489
الحاشية علی اصول الكافي (النائيني)

۰.وبقوّتي أدَّيْتَ فرائضي ، وبنعمتي قَوِيتَ على معصيتي ، جَعَلْتُك سميعا ، بصيرا ، قويّا ؛ ما أصابَك من حَسَنَةٍ فمن اللّه ، وما أصابَك من سيّئةٍ فمِنْ نفسك ، وذاك أنّي أولى بحسناتك منك ، وأنت أولى بسيّئاتِك منّي ، وذاك أنّني لا اُسْأَلُ عمّا أفعَلُ وهم يُسألون» .

قدرتك على ما تشاء، والقوى الشهوانيّةِ والغضبيّةِ ـ التي بها حفظ الأبدان والأنواع وصلاحها ـ قويتَ على معصيتي.
وقوله: (جعلتك سميعا، بصيرا، قويّا).
السمعُ والبصر ناظر إلى الفقرة الثانية، والقوّةُ إلى الفقرة الثالثة.
وقوله: (ما أصابك من حسنة فمن اللّه ) لأنّه من آثار ما اُفيض عليه من جانب اللّه تعالى (وما أصابك من سيّئة فمن نفسك) لأنّه ۱ من طغيانها بهواه.
وقوله: (وذاك أنّي أولى بحسناتك منك) بيان للفرق مع أنّ الكلّ مستند إليه ومُنْتَهٍ به بالأخرة، وللعبد في الكلّ مدخل بالترتّب على مشيّته وقواه العقلانيّةِ والنفسانيّةِ بأنّ ۲ ما يؤدّي إلى الحسنات منها أولى به سبحانه؛ لأنّه من مقتضيات خيريّته سبحانه وآثارِه الفائضة من ذلك الجناب بلا مدخليّة للنفوس إلاّ القابليّة لها، وما يؤدّي إلى السيّئات منها أولى بالأنفس؛ لأنّها مَناقصُ من آثار نقصها لا تستند إلاّ إلى ما فيه منقصة.
وقوله: (وذاك أنّني لا أُسأل عمّا أفعل وهم يُسألون).
بيان لكونه أولى بالحسنات بأنّ ما يصدر ويفاض من الخير المحض من الجهة الفائضة منه، لا يسأل عنه ولا يؤاخذ به؛ فإنّه لا مؤاخذة بالخير الصرف، وما ينسب إلى غير الخير المحض ومَن فيه شرّيّة ينبعث منه الشرّ يؤاخذ بالشرّ، فالشرور وإن كانت من حيث وجودها منتسبةً إلى خالقها، فمِن حيث شرّيّتها منتسبةٌ إلى مُنشئها وأسبابها القريبة المادّيّة؛ صدق اللّه العظيم.

1.في «خ، ل»: «لأنّها».

2.في «خ»: «لأنّ».


الحاشية علی اصول الكافي (النائيني)
488

۰.رأيتَ أنّه نهى آدمَ وزوجتَه أن يأكلا من الشجرة ، وشاءَ ذلك ، ولو لم يَشَأْ أن يأكُلا لما غَلَبَتْ مَشيئتُهُما مشيئةَ اللّه تعالى ، وأمَرَ إبراهيمَ أن يَذبَحَ إسحاقَ ، ولم يَشَأْ أن يَذبَحَهُ ، ولو شاء لما غَلَبَتْ مَشيئةُ إبراهيمَ مشيئةَ اللّه تعالى».

۵.عليُّ بن إبراهيمَ ، عن أبيه ، عن عليّ بن مَعبَدٍ ، عن دُرُسْتَ بن أبي منصور ، عن فُضيل بن يسار ، قالَ :سمعتُ أبا عبد اللّه عليه السلام يقول : «شاءَ وأرادَ ولم يُحِبَّ ولم يَرْضَ : شاء أن لا يكونَ شيءٌ إلاّ بعلمه ، وأرادَ مثل ذلك ، ولم يُحِبَّ أن يقال : ثالثُ ثلاثةٍ ، ولم يَرْضَ لعباده الكفرَ».

۶.محمّد بن يحيى ، عن أحمدَ بن محمّد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر قالَ :قالَ أبو الحسن الرضا عليه السلام : «قالَ اللّه : يا ابنَ آدمَ بمشيئتي كنتَ أنت الذي تَشاءُ لنفسك ما تَشاءُ،

وفي هذه الرواية دلالة على الأمر بذَبح إسحاق وأنّه عليه السلام لم يشأه، وأمّا على أنّ ما وقع من الإقدام على الذَبح والفداء بالنسبة إليه فلا.
ويحتمل وقوع هذا الأمر ونسخه وتغييره ۱ إلى الأمر بذبح إسماعيل عليه السلام و وقوعَ الإقدام على الذبح ومقدّماته بالنسبة إليه.
قوله: (شاء أن لا يكون شيء إلاّ بعلمه) أي شاء بالمشيّة الحتميّة أن لا يكون شيء إلاّ بعلمه، وعلى طباق ما في علمه بالنظام الأعلى وما هو الخير والأصلح ولوازمها (وأراد) بالإرادة الحتميّة (مثل ذلك و لم يحبّ) الشرور اللازمة التابعة للخير والأصلح، كأن يقال: ثالث ثلاثة، وإن يكفر به، ولم يرض بها.
قوله: (بمشيّتي كنت أنت الذي تشاء لنفسك ما تشاء...) أي بالمشيّة التي خلقتها فيك وجعلتك ذا مشيّة ـ وهي من آثار مشيّة اللّه سبحانه ـ كنتَ أنت الذي تشاء لنفسك على وفق هواها ما تشاء، وبالقوّة التي خلقتها فيك ـ وهي من آثار قوّة اللّه ولعلّ المراد بها القوّة العقلانيّة ـ أدّيتَ فريضتي، وبنعمتي التي أنعمتها عليك من

1.في «خ، ل»: «تغيّره».

  • نام منبع :
    الحاشية علی اصول الكافي (النائيني)
    سایر پدیدآورندگان :
    درايتی، محمد حسين
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1383
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 100013
صفحه از 672
پرینت  ارسال به