559
الحاشية علی اصول الكافي (النائيني)

۰.لكلّ شرح علما ، وجعلَ لكلّ علمٍ بابا ناطقا ، عَرَفَه مَن عَرَفَه ، وجَهِلَه مَن جَهِلَه ، ذاك رسولُ اللّه صلى الله عليه و آله ونحنُ».

۸.محمّد بن يحيى ، عن محمّد بن الحسين ، عن صفوانَ بن يحيى ، عن العلاء بن رَزين ، عن محمّد بن مسلم ، قالَ :سمعتُ أبا جعفر عليه السلام يقولُ : كلُّ من دانَ اللّه َ ـ عزّ وجلّ ـ بعبادةٍ يُجْهِدُ فيها نفسَه ولا إمامَ له من اللّه فسَعْيُه غيرُ مقبولٍ ، وهو ضالٌّ متحيّرٌ ، واللّه شانئٌ لأعماله ، ومَثَلُه كمَثَلِ شاةٍ ضَلَّتْ عن راعيها وقَطيعها ، فهَجَمَتْ ذاهِبَةً وجائيةً يومَها ، فلمّا

قوله: (كلّ من دان اللّه تعالى بعبادة يجهد فيها نفسه) أي يجدّ ويبالغ فيها ويحمل على نفسها فوق طاقتها (ولا إمام له من اللّه ) أي لا يعتقد إمامته ولا يعرفه بالإمامة، ولا يكون عمله بالأخذ عنه (فسعيه غير مقبول ، وهو ضالّ متحيّر) حيث لم يأخذها عن مأخذها الموجب لصحّة المعرفة، فعمله لم يكن للّه (واللّه شانئ) مُبغض (لأعماله) وإنّما مَثَله في أعماله (كمثل شاة ضلّت عن راعيها وقطيعها) فدخلت ۱ في السعي والتعب ذاهبة جائية متحيّرة يومها، فإنّ ذلك العامل لمّا لم يكن على ثقة من المعرفة بالعمل يكون في معرض الشكّ والحيرة، فلمّا حان حينُ خوفه وأحاطت ظلمة الجهل به، ولم يعرف مَن يحصل له الثقة به، وطلب مَن يلحق به، لحق على غير بصيرة لجماعة يراهم مجتمعين على مَن لا يعرف حاله وحنّ إليهم واغترّ بهم ظنا منه أنّهم على ما هو عليه وأنّهم أصحابه، فلمّا أن دعاهم راعيهم ورئيسهم إلى ما عليه، عرف أنّه ليس منهم، فهجم ۲ متحيّرا في طلب مطلوبه وطلب غيره، فلحق بآخرين على غير بصيرة، وحنّ إليهم، فردّه وصاح عليه راعي الآخرين وإن كانوا على الحقّ بأنّك لست منّا ولست على ثقة من معرفتك، فأنت تائهٌ متحيّر، فهجم ذاعرا خائفا متحيّرا، لا إمام له يرشده، فبينا هو كذلك إذا اغتنم الشيطان ضيعته فأضلّه وأخرجه عن الدين، كما أنّ الشاة الضالّة عن راعيها وقطيعها كانت حين خوفها في ظلمة الليل تلحق بقطيع اُخرى، ثمّ تركها لمّا رأت أنّها ليست قطيعَها،

1.في «ل» والكافي المطبوع: «فهجمت».

2.في «ل»: «فيهجم».


الحاشية علی اصول الكافي (النائيني)
558

۰.نُذُره ، فقال : « وَ إِن مِّنْ أُمَّةٍ إِلاَّ خَلاَ فِيهَا نَذِيرٌ » تاهَ من جَهِلَ ، واهتدى من أبْصَرَ وعَقَلَ ، إنَّ اللّه عزّ وجلّ يقولُ : « فَإِنَّهَا لاَ تَعْمَى الْأَبْصَـرُ وَ لَـكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِى فِى الصُّدُورِ » وكيف يَهتدي من لم يُبصِرْ؟ وكيف يُبصِرُ من لم يَتَدَبَّرْ؟ اتَّبِعوا رسولَ اللّه وأهلَ بيته وأقِرُّوا بما نَزَلَ من عند اللّه واتّبعوا آثارَ الهُدى ، فإنّهم علاماتُ الأمانةِ والتقى ، واعلموا أنّه لو أنْكَرَ رجلٌ عيسى بن مريمَ عليه السلام وأقَرَّ بمَن سواه من الرسل لم يُؤْمِنْ ، اقتَصّوا الطريق بالتماسِ المنارِ ، والتَمِسوا من وراء الحُجُب الآثارَ تَسْتَكْمِلوا أمرَ دينكم وتُؤمنوا باللّه ربِّكم».

۷.عدّةٌ من أصحابنا ، عن أحمدَ بن محمّد، عن الحسين بن سعيد ، عن محمّد بن الحسين بن صغير ، عمّن حدَّثه ، عن رِبْعيّ بن عبد اللّه ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنّه قال :«أبَى اللّه ُ أن يُجرِيَ الأشياء إلاّ بأسبابٍ ، فجعَل لكلّ شيء سببا وجعَل لكلّ سبب شرحا ، وجعَل

كونوا مقرّين بما نزل من عند اللّه ( واتّبعوا آثار الهدى؛ فإنّهم علامات الأمانة والتُقى، واعلموا) أنّ من أنكر آخرهم لم يكن مؤمنا ولو أقرّ بمن قبله منهم، كما (أنّه لو أنكر رجل عيسى بن مريم عليه السلام وأقرّ بمن سواه من الرسل لم يؤمن . اقتصّوا الطريق) بطلب المنار، واطلبوا من وراء الحجب الآثارَ لتكونوا مستكملين أمر دينكم ، مؤمنين باللّه ربّكم.
قوله: (أبى اللّه أن يُجري الأشياء إلاّ بأسباب) أي لم يأذن اللّه في جريان الأشياء ووصولها من مبدئها إلى مغيّاها إلاّ بأسباب، وجرت به عادة اللّه على وفق حكمته، وما لم يأذن فيه لم يكن، كما سبق أنّه لا يكون شيء إلاّ بإذن اللّه تعالى، فجعل لحصول كلّ شيء سببا، وجعل لكلّ سبب شرحا وتفسيرا وتوضيحا، وجعل لكلّ شرح علما محيطا به ينفتح منه، وجعل لكلّ علم بابا ناطقا مظهرا له ، يصل من ذلك الباب إلى من يصل إليه، إنّما عرف ذلك العلم أو الشرحَ مَن عرف ذلك الباب، وجهل ذلك العلم أو الشرحَ مَن جهل ذلك الباب، وذاك الباب الناطق هو رسول اللّه صلى الله عليه و آله في زمانه، ونحن ولاة أمره من أهل بيته وعترته بعده، كما نطق به الكتاب وبيّنه رسول اللّه صلى الله عليه و آله لاُمّته بيانا لا يعتريه شكّ ولا ارتياب.

  • نام منبع :
    الحاشية علی اصول الكافي (النائيني)
    سایر پدیدآورندگان :
    درايتی، محمد حسين
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1383
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 100252
صفحه از 672
پرینت  ارسال به