۰.مَن فَهِمَ هذا الحكمَ أبدا ، وهو التوحيدُ الخالصُ ، فَارْعَوْهُ وصَدِّقوه وتَفَهَّموهُ بإذن اللّه ، من زَعَمَ أنّه يَعرِفُ اللّه َ بحجابٍ أو بصورةٍ أوبمثالٍ فهو مشركٌ؛ لأنَ حجابَه ومثالَه وصورتَه غيرُه، وإنَّما هو واحدٌ متوحِّدٌ ، فكيف يُوَحِّدُهُ من زَعَمَ أنّه عَرَفَه بغيره ، وإنّما عَرَفَ اللّه َ من عَرَفَه باللّه ، فمن لم يَعْرِفْه به فليس يَعرِفُه ، إنّما يَعرِفُ غيرَه ، ليس بين الخالقِ والمخلوقِ شيءٌ ، واللّه ُ خالقُ الأشياء لا من شيءٍ كانَ ، واللّه ُ يُسَمَّى بأسمائه وهو غيرُ أسمائه والأسماءُ غيرُه» .
(فيعرفَ كينونيّته) وصفات حدوثه (بصنع صانعه) كما يعرف المعلولات بالعلل.
وقوله: (ولم يتناه إلى غاية) أي لم يتناه من حيث الفعل والإيجاد إلى نهاية (إلاّ كانت) هذه النهاية (غيره) ومباينةً له، غيرَ محمولة عليه.
وقوله: (لا يذلّ من فهم هذا الحكم أبدا) أي لا يذلّ ذُلَّ الجهلِ والضلال من فهم هذا الحكم، وعَرف سلب جميع ما يغايره عنه (وهو) أي سلب جميع ما يغايره عنه (التوحيد الخالص).
وقوله: (فارعوه) من الرعاية. وفي بعض النسخ «فاوعوه» بالواو، أي فاحفظوه. وفي بعضها بالدال، أي كونوا مدّعين ۱ له مصدّقين به. والمعاني فيها متقاربة.
وقوله : (من زعم أنّه يعرف اللّه بحجاب أو بصورة أو بمثال) أي بحقيقة من الحقائق الإمكانية كالجسم أو النور، أو بصفة من صفاتها التي هي عليها كما اُسند إلى القائلين بصورة، أو بصفة من صفاتها عند حصولها في العقل كما في قول الفلاسفة في رؤية العقول المفارقة (فهو مُشْرِكٌ) لأنّ الحجاب والصورة والمثال كلّها مغايرة له، غير محمولة عليه، فمن عبد الموصوف بها عبد غيره، فكيف يكون موحّدا له، عارفا به (إنّما عرف اللّه من عرفه) بذاته وحقيقته المسلوبة عنه جميع ما يغايره (فمن لم يعرفه به فليس يعرفه، إنّما) يكون (يعرف غيره) وكلّ ما يغايره مخلوق؛ إذ ليس بين الخالق والمخلوق شيء (واللّه خالق الأشياء لا من شيء كان) سابقٍ على المخلوقات؛ إذ لا واسطة بين الخالق والمخلوق (واللّه يسمّى بأسمائه) وهي غيره، وكلّ ما يغايره مخلوق له، فالاسم مخلوق له محدَثٌ.