45
الحاشية علی اصول الكافي (النائيني)

۲.عليُّ بن محمّد ، عن سهل بن زياد ، عن عمرو بن عثمان ، عن مفضّل بن صالح ، عن سعد بن طريف ، عن الأصبغ بن نُباتةَ ، عن عليّ عليه السلام قال :«هبط جبرئيلُ عليه السلام على آدمَ عليه السلام فقال :يا آدمُ ، إنّي اُمرتُ أن اُخيِّرَك واحدةً من ثلاثٍ ، فاختَرْها ودَع اثنتين ، فقال له آدمُ : يا جبرئيلُ ، وما الثلاث؟ فقال : العقلُ والحياءُ والدينُ ، فقالَ آدمُ : إنّي قد اخترتُ العقلَ ، فقالَ جبرئيلُ للحياء والدين : انصرفا ودعاه ، فقالا : يا جبرئيل ، إنّا اُمرنا أن نكونَ مع العقل حيث كان ، قال : فشأنكما ، وعرج» .

۳.أحمد بن إدريس ، عن محمّد بن عبدالجبّار ، عن بعض أصحابنا ، رَفَعَه إلى أبي عبداللّه عليه السلام قال :قلت له : ما العقل؟ قال : «ما عُبِدَ به الرحمن ، واكتُسِبَ به الجِنان»

قوله: (عليّ بن محمّد)

هو عليّ بن محمّد بن إبراهيم بن أبان الرازي الكليني المعروف بعلاّن ، وهو من الموثّقين .

قوله: (إنّي اُمرت أن اُخيّرك واحدة من ثلاث ۱ ).

الظاهر أنّ آدم عليه السلام حين هبوط جبرئيل عليه السلام عليه كان ذا عقل و حياء و دين، والأمر باختيار واحدة من ثلاث لا ينافي حصولها. وقول جبرئيل عليه السلام للحياء والدين بعد اختيار العقل: «انصرفا» لإظهار ملازمتهما للعقل بقولهما: «إنّا اُمرنا أن نكون مع العقل».
ولعلّ الغرض من ذلك أن يتنبّه آدم عليه السلام بعظم نعمة العقل، ويشكرَ اللّه على إنعامه .

قوله: (قال: ما عبد به الرحمن واكتسب ۲ به الجنان).

1.في حاشية «خ»: تخيير آدم عليه السلام واحدة من الثلاث إشارة إلى أنّ الحقيقة الإنسانية لكونها حقيقة واحدة يجب أن يكون اقتضاؤها بالذات لأمر واحد، لا غير . فإن اقتضت لأُمور اُخرى وجب أن يكون اقتضاؤها لها ثانيا وبالتبع لما هو مقتضاه بالذات، فإذا اقتضى الإنسان لذاته قوّة تمييز الخير من الشرّ الحقيقي واختيار الخير على الشرّ، وهو معنى «ويشكر العقل»، لزمه قوّة الانزجار عن القبائح الذي هو الحياء والإيمان بمبدئه، وتقديم مقتضيات مبدئه على مقتضيات نفسه، وهو الدين. والأخيرتان مندرجتان تحت الأُولى، تابعتان لها، غير منفكّتين عنها . (لراقمه خليل) .

2.في «ت»: «يكتسب».


الحاشية علی اصول الكافي (النائيني)
44

۰.ثمّ قال له : أقبِلْ ، فأقبَلَ ، ثمّ قال له : أدْبِر ، فأدبَرَ ، ثمّ قال : وعزّتي وجلالي ما خلقتُ خلقا هو أحبُّ إليَّ منك ، ولا أكملتُك إلاّ فيمن اُحِبُّ ، أما إنّي إيّاك آمُرُ ، وإيّاك أنهى وإيّاك اُعاقبُ ، وإيّاك اُثيبُ .

قوله: (ثمّ قال له: أقبل فأقبل).

إقبال العقل عبارة عن توجّهه إلى المبدأ، وإدباره عبارة عن توجّهه إلى المقارنات.
ويصحّ إطلاقهما ۱ في أوّل خلق من الروحانيين، وفي القوّة النفسانيّة الداعية إلى اختيار الخير والنافع، وفي قوّة إدراك الخير والشرّ والتميز بينهما.

وقوله: (ولا أكملتك إلاّ فيمن اُحبّ)

يلائم الأخيرين ، وإن كان يصحّ في الأوّل باعتبار الارتباط والإشراق على النفس بعناية ، فيكون المراد بإكمال ذلك العقل فيمن أُحبّ إكمالَ ارتباطه وإشراقه .

وقوله: (إيّاك آمر و إيّاك أنهى وإيّاك اُعاقب)

يناسب الأخير؛ فإنّه مناط التكليف .
ولمّا كان سببا لصحّة تعلّق التكليف بالنفس و كان النفس مكلّفا، لكونها عاقلاً، فكأنّه مكلّف، قال: «إيّاك آمر...» وإن كان يصحّ في الثاني ۲
بعناية ۳ ، وفي الأوّل ۴ بزيادتها.

1.أي إطلاق الإقبال والإدبار .

2.أي ما عبد به الرحمن .

3.في حاشية «خ»: العناية التي يحتاج إليها حمل العقل على الثاني هو أن يقال: إنّ العقل الكامل الذي يُعبد به الرحمن هو الذي يرد عليه الأمر والنهي وثواب الطاعة وعقاب المعصية، فينقاد للأمر والنهي والطاعة، ويحترز عن المعصية الموجبة للعقاب، فيذوق في الدنيا ألم الصبر على المعاصي وعلى الطاعات حتّى لا يعذّب بعقاب المعاصي في الآخرة . فذوقه باختياره ألم مفارقة الشهوات في الدنيا بمنزلة ذوق ألم عقاب المعاصي في الآخرة. والعناية الزائدة التي يحتاج إليها حمل العقل هاهنا على أوّل خلق من الروحانيين أن يقال: إذا كانت القوّة التي يعبد بها الرحمن في النفس من إشراق هذا العقل ومتّحدة معه من الجهة التي مرّ بيانها فإذا ثبت ورود الأمر والنهي والثواب والعقاب على تلك القوّة جاز استناد ورودها على العقل المجرّد الذي هو هي من تلك الجهة، كما لا يخفى، فليتأمّل (لراقمه خليل) .

4.أي أوّل خلق من الروحانيين، وفي «م»: «وفي الثالث» .

  • نام منبع :
    الحاشية علی اصول الكافي (النائيني)
    سایر پدیدآورندگان :
    درايتی، محمد حسين
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1383
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 130884
صفحه از 672
پرینت  ارسال به