395
الحاشية علی اصول الكافي (النائيني)

۰.كيفٍ ، وإنّما الكيفيّةُ للمخلوق المُكيَّفِ ؛ وكذلك سمّينا ربّنا قويّا لا بقوّةِ البَطْشِ المعروفِ من المخلوقِ ، ولو كانت قُوَّتُه قوَّةَ البطشِ المعروفِ من المخلوقِ لوَقَعَ التشبيهُ ولاحْتَمَلَ

قوله: (وكذلك سمّينا ربّنا قويّا لا بقوّة البطش المعروف من المخلوق) أي ليس كونه سبحانه قويّا باتّصافه بالكيفيّة التي نعرفها في الخلق ونسمّيها «قوّة» وهي مبدأ صدور الأخذ بالعنف والسطوة، بها يقع البطش والأخذ الشديد بالعنف، بل كونه قويّا بنفي العجز عنه سبحانه.
وأبطل كون قوّته قوّة البطش المعروف من المخلوق بوجهين:
أحدهما: لزوم وقوع التشبيه، وكونُه مادّيا مصوَّرا بصورة المخلوق.
وثانيهما: لزوم كونه سبحانه محتملاً للزيادة؛ لأنّ الموصوف بمثل هذه الكيفيّة لابدّ لها من مادّة قابلة لها، متقوّمةٍ بصورة جسمانيّة، موصوفةٍ بالتقدّر بقدر ۱ والتناهي والتحدّدِ بحدّ لا محالة، فيكون لا محالة حينئذٍ موصوفا بالزيادة على ما دونه من ذوي الأقدار، وكلّ موصوف بالزيادة الإضافيّة موصوف بالنقصان الإضافي لوجهين ۲ :
أحدهما: أنّ المقادير الممكنة لاحدّ لها تقف عنده في الزيادة، كما لاحدّ لها في النقصان، فالمتقدّر بمقدار متناهٍ يتّصف بالنقص الإضافي بالنسبة إلى بعض الممكنات وإن لم يكن يدخل في الوجود.
وثانيهما: أنّه يكون حينئذٍ لا محالة موصوفا بالنقص الإضافي بالنسبة إلى مجموع الموصوف بالزيادة الإضافية والمقيس إليه، فيكون أنقصَ من مجموعهما، وما كان ناقصا بالنسبة إلى غيره من الممكنات لا يكون قديما واجب الوجود لذاته؛ لأنّه علّة ومبدأ لكلّ ما يغايره، والمبدأ المفيض أكمل وأتمُّ من المعلول الصادر عنه المُفاضُ عليه منه، فكلّ ناقص إضافي أحقُّ بالمعلوليّة من المبدئيّة لما هو أكملُ وأزيد منه، وهذا ينافي ربوبيّته ويتمّ به المطلوب، لكنّه لمّا أراد إلزام ما هو أظهرُ

1.في «م»: + «واحد».

2.في «خ»: «بوجهين».


الحاشية علی اصول الكافي (النائيني)
394

۰.وكذلك قولك : عالمٌ ، إنّما نفيتَ بالكلمة الجهلَ وجعلتَ الجهلَ سواه ، وإذا أفنى اللّه ُ الأشياء أفنى الصورةَ والهجاءَ والتقطيعَ ، ولا يزالُ من لم يزل عالما» .
فقال الرجل : فكيف سَمَّيْنا رَبَّنا سميعا؟ فقال : «لأنّه لا يَخفى عليه ما يُدرَكُ بالأسماع ، ولم نَصِفْه بالسمع المعقولِ في الرأس؛ وكذلك سمّيناه بصيرا لأنّه لا يخفى عليه ما يُدرَكُ بالأبصار ، من لونٍ أو شخصٍ أو غير ذلك ، ولم نَصِفْهُ بِبَصَرِ لَحْظَةِ العين ؛ وكذلك سمّيناه لطيفا لعِلْمِه بالشيء اللطيف ، مثل البَعوضةِ وأخفى من ذلك ، وموضِعِ النشوءِ منها ، والعقلِ والشهوةِ للسَّفادِ والحَدَبِ على نَسْلِها ، وإقامِ بعضِها على بعضٍ ونَقْلِها الطعامَ والشرابَ إلى أولادِها في الجبالِ والمفاوِزِ والأوديةِ والقِفارِ ، فعَلِمْنا أنَّ خالِقَها لطيفٌ بلا

فمعنى القدرة فيه نفي العجز، لا صفةٌ وكيفيّة موجودة، فجعلتَ العجز مغايرا له، منفيّا عنه، ونفي المغاير عن الشيء مغايرٌ له كالمنفيّ عنه.
(وكذلك) إذا قلت (قولَك: عالم) إنّما نفيت بهذا القول الجهل، وجعلت الجهل منفيّا عنه، ونفيه عنه مغاير له، فمعانيها مغايرة للذات، وصورُها وألفاظها وأشكالها فانية، وهو سبحانه لم يزل ولا يزال قادر عالم بذاته، أي هو بذاته مناط نفي العجز والجهل، وهذه المعاني ـ التي ذاته مناط لها ـ ليست هي هو، فالعلم والقدرة بمعنى مناط نفي الجهل والعجز لا يغاير الذات. وأمّا مفهومات نفي الجهل والعجز فمغايرة للذات بلا شبهة، والعجزُ والجهل وأشباههما وإن كانت أعداما لكنّها أعدامُ ملكاتٍ لها حظٌّ من الثبوت، به يصحّ أن يُنفى أو يُثبت.
ثمّ سأل السائل عن كيفيّة التوصيف بالسمع، فقال: (فكيف سمّينا ربّنا سميعا؟) فقال عليه السلام : إنّ المراد بالسمع الموصوف هو به نفيُ خَفاء ما يدرَك بالأسماع عليه. وأمّا السمع الذي نعقله في الرأس فلم نصفه به، وكذلك التوصيف بالبصر فإنّما وصفناه بنفي خَفاء ما يدرَك بالأبصار عليه، ولم نصفه بالبصر بالنظر والالتفات بالعين.
ثمّ أفاد كيفيّة التوصيف باللطف، وأنّه لا كيف له إنّما سمّيناه لطيفا؛ لعلمه بالشيء اللطيف وعدم خَفائه عليه.

  • نام منبع :
    الحاشية علی اصول الكافي (النائيني)
    سایر پدیدآورندگان :
    درايتی، محمد حسين
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1383
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 100184
صفحه از 672
پرینت  ارسال به