۳.الحسين بن محمّد ، عن معلّى بن محمّد، عن الحسن بن عليّ الوشّاء ، عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال :سألتُه فقلتُ : اللّه ُ فَوَّضَ الأمرَ إلى العبادِ؟ قال : «اللّه أعزُّ من ذلك» . قلتُ : فجَبَرَهم على المعاصي؟ قال : «اللّه أعدلُ وأحكمُ من ذلك» ، قال : ثمَّ قال : «قال اللّه : يا ابنَ آدمَ أنا أولى بحسناتِك منك ، وأنت أولى بسيّئاتك منّي ، عَمِلْتَ المعاصِيَ بقوّتي الّتي جعلتُها فيك» .
قوله: (اللّه أعزّ من ذلك) أي أعزّ من أن يكون في ملكه وجود شيء بخلق غيره.
وقوله: (اللّه أعدل وأحكم من ذلك) أي من أن يجبر على المعاصي وينهى عنها، ويعاقب عليها.
وقوله: (قال اللّه : يابن آدم) إشارة إلى الأمر بين الأمرين ، وهو أنّ الخلق والإيجاد منه سبحانه وبإرادته أن يكون وجوده بتوسّط قدرة العبد وإرادته اللتين جعلهما للعبد، فأراد اللّه أن يكون فعله وعمله بإرادته التي أعطاها اللّه له، فإن سألت عن إرادة العبد: هل هي موجبة للفعل بالاستقلال، أو لا دخْل له في الإيجاب أصلاً والإيجاب منه سبحانه ومن إرادته، أو الإرادتان متشاركتان في الإيجاب؟ والكلّ لا يخلو عن خدشة؛ ففي الجواب وجهان:
أحدهما: أنّه لا دخل لإرادة العبد في الإيجاب، بل هي من الشروط التي بها يصير المبدأ بإرادته موجبا تامّا مستجمعا لشرائط التأثير، وهذا القدر كافٍ لوقوع فعل العبد بإرادته وكونِه مستندا إليها وعملاً له.
وثانيهما: أنّ لها مدخليّةً في الإيجاب لا بالمشاركة فيه، بل بأنّه أراد وقوع مراد العبد وأوجبه على أنّه مراده، فلها مدخليّة في الإيجاب لا بالمشاركة فيه، وبهذه المدخليّة ينسب الفعل إلى العبد ويكون عملاً له.
وهنا ۱ وجه آخَرُ دقيق يناسب أهل الحقيقة، وهو أن إرادة العباد من إشراق إرادته سبحانه على أنفسهم، كما أنّ علمهم من إشراق علمه عليهم، وذلك المشرِق