525
الحاشية علی اصول الكافي (النائيني)

۰.وسخطا ، وأنّه لا يُعْرَفُ رضاه وسخطُه إلاّ بوحيٍ أو رسولٍ ، فمن لم يَأتِهِ الوحيُ فقد يَنبغي له أن يَطْلُبَ الرُّسلَ ، فإذا لَقِيَهم عَرَفَ أنَّهم الحجّةُ وأنَّ لهم الطاعةَ المفترضةَ ، وقلتُ للناس : تَعلمونَ أنَّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله كان هو الحجّةَ من اللّه على خَلْقه؟ قالوا : بلى ، قلتُ : فحينَ مَضى رسولُ اللّه صلى الله عليه و آله مَن كانَ الحجّةَ على خَلْقه؟ فقالوا : القرآنُ ، فنظرتُ في القرآن فإذا هو يُخاصِمُ

للخير والحَسَن، وكراهتُه للشرّ والقبيح، وأنّه لا يُخلّ بالحَسَن ولا يأتي بالقبيح، فلا يخلّ باللطف إلى عباده، وإنّما يتمّ بالأمر بالحَسَن والنهي عن القبيح الموجبين للرضا بالطاعة والسخطِ على المعصية، وإنّما يعرف أمره ونهيه وإرادته وكراهته بالوحي أو بإرسال الرسول، فمن لم يأته الوحي منه ـ كما هو شأن أبناء هذا النوع كلِّهم في هذه الأعصار، وحالُ جماهيرهم في الأعصار الأوّلة ـ فعليه طلب الرسول، فإذا طلب اطّلع عليه بالآيات والحجج الدالّة على رسالته.
وقوله: (وقلتُ للناس) أي للعامّة (تعلمون أنّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله كان هو الحجّةَ من اللّه على خلقه) الدالَّ لهم إلى رضاه وسخطه؟ (قالوا: بلى) فقلت: (حين مضى رسول اللّه صلى الله عليه و آله ) وانتقل إلى جوار اللّه مَن كان الدالَّ لخلقه إلى أوامره ونواهيه ورضاه وسخطه؟ (فقالوا: القرآن) أي لا حاجة للدلالة إلى غيره من عباده؛ حيث أتى بالبيان الباقي المحفوظ بين العباد يرجعون إليه بعده، كما كان في حياته يرجعون إليه صلى الله عليه و آله ويهتدون ببيانه .
فإذا نظرتُ في القرآن فإذا هو لا يغني عن المبيِّن؛ إذ يخاصم به المرجئ والقَدَري والزنديق الذي لا يؤمن به حتّى يغلب الرجال بخصومته، فعرفتُ أنّه لا يتمّ حجّة دالّةً إلى رضاه وسخطه إلاّ بقيّم يبيّنه ۱ ، وعَلم أنّ ما قال فيه حقّ، وهذا ممّا ينازَع فيه، فقلت لهم مَن القيّم الذي عَلم أنّ قوله فيه حقّ؟ فقالوا في الجواب: إنّ هؤلاء كانوا يعلمون.

1.في «ل»: «بيّنه».


الحاشية علی اصول الكافي (النائيني)
524

۰.يَجُزْ أن يُشاهِدَه خَلْقُه ، ولا يُلامِسوه ، فيُباشِرَهم ويُباشِروه ، ويُحاجَّهم ويُحاجُّوه ، ثَبَتَ أنَّ له سفراءَ في خَلْقِه ، يُعَبِّرونَ عنه إلى خَلْقه وعباده ، ويَدُلّونَهم على مصالحهم ومنافعهم وما به بقاؤهم وفي تركه فناؤهم ، فَثَبَتَ الآمرونَ والناهونَ عن الحكيم العليم في خَلْقه والمعبِّرونَ عنه جَلَّ وعَزَّ ، وهم الأنبياء عليهم السلام وصفوتُه من خَلْقِه ، حكماءَ مؤدَّبينَ بالحكمة ، مَبعوثينَ بها ، غيرَ مُشاركينَ للناس ـ على مشاركتهم لهم في الخَلْق والتركيب ـ في شيءٍ من أحوالِهم ، مؤيّدينَ من عند الحكيم العليم بالحكمة ، ثمّ ثَبَتَ ذلك في كلِّ دَهْرٍ وزمانٍ ممّا أتَتْ به الرُّسُلُ والأنبياءُ من الدلائل والبراهين ، لكيلا تَخْلو أرضُ اللّه ِ من حُجَّةٍ يَكونُ معه عِلْمٌ يدلُّ على صدق مقالته وجواز عدالته» .

۲.محمّد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذانَ ، عن صفوانَ بن يحيى ، عن منصور بن حازم ، قال :قلتُ لأبي عبد اللّه عليه السلام إنَّ اللّه أجَلُّ وأكرمُ من أن يُعْرَفَ بخلقه ، بل الخلقُ يُعرَفونَ باللّه ، قال : «صَدَقْتَ» قلتُ : إنَّ من عَرَفَ أنَّ له ربّا ، فَيَنْبَغي له أن يَعرِفَ أنَّ لذلك الربِّ رضا

كما هو المعلوم لأكثرهم من أحوال نفوسهم وأبناء زمانهم، والحكيم القادر لا يُخلّ بما هو الصلاح والخير، وإذ ليس بالإعلام بلا واسطة كما هو المعلوم، فعُلم أنّ له سفراءَ هم وسائطُ لذلك، فثبت المبلّغون للأمر والنهي عن الحكيم القادر العليم في خلقه؛ فبهذا عُلم وجودهم في خلقه. وأمّا العلم بهم بأعيانهم فبالتحدّي والإعجاز، وما أعطاهم من الآيات والحجج.
قوله: (قلت لأبي عبداللّه عليه السلام : إنّ اللّه أجلُّ ... ).
هذا الكلام من القائل مأخوذ من أقوال الحجج عليهم السلام كما سبق في كتاب التوحيد. ولعلّ غرض القائل منه إظهارُ أنّه مصدّق له، وعالم به، ولذلك قال عليه السلام : (صدقت) تصديقا لما نقل عنهم، واطمئنانا لقلبه.
وقوله: (ينبغي ۱ له أن يعرف أنّ لذلك الربّ رضا وسخطا) أي ينبغي له أن يعرفه بصفات كماله وتنزّهه عن المناقص، ومنها حكمته وعلمه وقدرته وإرادته

1.في الكافي المطبوع: «فينبغي».

  • نام منبع :
    الحاشية علی اصول الكافي (النائيني)
    سایر پدیدآورندگان :
    درايتی، محمد حسين
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1383
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 123387
صفحه از 672
پرینت  ارسال به