حصولها بانكشاف بتجلّيه سبحانه على نفوسٍ زكيّة

1.في «ل»: «دليل على».


الحاشية علی اصول الكافي (النائيني)
348

۰.يُدْرِكُ الأبصارَ ، وهو اللطيفُ الخبيرُ ، ولا يوصَفُ بكيفٍ ولا أين وحَيثٍ ، وكيفَ أصِفُه بالكَيْفِ وهو الذي كَيَّفَ الكيفَ حتّى صارَ كيفا ، فعُرِفَتِ الكيفُ بما كَيَّفَ لنا من الكيفِ ، أم كيف أصِفُهُ بأينٍ! وهو الذي أيَّنَ الأينَ حتّى صارَ أينا ، فَعُرِفَتِ الأينُ بما أيَّنَ لنا من الأين ، أم كيفَ أصِفُه بحيثٍ! وهو الذي حَيَّثَ الحَيْثَ حتّى صارَ حيثا ، فَعُرِفَتِ الحيثُ بما حَيَّثَ لنا من الحيثِ ، فاللّه ُ ـ تبارك وتعالى ـ داخِلٌ في كلِّ مكانٍ ، وخارجٌ من كلّ شيء،

قوله: (وكيف أصفه بالكيف وهو الذي كيّف الكيف) أي هو موجد الكيف ومحقّق حقيقته في موضوعه حتّى صار كيفا له، فعرفت الكيف بما أوجده فينا وجعله حالاً لنا من الكيف، فالمعلوم لنا من الكيف ما نجده فينا منه وأمثالها ۱ ، ولا نعرف كيفا سوى أنواع هذه المقولة التي نجدها من حقائق صفاتنا وطبائعها، واللّه سبحانه أجلُّ من أن يوصف بها بالاتّحاد، أو القيام والحلول.
وكذا الكلام في الأين، والمراد به كون الشيء في المكان، أو الهيئة الحاصلة للمتمكّن باعتبار كونه في المكان ، وهو أيضا ممّا أوجده سبحانه، وحقّق حقيقته في موضوعه، حتّى صار أينا له، فعرفت الأين بما أوجده فينا وجعله حالاً لنا من الأين، فالمعلوم لنا من الأين ما نجده فينا، وما هو من هذه المقولة من جنس حقائق صفاتنا وطبائعها ۲ ، واللّه سبحانه أجلُّ من أن يوصف بها.
وكذا الكلام في «حيثٍ» وهو اسم للمكان للشيء، واللّه سبحانه موجده ومحقّقُ حقيقته وجاعله مكانا للتمكّن فيه ، فعرفت الحيث بما أوجده مكانا لنا، فالمعلوم لنا من الحيث ما نجده مكانا لنا وما هو من جنس حقيقته وطبيعته، واللّه سبحانه أجلُّ من أن يوصف بها، وبسائر ما لا يفارق الإمكان.
قوله: (فاللّه تعالى داخل في كلّ مكان) أي حاضر بالحضور العقلي غير غائب، فلا يعزب عنه المكان، ولا المتمكّن فيه، ولا يخلو عنه مكان بأن لا يحضره بالحضور العقلي والشهود العملي، وأمّا الدخول كما للمتمكّن في المكان أو للجزء العقلي أو الخارجي في الكلّ، فهو سبحانه منزّه عنه، وخارج من كلّ شيء.

1.في «خ» وحاشية «ل»: «أمثاله».

2.في «ل»: «طبائعنا».

  • نام منبع :
    الحاشية علی اصول الكافي (النائيني)
    سایر پدیدآورندگان :
    درايتی، محمد حسين
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1383
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 99962
صفحه از 672
پرینت  ارسال به