503
الحاشية علی اصول الكافي (النائيني)

۰.«والقضاء هو الإبرامُ وإقامةُ العينِ» . قالَ : فَاسْتَأذَنْتُهُ أن اُقَبِّلَ رأسَه ، وقلتُ : فَتَحْتَ لي شيئا كنتُ عنه في غفلةٍ .

۵.محمّد بن إسماعيلَ ، عن الفضل بن شاذان ، عن حَمّاد بن عيسى ، عن إبراهيمَ بن عُمرَ اليمانيّ ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال :«إنَّ اللّه َ خَلَقَ الخَلْقَ فَعَلِمَ ما هم صائرون إليه، وأمَرَهم ونَهاهم ، فما أمَرَهم به من شيءٍ فقد جَعَلَ لهم السبيلَ إلى تَرْكِه ، ولا يكونونَ

عُرِّبت صِيرتِ الزاي سينا؛ لأنّه ليس في كلام العرب زايٌ بعد الدال . والمهندس مقدِّر مجاري القِناء حيثُ تُحفر، ثمّ عمِّم في تحديد مجاري الاُمور كلِّها، فالقَدَر وضع حدود الأشياء وتحديدُ مجاريها.
قوله: (فما أمرهم به من شيء فقد جعل لهم السبيل إلى تركه) أي كلّ ما تعلّق به الأمر جُعل للمأمور سبيل إلى تركه بإعطاء القدرة له، وإمكان المأمور به.
فإن قيل: المأمور به واجب ضروريُّ الوجود عند اجتماع أسباب وجوده، وممتنع ضروري العدم عند عدم اجتماع أسباب وجوده ۱ ؛ فلا إمكان له.
قيل: المقصود الإمكان قبل الإرادة الحتميّة، وهي من أسباب الوجود، فلا وجوب قبله، ولزومُ وقوع العدم عند عدم استجماع الشرائط لا ينافي الإمكان؛ فإنّ الممكن ـ الذي لا يلحقه وجوبٌ بعلّته ۲ الموجبة ـ لا إيجابَ لعدمه من عدم علّته، كما لا تأثير من عدم علّته في عدمه، فالممكن مع إمكان وجوده بوجود ۳ علّته يكون معدوما لعدم علّته، فوجوب عدمه عبارة عن ضرورة عدم انفكاك العدم عن العدم، لا ضرورة عدم حاصلةٍ فيه بإيجاب من موجِب، بخلاف وجوب وجوده؛ فوجوب الوجود من الفاعل لا يجامع الإمكان بمعنى عدم ضرورة نسبة الوجود ومقابله إلى المهيّة ولو بإيجاب من الموجب، ولزومُ العدم يجامع الإمكان، بمعنى عدم ضرورة أحدهما للمهيّة ولو بإيجابِ موجبٍ، ومرجع هذا اللزوم إلى ما هو بمنزلة الوجوب

1.في «ل»: «الوجود».

2.في «ل»: «لعلّته».

3.في «ل»: «لوجود».


الحاشية علی اصول الكافي (النائيني)
502

۰.بقولِ أهلِ الجنّةِ ، ولا بقول أهلِ النارِ ، ولا بقولِ إبليسَ ، فإنَّ أهل الجنّةِ قالوا « الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِى هَدَلـنَا لِهَـذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِىَ لَوْلآَ أَنْ هَدَلـنَا اللَّهُ » وقال أهل النار : « رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَ كُنَّا قَوْمًا ضَآلِّينَ » وقال إبليس : « رَبِّ بِمَآ أَغْوَيْتَنِى » » . فقلتُ : واللّه ما أقولُ بقولهم ، ولكنّي أقول : لا يكون إلاّ بما شاءَ اللّه ُ وأرادَ وقَدَّرَ وقضى ، فقال : «يا يونس ، ليس هكذا ، لا يكونُ إلاّ ما شاء اللّه ُ وأرادَ وقَدَّرَ وقضى . يا يونس ، تَعْلَمُ ما المشيئة؟» قلتُ : لا ، قال : «هي الذكرُ الأوّل، فَتَعْلَمُ ما الإرادةُ؟» قلتُ : لا ، قال : «هي العزيمةُ على ما يشاء ، فَتَعْلَمُ ما القَدَرُ ؟» قلتُ : لا ، قال : «هي الهَنْدَسَةُ ووَضْعُ الحدودِ من البقاء والفَناء» ، قال : ثمّ قال :

ومن يقول بعدم مدخليّة قضاء اللّه وقدره، وباستقلال إرادة العبد به، واستواء نسبته إلى الإرادتين وصدورِ أحدهما عنه لا بموجب غير الإرادة ـ كما ذهب إليه بعض المعتزلة ـ لا يقول بقول أهل الجنّة من استناد ۱ هدايتهم إليه سبحانه، ولا بقول أهل النارمن استناد ۲ ضلالهم ۳ الإغواء إليه سبحانه.
قوله: (لا يكون إلاّ بما شاء اللّه ) أي إلاّ بالذي شاء اللّه ، أو بشيء شاء اللّه .
ولمّا كانت هذه العبارة قاصرةً عن الدلالة على المراد، قال عليه السلام : (ليس هكذا) أي ليس التعبير عمّا هو هكذا، بل العبارة عنه (لا يكون إلاّ ما شاء اللّه وأراد وقدّر وقضى).
وقوله: (هي الذكر الأوّل) أي المشيّة فينا هي توجّه النفس إلى المعلوم بملاحظة صفاته وأحواله المرغوبة الموجبة لحركة النفس إلى تحصيله، وهذه الحركة النفسانيّة فينا وانبعاثُها لتحصيله هي العزم والإرادة، وفي الواجب تعالى ما يترتّب عليه أثرُ هذا التوجّه، ويكون بمنزلته.
وقوله: (هي الهَنْدَسَة).
«الهندسة» مأخوذ من الهنداز، وهي فارسيّة ومعناها تحديد مجاري الاُمور، فلمّا

1.و ۲ . في «ل»: «إسناد».

2.في «خ، ل»: «ضلالتهم».إلى شقوتهم، ولابقول إبليسَ من استناد في «ل، م»: «إسناد».

  • نام منبع :
    الحاشية علی اصول الكافي (النائيني)
    سایر پدیدآورندگان :
    درايتی، محمد حسين
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1383
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 122556
صفحه از 672
پرینت  ارسال به