533
الحاشية علی اصول الكافي (النائيني)

۰.ذلك؟ قال هشام : سَلْه عمّا بدا لك ، قال الشاميُّ ، قطعتَ عُذري فَعَلَيَّ السؤالُ .
فقال أبو عبد اللّه عليه السلام : «يا شاميُّ ، اُخبِرُك كيف كانَ سفرُك؟ وكيف كانَ طريقُك؟ كانَ كذا وكذا» فأقبَلَ الشاميُّ يقول : صدقتَ ، أسلمتُ للّه الساعةَ ، فقال أبو عبد اللّه عليه السلام : «بل آمنتَ باللّه السّاعةَ ، إنّ الإسلامَ قبلَ الإيمان ، وعليه يَتوارَثونَ ويَتناكحونَ ، والإيمانُ عليه يُثابونَ» ، فقالَ الشاميُّ : صدقتَ ، فأنا الساعةَ أشهد أن لا إله لا إلاّ اللّه وأنَّ محمّدا رسول اللّه صلى الله عليه و آله وأنّك وصيُّ الأوصياء .

تُشدّ إليه الرحال ويخبرنا بأخبار السماء ۱ وراثةً عن أب عن جدّ) قال له الشامي: (فكيف لي أن أعلم ذلك؟) لأنّه لا سبيل إلى علمه إلاّ الكتاب والسنّة وقد سُلّم بيننا كما سبق، وبُيِّن أنّهما لا ينفعان في رفع الاختلاف، فأجابه هشام، فقال: (سَلْه عمّا بدا لك) إشارةً إلى أنّ السبيل إلى علم ذلك حينئذٍ إعجازه وإخباره بما لا سبيل إلى علمه عادةً، فسَلْه عمّا بدا لك حتّى يظهر عليك أنّه الحجّة بإعجازه، ويُعلَم صدق قوله في كلّ ما يقوله، فيُرجع إلى قوله فيما اختُلف فيه، كما كان يُرجع إلى قول رسول اللّه ، ويكون الساعة حجّةً ودليلاً، كما كان رسول اللّه صلى الله عليه و آله حجّة ودليلاً.
ولا يخفى ما في قول هشام: «ويخبرنا بأخبار السماء وراثةً عن أب عن جدّ» من الإشارة إلى إعجازه وكونِه طريقَ معرفته، إلاّ أنّ السائل لم يفهم ذلك ولم يحمل كلامه عليه، بل حمله على إخباره عمّا وصل إليه عن أب عن جدّ بطريق النقل والرواية، فأورد ما أورد، فنبّهه بقوله: «سَلْه عمّا بدالك» بالتعميم في المسؤول عنه تعميما لا يحيط به النقل ، ولا يحصره الرواية.
ويحتمل أن يكون السائل فهم مرادَه، ويكونَ مراد السائل بقوله: «فكيف لي أن أعلم ذلك» أي بأيّ طريق أعلم ذلك الإعجازَ الذي ادّعيته لإثبات حجّيّته؟ ولعلّ ذلك القول من السائل على هذا الاحتمال عند ظهور أنوار الحقّ وأمارات

1.في حاشية «خ»: + «والأرض».


الحاشية علی اصول الكافي (النائيني)
532

۰.ربّهم ، قال : فمن هو؟ قال : رسولُ اللّه صلى الله عليه و آله ، قالَ هشامٌ : فبعد رسول اللّه صلى الله عليه و آله ؟ قال : الكتابُ والسنّةُ ، قالَ هشامٌ : فهل نَفَعَنا اليومَ الكتابُ والسنّةُ في رفع الاختلاف عنّا؟ قال الشاميُّ : نعم ، قالَ : فَلِمَ اخْتَلَفْنا أنا وأنت وصرتَ إلينا من الشام في مخالفتنا إيّاك؟ قال : فسَكَتَ الشاميُّ ، فقال أبو عبد اللّه عليه السلام للشاميّ : «ما لك لا تَتكلّمُ ؟» قالَ الشامي : إن قلتُ : لم نَخْتَلِفْ كَذَبْتُ ، وإن قلتُ : إنَّ الكتابَ والسنّةَ يَرفعانِ عنّا الاختلافَ أبْطَلْتُ ؛ لأنّهما يحتملانِ الوجوهَ ، وإن قلتُ : قد اختلَفْنا وكلُّ واحدٍ منّا يَدَّعي الحقَّ فلم يَنْفَعْنا إذَنِ الكتابُ والسنّةُ إلاّ أنّ لي عليه هذه الحجّةَ ، فقال أبو عبد اللّه عليه السلام : «سَلْه تَجِدْهُ مَليّا» .
فقال الشاميُّ : يا هذا ، من أنظَرُ للخَلْق ، أرَبُّهم أو أنفسُهم؟ فقال هشام : رَبُّهم أنْظَرُ لهم منهم لأنفسهم ، فقال الشاميُّ : فهل أقامَ لهم من يَجْمَعُ لهم كلمتَهم ويُقيمُ أوَدَهُم ويُخبِرُهم بحقّهم من باطلهم؟ قال هشام : في وقتِ رسول اللّه صلى الله عليه و آله أو الساعةِ؟ قال الشاميُّ : في وقت رسولِ اللّه رسولُ اللّه صلى الله عليه و آله والساعةِ مَنْ؟ فقالَ هشامٌ : هذا القاعدُ الذي تُشَدُّ إليه الرِّحالُ ، ويُخْبِرُنا بأخبار السماء والأرض وِراثةً عن أبٍ عن جدٍّ ، قال الشاميُّ : فكيف لي أن أعْلَمَ

عن الحقّ بإقامتهم.
فلمّا سأله عن الحجّة والدليل بقوله: (فمن هو؟) وأجابه بأنّه رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، وعن الحجّة بعده وأجاب بأنّه الكتاب والسنّة، أورد عليه أنّ الكتاب والسنّة لا يرفع الاختلاف ، ولا يُنتفع بهما في رفع الاختلاف؛ لوقوع الاختلاف مع المراجعة إليهما، كما هو المشاهَد، وذلك لما فيهما من وجوه محتملة لا نقدر على معرفة الحقّ والمراد منها، فانقطع الشامي وسكت؛ حيث لم يجد مخرجا عمّا ذكره، ولم يقدر على نقض مقدّمة منها كما اعترف به فيما ذكره.
وقوله: (وكلّ واحد منّا يدّعي الحقّ) أي يدّعي في قوله أنّه الحقّ دون قول مخالفيه. ولمّا لم يبق له سبيل إلى النقض التفصيلي والدخلِ في مقدّمة من المقدّمات، أراد سلوك سبيل المعارضة بالمثل، أو النقض الإجمالي، والأوّل أظهرُ؛ لقوله: (إلاّ أنّ لي عليه هذه الحجّة) فلمّا وصل الكلام إلى قوله: (هذا القاعد الذي

  • نام منبع :
    الحاشية علی اصول الكافي (النائيني)
    سایر پدیدآورندگان :
    درايتی، محمد حسين
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1383
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 122818
صفحه از 672
پرینت  ارسال به