591
الحاشية علی اصول الكافي (النائيني)

۰.فِى الْكِتَـبِ مِن شَىْ ءٍ » وأنزَلَ في حَجَّةِ الوَداعِ وهي آخِرُ عمره صلى الله عليه و آله : « الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِى وَرَضِيتُ لَكُمُ الاْءِسْلَـمَ دِينًا » وأمرُ الإمامةِ من تمام الدين ، ولم يَمْضِ صلى الله عليه و آله حتّى بَيَّنَ لأُمّته معالمَ دينهم ، وأوضَحَ لهم سبيلَهم ، وتَرَكَهم على قَصْد سبيلِ الحقّ ، وأقامَ لهم عليّا عليه السلام عَلَما وإماما . وما تَرَكَ لهم شيئا يَحتاجُ إليه الأُمّةُ إلاّ بَيَّنَه ، فمن زعم أنَّ اللّه َ ـ عزّ وجلّ ـ لم يُكْمِلْ دينَه فقد رَدَّ كتابَ اللّه ، ومن رَدَّ كتابَ اللّه ِ فهو كافرٌ به .
هل يَعرفونَ قَدْرَ الإمامة ومحلَّها من الأُمّة فيجوزَ فيها اختيارُهم ، إنَّ الإمامةَ أجَلُّ قَدْرا وأعظمُ شأنا وأعلى مكانا وأمنَعُ جانبا وأبْعَدُ غورا من أن يَبْلُغَها الناسُ بعقولهم ، أو يَنالوها بآرائهم ، أو يُقيموا إماما باختيارهم ، إنَّ الإمامةَ خَصَّ اللّه ُ ـ عزّ وجلّ ـ بها إبراهيمَ الخليلَ عليه السلام بعد النبوَّةِ والخُلَّةِ مرتبةً ثالثةً ، وفضيلةً شَرَّفَه بها وأشادَ بها ذكرَه ، فقال : « إِنِّى جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا » فقال الخليلُ عليه السلام سرورا بها : « وَ مِن ذُرِّيَّتِى » قالَ اللّه ُ تبارك وتعالى :

قوله: (وتركهم على قصد سبيل الحقّ).
«القصد»: استقامة الطريق، أي تركهم على السبيل المستقيم الموصلِ سلوكُه إلى الحقّ. (وأقام لهم عليّا عليه السلام عَلَما وإماما) بنصّه صلى الله عليه و آله على إمامته يوم الغدير وتبليغه ما اُمر بتبليغه. (وما ترك شيئا يحتاج إليه الاُمّة إلاّ بيَّنه) فإنّ بإمامته ومعرفتها والرجوع إليه يقضي ۱ حاجتهم، كما قال عزّ من قائل: « الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِى »۲ ( فمن زعم أنّ اللّه لم يُكمل دينه ) بنصبه بالإمامة ( فقد ردّ كتابَ اللّه ، ومن ردّ كتاب اللّه فهو كافر به ) وأنّى للناس الوصولُ إلى معرفة مَن يُكمل الدين ويتمّ الهداية بالانقياد والتسليم له؟ ومن المعلوم أنّ الناس لا يعرفون مرتبة الإمامة وما هو مناطها، وليس لهم طريق إليها بعقولهم إلاّ بإيقاف من اللّه سبحانه وتبليغٍ من رسوله صلى الله عليه و آله كيف وهي مرتبة مَنَّ اللّه تعالى بها على خليله صلى الله عليه و آله ، وبشّر بها بعد نبوّته وخلّته (وفضيلة شرّفه بها، وأشاد بها ذكره) أي رفع بها قدره وشرفَه أوصِيتَه وثناءه (فقال: « إِنِّى جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا » فقال الخليل عليه السلام سرورا بها) أي بالإمامة

1.في «ل»: «تقضي».

2.المائدة (۵): ۳.


الحاشية علی اصول الكافي (النائيني)
590

۰.وقال أمير المؤمنين عليه السلام : أنا قسيمُ اللّه بين الجنّةِ والنارِ ، لا يَدْخُلُها داخلٌ إلاّ على حدِّ قَسْمي ، وأنا الفاروقُ الأكبر ، وأنا الإمامُ لمن بعدي ، والمؤدِّي عمّن كانَ قبلي ، لا يَتَقَدَّمُني أحدٌ إلاّ أحمدُ صلى الله عليه و آله وإنّي وإيّاه لَعَلى سبيلٍ واحدٍ إلاّ أنّه هو المدعُوُّ باسمه ، ولقد اُعْطِيتُ الستَّ : علمَ المنايا والبلايا ؛ والوصايا ؛ وفصلَ الخطاب ؛ وإنّي لصاحِبُ الكَرّاتِ ودَوْلَةِ الدُّوَلِ ؛ وإنّي لصاحِبُ العصا والمِيْسَمِ ؛ والدابّةُ الّتي تُكَلِّمُ الناسَ».

باب نادرٌ جامعٌ في فضل الإمام وصفاته

۱.أبو محمّد القاسمُ بن العلاء رحمه الله رَفَعَه ، عن عبد العزيز بن مسلم ، قالَ :كُنّا مع الرضا عليه السلام بمَرْوَ ، فاجتمعنا في الجامع يوم الجُمُعَةِ في بَدْءِ مَقْدَمِنا ، فأداروا أمرَ الإمامة وذكروا كثرةَ اختلاف الناس فيها ، فدَخَلْتُ على سيّدي عليه السلام فَأعْلَمْتُهُ خوضَ الناس فيه ، فَتَبَسَّمَ عليه السلام ثمّ قال : «يا عبد العزيز ، جَهِلَ القومُ ، وخُدِعُوا عن آرائهم ، إنَّ اللّه ـ عزّ وجلّ ـ لم يَقْبَضْ نبيّه صلى الله عليه و آله حتّى أكْمَلَ له الدينَ ، وأنزَلَ عليه القرآنَ فيه تبيانُ كلِّ شيءٍ ، بَيَّنَ فيه الحلالَ والحرامَ ، والحدودَ والأحكامَ ، وجميعَ ما يحتاجُ إليه الناسُ كَمَلاً ، فقال عزّ وجلّ : « مَّا فَرَّطْنَا

وقوله: (وإنّي لَصاحب الكرّات ودولة الدول) أي إنّي لَصاحب الحَمَلات أحمل مرّة بعد مرّةٍ حتّى يرفع دول أعدائي ، ويستقرّ دولتي وصاحب دولة الدول، أي الدولة التي تنقطع ويتغيّر إليه الدول، وهي الدولة الدينيّة الاُخرويّة الباقية التي تنقضي الدول الدنيويّة الفانية وتتغيّر إليها (وإنّي لَصاحب العصا والميسم والدابّة التي تكلّم الناس) أي أنا الذي اُخبرتم بظهوره لدى انقضاء الدنيا من صاحب العصا والميسم، والدابّة التي تكلّم الناس.

باب نادر جامع في فضل الإمام عليه السلام وصفاته

قوله: (في بدء مقدمنا) بالباء الموحّدة، أي أوّلِ قدومنا. وفي بعض النسخ بالنون، أي مجلس قدومنا.

  • نام منبع :
    الحاشية علی اصول الكافي (النائيني)
    سایر پدیدآورندگان :
    درايتی، محمد حسين
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1383
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 99879
صفحه از 672
پرینت  ارسال به