427
الحاشية علی اصول الكافي (النائيني)

۰.وذلك نورٌ من عظمته ، فبعظمتِه ونورِه أبصَرَ قلوبُ المؤمنينَ ، وبعظمته ونوره عاداه الجاهلونَ ، وبعظمته ونورِه ابتَغَى مَن في السماوات والأرض من جميع خلائقه إليه الوسيلةَ بالأعمال المختلفة والأديان المشتبهة ؛ فكلُّ محمولٍ يَحمِلهُ اللّه ُ بنوره وعظمتِه وقدرتِه لا يَستَطيعُ لنفسه ضَرّا ولا نَفعا ولا مَوتا ولا حياةً ولا نُشورا ، فكلُّ شيء ، محمولٌ ، واللّه ُ ـ تبارك وتعالى ـ الممسكُ لهما أن تزولا ، والمحيطُ بهما من شيء وهو حياةُ كلِّ شيءٍ ، سبحانَه وتعالى عمّا يقولونَ علوّا كبيرا» .
قال له : فأخبِرْني عن اللّه ـ عزّ وجلّ ـ أين هو؟ فقال أمير المؤمنين عليه السلام : «هو هاهنا وهاهنا وفوقُ وتحتُ ومحيطٌ بنا ومَعَنا ،وهو قوله : «مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَى ثَلَـثَةٍ إِلاَّ هُوَ

وقوله: (فكلّ محمول يحمله اللّه ) أي لا يصحّ عليه سبحانه المحموليّة، وكلّ محمول يحمله اللّه ويحفظه (بنوره) أي بعلمه (وعظمته) أي بإحاطته بالكلّ (وقدرته) أي بالغلبة على الكلّ بالإيجاد والخالقيّة، وذُلِّ الكلّ له بالإمكان والمخلوقيّة (لا يستطيع) شيء من المحمولات (لنفسه ضرّا ولا نفعا ولا موتا ولا حياةً ولا نشورا) وهذا الذي ذُكر حالُ الممكن، وكلُّ شيء سواه ممكن (فكلّ شيء محمول، واللّه تبارك وتعالى هو الممسك لهما) أي السماوات والأرض. ولعلّه حمل السماوات على الأفلاك كلّها حتّى المحيط وما يليه، وهو المحيط بهما بما فيهما، لا يخرج من إحاطته شيء (وهو حياة كلّ شيء) ومحييه الذي به حياته (ونورُ كلّ شيء) ومنوِّره (سبحانه وتعالى عمّا يقولون) من كون شيء حاملاً وممسكا له.
وقوله: (فأخبرني عن اللّه ۱ أين هو؟) سؤالٌ عن مكان يحضره سبحانه.
وقوله عليه السلام : (هو هاهنا وهاهنا) بيان لحضوره سبحانه حضورا علميّا كلَّ شيء وكلَّ مكان، وحضورِ كلّ شيء له بإحاطته العلميّة واستواءِ نسبته إلى الفوق والتحت، وإِحاطتُه بالكلّ من حيث العلم غير مختلفة، فعلمه بالأواخر كعلمه بالأوائل، لا يعزب عنه مثقالُ ذرّة.

1.في الكافي المطبوع: + «عزّ وجلّ».


الحاشية علی اصول الكافي (النائيني)
426

۰.نورٍ أحمرَ ، منه احمَرَّتِ الحُمْرَةُ ، ونورٍ أخضرَ ، مِنهُ اخضَرَّتِ الخُضْرَةُ ، ونورٍ أصفرَ ، منه اصفَرَّتِ الصفرةُ ، ونورٍ أبيضَ ، منه ابيضَّ البياضُ ، وهو العلمُ الّذي حَمَّلَهُ اللّه ُ الحَمَلَةَ ،

وعليهما ، كما أنّ الإنسان يطلق على هذا البدن المحسوس، وعلى النفس المتعلّقة به ، وعليهما، وذلك الجوهر العقلاني عاقل بذاته، وعقل يعقل معقولاتِه في نفسه وما ارتبط به من النفوس الكاملة 1 ارتباطا يعلم به ما فيه ويعقلها فيه ويتحمّلها منه، فهو الحامل الحافظ لذلك العقل والعلم المتجلّي فيه، ففسّر 2 بالعلم وقال: ( إنّ العرش خلقه اللّه من أنوار أربعة ).
وتلك الأنوار جواهرُ عقلانيّة مناسبة 3 لَحقَتْها جهةُ وحدةٍ 4 ، أو جوهرٌ عقلاني ذو جهات أربع باعتبارها يعدّ أربعةَ أنوار. وهذه القسمة بحسب مراتب المعقولات العقلانيّة والنازلة منها إلى الظهور العيني.
ولعلّ الحمرة كناية عمّا يناسبها من آثار الملك 5 وغلبة السلطانيّة والقهر ولواحقها، والخضرةَ كناية عمّا يناسبها من النموّ والنضارة وحركة الأشياء من مبادئ نشوئها نحوَ كمالاتها، والصفرةَ كناية عن الوصول إلى قرب استكمالها وانتهاء فعل تلك القوى المحرّكة، والبياضَ عبارة عن الظهور التامّ والانكشاف الكامل غير المختلط بحجاب لما كان أو هو كائن أو يكون، وللأديان والملل والحقائق الحِكْميّة.
وقوله: (وهو العلم الذي حمّله اللّه الحَمَلة). الضمير للعرش، أو للنور الأبيض.

1.في حاشية «ت»: قوله: «وما ارتبط به من النفوس الكاملة» مبتدأ، وخبره إمّا قوله: «يعلم به ما فيه»، وقوله: «فهو الحامل الحافظ لذلك العقل» متفرّع عليه؛ أو قوله «فهو الحامل». والمراد بالنفوس الكاملة النفوس الإنسانيّة، فهي حامله، كما سيجيء فيالحديث الآتي تفسير الثمانية الحاملة بالنفوس الكاملة للإنسان الكامل.

2.جواب «لمّا كان العرش...».العرش في قوله تعالى: « وَ يَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَـلـءِذٍ ثَمَـنِيَةٌ » الحاقّة (۶۹): ۱۷.

3.في «خ، ل، م»: «متناسبة».

4.في «خ، ل»: «واحدة».

5.في حاشية «ت»: وعلى هذا يكون معنى قول أمير المؤمنين عليه السلام : «إنّ العرش خلقه اللّه تعالى من أنوار أربعة: نور أحمر...» أنّه خلقه من العلم بآثار الملك وغلبة السلطانيّة والقهر ولواحقها. وعلى هذا القياس في أنوار أُخر.

  • نام منبع :
    الحاشية علی اصول الكافي (النائيني)
    سایر پدیدآورندگان :
    درايتی، محمد حسين
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1383
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 100264
صفحه از 672
پرینت  ارسال به