535
الحاشية علی اصول الكافي (النائيني)

۰.وقليلُ الحقّ يَكفي عن كثيرِ الباطل ، أنتَ والأحولُ قَفّازانِ حاذِقانِ» . قالَ يونسُ : فظننتُ واللّه أنّه يقولُ لهشامٍ قريبا ممّا قالَ لهما ، ثمَّ قال : «يا هشام ، لا تكادُ تَقَعُ تَلْوِي رِجْليك ، إذا هَمَمْتَ بالأرضِ طِرْتَ، مُثْلُك فَلْيُكَلِّمِ الناسَ ، فَاتَّقِ الزلَّةَ ، والشفاعةُ من ورائها إن شاء اللّه » .

وفي بعض النسخ «أقرب ما تكون» بلفظ الخطاب، أي أقرب حالك التي تكون عليها من الخبر أبعد حالك عنها. وحاصله: أنّه إذا أردت القرب من الخبر والموافقة له تقع في المخالفة والبُعد عنه، وهذا كثاني الاحتمالين السابقين.
ويمكن حمل هذه النسخة أيضا على مثل ما ذكرناه أوّلاً.
وقوله: (أنت والأحول فقاران ۱ حاذقان).
يقال: افتقر عن معانٍ غامضة، أي فتح عن معانٍ غامضة واستخرجها، من فقرتُ البئر: إذا حفرتَها لاستخراج مائها. و«الفقّار»: فعّال من فقر. وحاصل المعنى فتّاحان عن المعاني المغلقة، مستخرجان للغوامض، حاذقان في الاستخراج.
وقوله: (ياهشام لا تكاد تقع تلوي رجليك) أي لا تكاد تسقط حالَ كونك تثني رجليك (إذا هممتَ بالأرض) وقصدتها نزولاً [ (طِرْتَ)] نزلت بالطَيَران، لا بالسقوط بالعجز عن الطيران. ولا يخفى ما فيه من الدلالة على كمال قوّته واقتداره في التكلّم الذي كنى بالطيران عنه تشبيها له في حاله بالطائر الكامل في قوّته على الطيران؛ حيث ادّعى له ما يندر تحقّقه في الطير.
(مثلك) أي مَن يكون بهذه المرتبة من القوّة في الكلام فعليه أن يكلّم الناس وهو به حقيق (فاتّق الزلّة) إذا كلّمتهم. والزلّة تكون بالكلام عند تحقّق موجب السكوت ـ كخوف الضرر بالنسبة إلى الحجّة، أو مَن تبعه من الفرقة، أو على نفسه ـ وبالمساهلة المنجرّة إلى الخَلَل في البيان، اعتمادا على قوّة الغلبة على الخصم وإن لم يكن البيان صحيحا، وبالعُجب باقتداره على ما يعجز عنه الأشباهُ والأقران،

1.في «ل» والكافي المطبوع: «قفّازان».


الحاشية علی اصول الكافي (النائيني)
534

۰.ثمَّ التفت أبو عبد اللّه عليه السلام إلى حُمرانَ ، فقال : «تُجري الكلامَ على الأثَرِ فتُصيبُ» ؛ والتفتَ إلى هشام بن سالم ، فقال : «تُريدُ الأثرَ ولا تَعْرِفُه» ، ثمّ التفتَ إلى الأحولِ ، فقال : «قيّاسٌ رَوّاعٌ ، تَكْسِرُ باطلاً بباطل ، إلاّ أنّ باطِلَكَ أظهَرُ» ، ثمَّ التفتَ إلى قيس الماصر ، فقال : «تَتكلّمُ وأقربُ ما تكونُ من الخبر عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله أبعدُ ما تكونُ منه ، تَمزُجُ الحقَّ مع الباطل ،

الصواب من وَجَنات كلام هشام في إثبات إمامته عليه السلام ، ورغبته في الفَيَضان عليه من ذلك الجناب.
وقوله: (قيّاس روّاغ) أي ميّال عن الحقّ ، تدفع باطلاً بباطلٍ أظهرَ منه.
وقوله لقيس: (تتكلّم وأقرب ما يكون ۱ من الخبر عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله أبعد ما يكون منه) أي تتكلّم وكلامُك أقربُ ما يكون من الخبر عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله أبعد ما يكون منه، أي مشتمل عليهما، تمزج الحقَّ القريبَ من الخبر عنه مع الباطل البعيد عنه، ولو اكتفيت بالحقّ عن الباطل لأصبت، وقليل الحقّ يكفي عن كثير الباطل.
ويحتمل وجهين آخَرَيْن:
أحدهما: كون الضمير في قوله: «أبعد ما يكون منه» راجعا إلى الكلام، والمعنى تتكلّم والحالُ أنّ أقربَ ما يكون من الخبر عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله أبعد ما يكون من كلامك.
وثانيهما: أن يكون راجعا إلى الخبر، ويكون المعنى والحال أنّ أقرب ما يكون من الخبر عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله أبعد ما يكون من الخبر عنه في كلامك وبحسب حملك وتنزيلك.
والأوّل منهما أنسبُ بقوله: «أنت والأحول فقّاران ۲ حاذقان» والثاني أنسبُ بقول الراوي: «كان قد تعلّم الكلام من عليّ بن الحسين عليهماالسلام» وما ذكرناه أوّلاً أظهرُ منهما كما لا يخفى، وأنسبُ بحال قيس وتعلُّمِه من عليّ بن الحسين عليهماالسلام.

1.في الكافي المطبوع: «تكون» وكذا بعده.

2.في «ل» والكافي المطبوع: «قفّازان».

  • نام منبع :
    الحاشية علی اصول الكافي (النائيني)
    سایر پدیدآورندگان :
    درايتی، محمد حسين
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1383
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 122480
صفحه از 672
پرینت  ارسال به