۰.إنّه لو كانَ كذلك لبَطَلَ الثوابُ والعقابُ والأمرُ والنهيُ والزجرُ من اللّه ، وسَقَطَ معنى الوعد والوعيد ، فلم تَكُنْ لائمَةٌ للمذنِب ولا مَحمَدَةٌ للمحسن ، ولكانَ المذنبُ أولى بالإحسان من المحسن ، ولكانَ المحسن أولى بالعقوبة من المذنب ، تلك مَقالةُ إخوانِ عَبَدَةِ الأوثانِ ،
السائل باستلزام الكون بالقضاء للإكراه والاضطرار، يدلّ على ظنّه أنّ القضاء في أفعال العباد قضاءٌ حتم، والقَدَرَ فيها قَدَرٌ لازمٌ وجوبا ولزوما لا بمدخليّة القدرة والإرادة من العبد، كما قال عليه السلام : (وتظنّ أنّه كان قضاءً حتما، وقدرا لازما) أي تظنّ أنّ القضاء ـ الذي قلتُ ـ أنّ ما فعلتم به ـ وكذا القدر ـ كان قضاء حتما وقدرا لازما سابقين على قدرة العبد وإرادته، وليس تعلّقهما بأفعال العباد وأعمالهم على هذا النحو، ولو كان تعلّقهما بها كذلك لخرج أفعالهم عن قدرتهم ولم تكن بها وبإرادتهم، ولم يستحقّوا بها مدحا ولا ذمّا؛ لاختصاصهما بما يصدر عن المختار بقدرته وإرادته، وإذا كان كذلك لبطل ۱ الأمر والنهي؛ لقبح مخاطبة غير القادر بهما، ولم يكن للوعد والوعيد حينئذٍ معنى، وسقط المقصود بهما، وبطل الثواب والعقاب؛ حيث لا ينفكّ استحقاقهما عن استحقاق المدح والملامة. ولو فُرض جريان المدح والذمّ واستحقاقُهما استحقاق الإحسان والإثابة والعقوبة وترتّبها على الأفعال الاضطراريّة الخارجة عن القدرة والاختيار، لكان المذنب أولى بالإحسان من المحسن، والمحسن أولى بالعقوبة من المسيء؛ لأنّ في عقوبة المسيء على ذلك التقدير جمعا بين إلزامه بالسيّئة وعقوبته عليها، وكلّ منهما إضرار وإزراء به، وفي إثابة المحسن جمعا بين إلزامه بالحسنة وإثابته عليها، وكلّ منهما نفعٌ وإحسان إليه، وفيخلاف ذلك يكون لكلّ منهما نفع وضرّ، وهذا بالعدل أقربُ، وذلك بخلافه أشبهُ.
وقوله: (تلك مقالة إخوان عَبَدة الأوثان) أي القول بالقضاء الحتم والقدر اللازم في الأفعال المطلوبة من العباد، ووجوب تلك الأفعال ولزومها بالإيجاب والإلزام