459
الحاشية علی اصول الكافي (النائيني)

۰.الصفات عنه ، بشهادة كلِّ صفةٍ أنّها غيرُ الموصوفِ ، وشهادةِ الموصوف أنّه غيرُ الصفة ، وشهادَتِهما جميعا بالتثنيةِ الممتنعِ منه الأزلُ ؛ فمن وَصَفَ اللّه فقد حَدَّه ، ومن حَدَّه فقد عَدَّه ، ومن عَدَّه فقد أبطلَ أزلَه ، ومَن قالَ : كيفَ؟ فقد استَوْصَفَه ، ومن قال : فِيمَ؟ فقد ضَمَّنَه ، ومن

(وكمال معرفته سبحانه توحيده) واعتقادُ كونه متوحّدا غير مشارك لغيره في الإلهيّة وفي صفاته الذاتيّة الحقيقيّة فضلاً عن المشاركة في الذاتي.
(وكمال توحيده سبحانه نفي الصفات عنه) أي عدمُ زيادتها؛ فإنّ مرجع عينيّة الصفات إلى نفيها.
وقوله: (بشهادة كلّ صفة أنّها غير الموصوف) بيان لنفي الصفات عنه سبحانه بأنّ كلّ صفة تشهد وتدلّ على مغايرتها للموصوف، وكذا الموصوف للصفة، وإلاّ فلا موصوفيّة ولا صفتيّة، وهما تشهدان وتدلاّن على التعدّد والتثنية وكونِ الموصوف والصفة اثنين، والأزلُ والقِدَم الذاتي ممتنع من التعدّد، فلا تعدّد إلاّ بالحادث الذاتي المخلوق المألوه، ولا يتّصف الأزلي بالمخلوق الحادث؛ لأنّ كلّ اتّصاف استكمالٌ للموصوف بما هو خالٍ عنه، قابلٌ له، وهو سبحانه منزّه عن الاستعداد في ذاته لفعليّةٍ مّا له؛ لامتناع وجوب الوجود والقِدَم الذاتي من جهةٍ مغايرة للفعليّة المحضة، كما بيّن ولوّح إليه مرارا (فمن وصف اللّه ) على ما هو حقيقة الاتّصاف، ولا محالة يكون بمغاير له، ولا مغاير له إلاّ وهو متحدّد بحدّ من حدود الإمكان، وكلُّ موصوف متحدّد بتحدّدِ صفته، فوصفه له تحديد له بحدّ من حدود الإمكان.
(ومن حدّه) وجعله محدودا بحدّ من حدود الإمكان (فقد عدّه) وجعله معدودا منتهى بما هو خارج عن حدّه لا يتجاوزه. (ومن عدّه) وجعله معدودا متحدّدا بحدّ خاصّ (فقد أبطل أزله) وقِدَمه الذاتي الممتنع من التحدّد والانتهاء بحدّ؛ فإنّ التحدّد والانتهاء ۱ إنّما يليق بما بعد الأزل والقِدَم الذاتي، وإذا عُلم أنّه لا يتّصف بصفة

1.في «خ»: + «بحدّ».


الحاشية علی اصول الكافي (النائيني)
458

۰.ومن عَدَّه فقد أبْطَلَ أزلَه ، ومن قال : أينَ؟ فقد غَيّاهُ ، ومن قال : عَلامَ؟ فقد أخلى منه ، ومن قال فِيمَ؟ فقد ضَمَّنَه» .

۶.رواه محمّد بن الحسين ، عن صالح بن حمزةَ ، عن فتح بن عبد اللّه مَولى بني هاشم ، قال :كتبتُ إلى أبي إبراهيمَ عليه السلام أسألُه عن شيء من التوحيد ، فكتب إليَّ بخطّه : «الحمدُ للّه المُلْهِمِ عبادَه حمدَه» وذَكَرَ مثلَ ما رواه سهلُ بن زياد إلى قوله : «وقَمَعَ وجودُه جوائلَ الأَوهامِ» .
ثمّ زاد فيه : «أوَّلُ الديانةِ به معرفتُه ، وكمالُ معرفتِه توحيدُه ، وكمالُ توحيده نفيُ

(ومن حدّه) وجعله محدودا في ذاته، أو بمعلوله (فقد عدّه) وجعله معدودا منتهىً بما يخرج عن ذلك الحدّ. (ومن عدّه فقد أبطل أزله) وقِدَمه الذاتي وسرمديّته .
(ومن قال: أين؟ فقد غيّاه) وجعل له نهايةً ينتهي بها إلى إنّيّته (ومن قال: علامَ؟ فقد أخلى منه) غيرَ ما جعله سبحانه عليه (ومن قال: فيم؟ فقد ضمّنه) وجعله في شيء محيط به .
قوله: (ثمّ زاد فيه: أوّل الديانة به معرفته)
الديانة مصدر دانَ يدين. وفي المصادر: «الديانة: دين دار گشتن» ويعدّى بالباء. والمعنى: أوّل التديّن بدين اللّه ـ الذي أمر عباده بالتديّن به والدخول في العبوديّة والتذلّل له كما ينبغي ويليق بكبرياء كماله وعزّ جلاله ـ معرفتُه سبحانه، فمن لم يكن ذا معرفة به سبحانه، لم يكن ذا دين.
وفي بعض النسخ: «الدياثة» بدلَ الديانة، أي المذلّة والعبوديّة، يقال: ديّثه، أي ذلّله. وفي المصادر: «التدييث رام گردانيدن» وما في النسخة الاُولى أولى من حيث اللفظ والمعنى كما لا يخفى، ولعلّ الثانية تصحيف الاُولى.
والمراد بمعرفته العلم بوجوده وإنّيّته وعينيّته بصفات كماله، والتقدّسُ عمّا لا يليق لجبروته وجلاله.

  • نام منبع :
    الحاشية علی اصول الكافي (النائيني)
    سایر پدیدآورندگان :
    درايتی، محمد حسين
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1383
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 101747
صفحه از 672
پرینت  ارسال به