527
الحاشية علی اصول الكافي (النائيني)

۳.عليُّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن الحسن بن إبراهيمَ ، عن يونسَ بن يعقوبَ ، قال :كانَ عند أبي عبد اللّه عليه السلام جماعةٌ من أصحابه منهم حُمرانُ بن أعيَنَ ، ومحمّدُ بن النعمان ، وهشامُ بن سالم ، والطيّارُ ، وجماعةٌ فيهم هِشام بن الحَكَم وهو شابٌّ ، فقال أبو عبد اللّه عليه السلام : «يا هشام ، ألا تُخبِرُني كيفَ صنعتَ بعَمْرِو بْنِ عُبيدٍ وكيف سألته؟» ، فقالَ هِشام : يا ابن رسول اللّه ، إنّي اُجِلُّكَ وأسْتَحْييكَ ، ولا يَعْمَلُ لساني بين يديك ، فقال أبو عبد اللّه : «إذا أمَرْتُكُم بشيءٍ فَافْعَلوا».
قال هشامٌ : بَلَغَني ما كانَ فيه عَمْرُو بْنُ عُبيدٍ وجلوسُه في مسجد البصرة ، فَعَظُمَ ذلك عَلَيَّ ، فخرجتُ إليه ودخلتُ البصرةَ يوم الجمعة ، فأتيتُ مسجد البصرةِ ، فإذا أنا بحَلْقَةٍ كبيرةٍ فيها عمرو بن عُبيد ، وعليه شَمْلَةٌ سَوداءُ مُتَّزِرا بها مِنْ صُوفٍ ، وشَمْلةٌ مُرْتَدِيا بها والناسُ يسألونَه ، فاستَفْرَجْتُ الناسَ فأفرَجوا لي ، ثمّ قعدتُ في آخر القوم على رُكْبَتَيَّ ، ثمَّ قلتُ : أيّها العالم إنّي رجلٌ غريبٌ تأذَنُ لي في مسألة؟ فقال لي : نعم ، فقلتُ له : ألكَ عينٌ؟ فقال : يا بُنَيَّ أيُّ شيءٍ هذا من السؤال؟ وشيءٌ تَراه كيفَ تسألُ عنه؟ فقلتُ هكذا مسألَتي ، فقال : يا بُنَيَّ سَلْ وإن كانَتْ مسألَتُكَ حَمقاء ، قلتُ : أجِبْني فيها ، قالَ لي : سَلْ .
قلتُ : ألك عينٌ؟ قال : نعم ، قلتُ : فما تَصنعُ بها؟ قال : أرى بها الألوانَ والأشخاصَ ، قلت : فلك أنفٌ؟ قالَ : نعم ، قلتُ : فما تَصنعُ به؟ قال : أشمُّ به الرائحةَ ، قلت : ألك فمٌ؟ قال : نعم ، قلت : فما تَصنعُ به ؟ قال : أذوقُ به الطعمَ ، قلتُ : فلك اُذن؟ قال: نعم ، قلت: فما تصنع بها؟ قال: أسمعُ بها الصوتَ ، قلتُ ألَكَ قلبٌ؟ قالَ : نعم ، قلتُ : فما تَصنعُ به؟ قال : اُمَيِّزُ به كُلَّ ما وَرَدَ على هذه الجوارح والحواسّ ، قلتُ : أوَليسَ في هذه الجوارح غِنًى عن القلب؟

قوله: (ألك قلب؟).
المراد بالقلب القوّة العقليّة التي للنفس الإنسانيّة ، أو ما يشمل القوى الحسّيّة الباطنة التي هي كالآلات للقوّة العقليّة في فكرتها وسائر تصرّفاتها.
وقـوله: (كـلَّ ما ورد على هذه الجوارح والحواسّ) أي الجوارح الحاملة للقوى الحسّيّة الظاهرة والحواسّ التي فيها.


