۰.يَجُزْ أن يُشاهِدَه خَلْقُه ، ولا يُلامِسوه ، فيُباشِرَهم ويُباشِروه ، ويُحاجَّهم ويُحاجُّوه ، ثَبَتَ أنَّ له سفراءَ في خَلْقِه ، يُعَبِّرونَ عنه إلى خَلْقه وعباده ، ويَدُلّونَهم على مصالحهم ومنافعهم وما به بقاؤهم وفي تركه فناؤهم ، فَثَبَتَ الآمرونَ والناهونَ عن الحكيم العليم في خَلْقه والمعبِّرونَ عنه جَلَّ وعَزَّ ، وهم الأنبياء عليهم السلام وصفوتُه من خَلْقِه ، حكماءَ مؤدَّبينَ بالحكمة ، مَبعوثينَ بها ، غيرَ مُشاركينَ للناس ـ على مشاركتهم لهم في الخَلْق والتركيب ـ في شيءٍ من أحوالِهم ، مؤيّدينَ من عند الحكيم العليم بالحكمة ، ثمّ ثَبَتَ ذلك في كلِّ دَهْرٍ وزمانٍ ممّا أتَتْ به الرُّسُلُ والأنبياءُ من الدلائل والبراهين ، لكيلا تَخْلو أرضُ اللّه ِ من حُجَّةٍ يَكونُ معه عِلْمٌ يدلُّ على صدق مقالته وجواز عدالته» .
۲.محمّد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذانَ ، عن صفوانَ بن يحيى ، عن منصور بن حازم ، قال :قلتُ لأبي عبد اللّه عليه السلام إنَّ اللّه أجَلُّ وأكرمُ من أن يُعْرَفَ بخلقه ، بل الخلقُ يُعرَفونَ باللّه ، قال : «صَدَقْتَ» قلتُ : إنَّ من عَرَفَ أنَّ له ربّا ، فَيَنْبَغي له أن يَعرِفَ أنَّ لذلك الربِّ رضا
كما هو المعلوم لأكثرهم من أحوال نفوسهم وأبناء زمانهم، والحكيم القادر لا يُخلّ بما هو الصلاح والخير، وإذ ليس بالإعلام بلا واسطة كما هو المعلوم، فعُلم أنّ له سفراءَ هم وسائطُ لذلك، فثبت المبلّغون للأمر والنهي عن الحكيم القادر العليم في خلقه؛ فبهذا عُلم وجودهم في خلقه. وأمّا العلم بهم بأعيانهم فبالتحدّي والإعجاز، وما أعطاهم من الآيات والحجج.
قوله: (قلت لأبي عبداللّه عليه السلام : إنّ اللّه أجلُّ ... ).
هذا الكلام من القائل مأخوذ من أقوال الحجج عليهم السلام كما سبق في كتاب التوحيد. ولعلّ غرض القائل منه إظهارُ أنّه مصدّق له، وعالم به، ولذلك قال عليه السلام : (صدقت) تصديقا لما نقل عنهم، واطمئنانا لقلبه.
وقوله: (ينبغي ۱ له أن يعرف أنّ لذلك الربّ رضا وسخطا) أي ينبغي له أن يعرفه بصفات كماله وتنزّهه عن المناقص، ومنها حكمته وعلمه وقدرته وإرادته