419
الحاشية علی اصول الكافي (النائيني)

۲.وعنه ، رَفَعَهُ ، عن الحسن بن راشد ، عن يعقوبَ بن جعفر ، عن أبي إبراهيمَ عليه السلام أنّه قال :«لا أقولُ : إنّه قائمٌ فاُزيلَه عن مكانه ، ولا أحُدُّه بمكانٍ يكونُ فيه ، ولا أَحُدُّهُ أن يَتَحَرَّكَ في شيء من الأركان والجوارح ، ولا أحُدُّهُ بلفظِ شَقِّ فَمٍ ، ولكن كما قال اللّه تبارك وتعالى : « كُن فَيَكُونُ » بمشيئته من غير تردُّدٍ في نفسٍ ، صمدا فردا ، لم يَحْتَجْ إلى شريك يَذكُرُ له مُلكَه ، ولا يَفتَحُ له أبوابَ علمِه».

۳.وعنه ، عن محمّد بن أبي عبد اللّه ، عن محمّد بن إسماعيل ، عن داودَ بن عبد اللّه ، بأنّه عالم بجميع أحوالك في جميع الأوقات، أو توكّل عليه في توصيفه بصفاته، فقل في صفته بما وصف به نفسَه، ولا تعتمد في توصيفه على ما يذهب إليه وهمك.
قوله:
(لا أقول: إنّه قائم فأُزيلَه عن مكانه) أي لا يتّصف بالقيام اتّصافَ الأجسام والمكانيّات؛ لاستلزامه الزوالَ في الجملة عن مكانه كزوال ما يقوم من الأجسام عن مكانه الذي استقرّ فيه، وما لا يمكن فيه التمكّن لا يتّصف بالزوال عن المكان أصلاً؛ ولأنّ القيام نسبة إلى المكان بخلوّ بعض المكان عن بعض القائم عنه ۱ ، وشُغل بعضه ببعضه، ونسبته سبحانه بكلّ الأمكنة سواء، لا يجوز عليه شغلُ مكانٍ من الأمكنة به، ولا خلوُّ مكانٍ عنه، ولا يتّصف سبحانه بالتحرّك في شيء من الأركان والجوارح، ولا بشقّ فم ولكن يُكَوِّن الأشياءَ بقوله: (كن) لا بجارحة وعضو (من غير تردّد في نَفَسٍ صمدا) لا جوف له (فردا لم يحتج ملكه إلى شريك يذكر له ولا) إلى شريك (يفتح له أبواب علمه) أو المراد لم يحتج هو إلى شريك يذكر له ملكه ولا شريك يفتح له أبواب علمه.
قوله: (وعنه عن محمّد بن أبي عبداللّه ) كأنّه قوله: «عن محمّد بن أبي عبداللّه » كُتب بدلاً عن قوله «عنه» أو بيانا وجمع بينهما في هذه النسخ ۲ .
عن عمرو بن محمّد، عن عيسى بن يونس ، قالَ : قال ابن أبي العوجاء لأبي عبد اللّه عليه السلام في بعض ما كان يُحاوِرُهُ : ذكرتَ اللّه فأحَلْتَ على غائب ، فقال أبو عبد اللّه : «ويلك ، كيف يكون غائبا مَن هو مع خَلْقِه شاهدٌ ، وإليهم أقربُ من حَبْلِ الوريدِ ، يَسمَعُ كلامَهم ، ويَرى أشخاصَهم ، ويَعلَمُ أسرارَهم؟».
فقال ابن أبي العوجاء : أهو في كلّ مكانٍ ، أليس إذا كان في السماء كيف يكونُ في الأرض؟ وإذا كان في الأرض كيف يكونُ في السماء؟ فقال أبو عبد اللّه عليه السلام : «إنّما وَصَفْتَ المخلوقَ الّذي إذا انتقلَ عن مكان اشتغلَ به مكانٌ وخَلا منه مكانٌ ، فلا يَدرِي في المكان الّذي صارَ إليه ما يَحدُثُ في المكان الّذي كانَ فيه ، فأمّا اللّه ُ العظيمُ الشأنِ المَلِكُ الديّانُ ، فلا يَخْلُو منه مكانٌ ، ولا يَشتَغِلُ به مكانٌ ، ولا يكونُ إلى مكانٍ أقربَ منه إلى مكانٍ» .

1.في حاشية «ت ، م» : «عليه» .

2.في حاشية «ت»: أي كتب في بعض النسخ نسخة بدلاً، وفي بعض النسخ قيدا وبيانا، وفي هذه النسخة جمع بينهما.


الحاشية علی اصول الكافي (النائيني)
418

۰.فَاحْذَروا في صفاته من أن تَقِفُوا له على حدٍّ تَحُدُّونَه بنقص أو زيادةٍ ، أو تحريكٍ أو تحرُّكٍ ، أو زوالٍ أو استنزالٍ ، أو نُهوضٍ أو قُعودٍ ، فإنّ اللّه َ جلَّ وعزَّ عن صفةِ الواصفين ، ونَعْتِ الناعتين ، وتَوَهُّمِ المتوهّمينَ ؛ وتَوَكَّلْ على العزيز الرحيم الّذي يَراك حين تَقومُ وتَقَلُّبَكَ في الساجدينَ».

هو أزيدُ منه، وبالزيادة على ما هو أنقصُ منه، والوجوب الذاتي ينافي تحمّل الزيادة والنقصان؛ لاستلزامه التجزّي والانقسام المستلزمَ للإمكان.
وأيضا (كلّ متحرّك محتاج إلى من يحرّكه أو يتحرّك به) لأنّ المتحرّك إمّا جسم، أو متعلّق بالجسم. والجسم المتحرّك لابدّ له من محرّك؛ لأنّه ليس بمتحرّك بجسميّته، والمتعلّق بالجسم لابدّ له في تحرّكه من جسم يتحرّك به، وهو سبحانه منزّه عن الاحتياج إلى المحرّك، وعن التغيّر بمغيّر، وعن التعلّق بجسم يتحرّك به (فمن ظنّ باللّه ) هذه (الظنون هلك) وسقط عن منهاج الصواب وطريق النجاة.
قوله: (فاحذروا في صفاته من أن تقفوا له) أي فاحذروا من أن تصفوه بما لا يليق به من التحديد بنقص، أو زيادة، أو تحريك، أو تحرّك .
وقوله: «أن تقفوا» يحتمل وجهين:
أحدهما: أن يكون من «وقف يقف» أي أن تقيموا في الوصف له وتوصيفه على حدّ فتَحدّونه بنقص أو زيادة، أو تحريك، أو تحرّك، أو زوال، أو استنزال، أو نهوض، أو قعود إلى غيرها من صفات الأجسام والجسمانيّات.
وثانيهما: أن يكون من «قفا يقفوا» أي أن تتبّعوا له في البحث عن صفاته تتبّعا (على حدّ تحدّونه بنقص أو زيادة).
وقوله: (فإنّ اللّه جلّ وعزّ عن صفة الواصفين ونعت الناعتين) لأنّه سبحانه أجلُّ وأعزُّ من أن يتّصف بمدرَكات عقول الناس ومحصورات مداركهم وما يصل إليه أوهامُهم.
وقوله: (وتوكّل على العزيز الرحيم) أي توكّل عليه في جميع اُمورك، عارفا

  • نام منبع :
    الحاشية علی اصول الكافي (النائيني)
    سایر پدیدآورندگان :
    درايتی، محمد حسين
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1383
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 100205
صفحه از 672
پرینت  ارسال به