الحاشية علی اصول الكافي (النائيني)
526

۰.به المُرْجِي والقَدَرِيُّ والزنديقُ الذي لا يُؤْمِنُ به حتّى يَغْلِبَ الرجالَ بخُصومَته ، فعرفتُ أنّ القرآنَ لا يكونُ حجّةً إلاّ بقَيِّمٍ ، فما قالَ فيه من شيءٍ كانَ حقّا ، فقلتُ لهم : مَن قَيِّمُ القرآنِ ؟ فقالوا : ابنُ مسعودٍ قد كانَ يَعْلَمُ ، وعُمَرُ يَعلَمُ ، وحُذيفَةُ يَعْلَمُ ، قلتُ : كُلَّه؟ قالوا : لا ، فلم أجِدْ أحدا يقالُ : إنّه يَعْرِفُ ذلك كلّه إلاّ عَلِيّا عليه السلام ، وإذا كانَ الشيءُ بينَ القوم فقالَ هذا : لا أدري ، وقالَ هذا : لا أدري ، وقال هذا : لا أدري ، وقال هذا : أنا أدري ، فأشهَدُ أنَّ عَلِيّا عليه السلام كانَ قَيِّمَ القرآن ، وكانَتْ طاعتُه مفترضَةً ، وكانَ الحجّةَ على الناس بعدَ رسولِ اللّه صلى الله عليه و آله ، وأنّ ما قالَ في القرآن فهو حَقٌّ . فقال : «رحمك اللّه » .

وهذا الجواب إنّما يصحّ أن لو ثبت أنّ الذي يدّعي علمَه قوله حجّةٌ بسماعه عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله وثقته، أو بعصمته من جانب اللّه من الخطأ والزلل المنصوص عليها من رسول اللّه ۱ صلى الله عليه و آله . والأوّل معلوم أنّه منتفٍ عن هؤلاء، ولم يدّعِ أحد منهم سماعَ جميع ذلك من رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، إنّما ادّعوا سماعَ مسائلَ قليلةٍ ممّا يحتاج إليه الناس منه فيما سمعوا تفسيره عنه صلى الله عليه و آله ، ولم يذهب أحد إلى كون أحد منهم عالما بجميعه، معصوما عن الخطأ والزلل، فإذن لابدَّ لهم من مبيِّن .
وعُلم أنّ في الأصحاب لم يكن أحد عالما بجميعه بالنقل أو العلم المقرون بالعصمة إلاّ أمير المؤمنين عليه السلام ؛ حيث كان يدّعي ذلك على رؤوس الأشهاد ومجامع جماهير المسلمين، وإذ لابدّ من عالِمٍ كذلك، ولم يدّعِ غيرُه، بل عُلم عدمه في غيره، وهو كان يدّعيه ويبيّنه بدلائل نقليّةٍ وعقليّة، وآياتٍ وعلامات إعجازيّة، عُلم أنّه قيّم القرآن . ولم يتعرّض لذكر العصمة معهم؛ حيث كانوا منكرين لها، فأغمض عنها، وخصّ البيانَ بعدم العلم السماعي الذي كانوا يقولون به، فصرّح بعد تمام البيان بعقيدته بقوله: (فأشهد أنّ عليّا عليه السلام كان قيّم القرآن) ولمّا كان ما ذكره موافقا للحقّ، وفي ترك ما تركه على وفق الحكمة والمصلحة له ولإخوانه سَتْرٌ على الحجج، وصيانةٌ لهم عن تعرّض الحسد، دعا له عليه السلام بقوله: (رحمك اللّه ).

1.في حاشية «ت ، ل، م»: كما في الأحاديث الدالّة على أنّ كتاب اللّه والعترة الطاهرة لا يفترقان إلى يوم القيامة (منه رحمه اللّه تعالى).

  • نام منبع :
    الحاشية علی اصول الكافي (النائيني)
    سایر پدیدآورندگان :
    درايتی، محمد حسين
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1383
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 123368
صفحه از 672
پرینت  ارسال به