497
الحاشية علی اصول الكافي (النائيني)

۰.وخُصَماء الرحمنِ ، وحِزْبِ الشيطانِ ، وقَدَرِيَّةِ هذه الأُمّة ومجوسِها .

السابق على قدرة العبد وإرادته، ونفيِ مدخليّتهما في الأفعال ووجوبها ۱ ، والقول بأنّ تعلّق القضاء والقدر بما يتعلّقان به إنّما يكون كذلك، وما لم يكن كذلك لم يكن بقضاء اللّه وقدره، مقالةُ إخوان عبدة الأوثان ومَن بحكمهم؛ لأنّ القول بما يستلزم بطلانَ الثواب والعقاب في حكم القول بلازمه، والقولَ ببطلان الثواب والعقاب قولُ عبدة الأوثان، وقولُهم ذلك في قوّة إنكار الأمر والنهي والزجر من اللّه ، أو إنكار كون الأفعال بقضاء اللّه وقدره؛ والمنكر ۲ للتكاليف خصماء المكلِّف الآمرِ والناهي، فهم خصماء الرحمن؛ والمنكر للثواب والعقاب القائل ببطلانهما، والمنكر لما أنزل اللّه من الأمر والنهي وما يتعلّق بهما حزب الشيطان والتابعين المطيعين له؛ لأنّ مقالتهم ومعتقدَهم يدعوهم إلى متابعته فيما يأمرهم به ويدعوهم إليه؛ والمنكر لكون الأفعال بقضاء اللّه وقدره قدريّة هذه الاُمّة ومجوسُها؛ حيث شاركهم في اعتقاد خروج أشياء مِن قَدَره سبحانه، فإنّهم يقولون: الشرور ۳ ليس من خلقه، ولا مستندا إلى قضائه وقدره، داخلاً فيهما.
فقوله: «إخوان عبدة الأوثان» إشارة إلى الأشاعرة ومَن يحذو حَذْوَهم، ويكون في حكمهم بنفي استناد أفعال العباد إلى قدرتهم وإرادتهم، وبالقول بأنّ العبد لاحظّ له من فعله، ولا مدخل له فيه إلاّ بالمحلّيّة للفعل وللقدرة والإرادة غير المؤثّرتين فيه أصلاً.
وقوله: (وقدريّة هذه الاُمّة ومجوسها) إشارة إلى المعتزلة و مَن بحكمهم القائلين باستقلال العبد واستبداده بإيجاد فعله من غير مدخليّة قدر اللّه وقضائه، وأنّها ليست بقدر اللّه .
وما روي عن ابن عبّاس ـ أنّه قال: إنّ خليلي رسولَ اللّه صلى الله عليه و آله قال: «إنّي سأهجر

1.في «خ»: «وجوبهما».

2.كذا في النسخ، والصحيح: «المنكرون».

3.كذا في النسخ، والصحيح إفراد الشرّ، أو تأنيث الكلمات الثلاث: ليس، مستندا، داخلاً.


الحاشية علی اصول الكافي (النائيني)
496

۰.إنّه لو كانَ كذلك لبَطَلَ الثوابُ والعقابُ والأمرُ والنهيُ والزجرُ من اللّه ، وسَقَطَ معنى الوعد والوعيد ، فلم تَكُنْ لائمَةٌ للمذنِب ولا مَحمَدَةٌ للمحسن ، ولكانَ المذنبُ أولى بالإحسان من المحسن ، ولكانَ المحسن أولى بالعقوبة من المذنب ، تلك مَقالةُ إخوانِ عَبَدَةِ الأوثانِ ،

السائل باستلزام الكون بالقضاء للإكراه والاضطرار، يدلّ على ظنّه أنّ القضاء في أفعال العباد قضاءٌ حتم، والقَدَرَ فيها قَدَرٌ لازمٌ وجوبا ولزوما لا بمدخليّة القدرة والإرادة من العبد، كما قال عليه السلام : (وتظنّ أنّه كان قضاءً حتما، وقدرا لازما) أي تظنّ أنّ القضاء ـ الذي قلتُ ـ أنّ ما فعلتم به ـ وكذا القدر ـ كان قضاء حتما وقدرا لازما سابقين على قدرة العبد وإرادته، وليس تعلّقهما بأفعال العباد وأعمالهم على هذا النحو، ولو كان تعلّقهما بها كذلك لخرج أفعالهم عن قدرتهم ولم تكن بها وبإرادتهم، ولم يستحقّوا بها مدحا ولا ذمّا؛ لاختصاصهما بما يصدر عن المختار بقدرته وإرادته، وإذا كان كذلك لبطل ۱ الأمر والنهي؛ لقبح مخاطبة غير القادر بهما، ولم يكن للوعد والوعيد حينئذٍ معنى، وسقط المقصود بهما، وبطل الثواب والعقاب؛ حيث لا ينفكّ استحقاقهما عن استحقاق المدح والملامة. ولو فُرض جريان المدح والذمّ واستحقاقُهما استحقاق الإحسان والإثابة والعقوبة وترتّبها على الأفعال الاضطراريّة الخارجة عن القدرة والاختيار، لكان المذنب أولى بالإحسان من المحسن، والمحسن أولى بالعقوبة من المسيء؛ لأنّ في عقوبة المسيء على ذلك التقدير جمعا بين إلزامه بالسيّئة وعقوبته عليها، وكلّ منهما إضرار وإزراء به، وفي إثابة المحسن جمعا بين إلزامه بالحسنة وإثابته عليها، وكلّ منهما نفعٌ وإحسان إليه، وفيخلاف ذلك يكون لكلّ منهما نفع وضرّ، وهذا بالعدل أقربُ، وذلك بخلافه أشبهُ.
وقوله: (تلك مقالة إخوان عَبَدة الأوثان) أي القول بالقضاء الحتم والقدر اللازم في الأفعال المطلوبة من العباد، ووجوب تلك الأفعال ولزومها بالإيجاب والإلزام

1.في «خ»: «بطل».

  • نام منبع :
    الحاشية علی اصول الكافي (النائيني)
    سایر پدیدآورندگان :
    درايتی، محمد حسين
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1383
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 122925
صفحه از 672
پرینت  ارسال به