۰.الإمامُ الأنيسُ الرفيقُ ، والوالدُ الشفيقُ ، والأخُ الشقيقُ ، والاُمُّ البَرَّةُ بالولد الصغير ، ومَفْزَعُ العِباد في الداهية النَآدِ ، الإمامُ أمينُ اللّه في خلقه ، وحجّتُه على عباده وخليفتُه في بلاده ، والداعي إلى اللّه ، والذابُّ عن حُرَمِ اللّه .
الإمامُ المطهَّرُ من الذنوب، والمبرَّاُ عن العيوب ، المخصوصُ بالعلم ، الموسومُ بالحلم ، نظامُ الدين ، وعزُّ المسلمين ، وغيظُ المنافقين ، وبَوارُ الكافرين .
الإمامُ واحدُ دَهْرِه ، لا يُدانيه أحدٌ ، ولا يُعادِلُه عالم ، ولا يوجَدُ منه بَدَلٌ ، ولا له مِثْلٌ ولا نظير ، مخصوصٌ بالفَضْل كُلِّه من غير طَلَبٍ منه له ولا اكتسابٍ ، بل اختصاصٌ من المفضِلِ الوهّاب .
فمَنْ ذا الّذي يَبلُغُ معرفة الإمام ، أو يُمْكِنُه اختيارُه ؟ هيهاتَ هيهاتَ ، ضَلَّتِ العقولُ ، وتاهَتِ الحلومُ ، وحارَتِ الألبابُ ، وخَسَأتِ العيونُ ، وتَصاغَرَتِ العُظَماءُ ، وتَحَيَّرَتِ الحُكَماءُ ، وتَقاصَرَتِ الحُلَماءُ ، وحَصِرَتِ الخُطَباءُ ، وجَهِلَتِ الألبّاءُ ، وكَلَّتِ الشُعَراءُ ، وعَجَزَتِ الأُدباءُ ، وعَيِيَتِ البُلَغاءُ عن وصفِ شأنٍ من شأنه ، أو فضيلةٍ من فضائله ، وأقَرَّتْ بالعجز والتقصير ، وكيف يوصَفُ بكلّه ، أو يُنْعَتُ بكُنْهه ، أو يُفْهَمُ شيءٌ من أمْرِه ، أو يوجَدُ مَن يَقومُ مقامَه ويُغني غِناه ، لا كيفَ وأنّى؟ وهو بحيثُ النجمِ مِن يَدِ المتناولينَ ، ووَصْفِ الواصفينَ ، فأينَ الاختيارُ من هذا؟ وأينَ العقولُ عن هذا؟ وأينَ يوجَدُ مثلُ هذا؟! .
والأفهام إلى معرفة الإمام، ففرّع عليها بقوله: ( فمن ذا الذي يبلغ معرفة الإمام و ۱
يمكنه اختياره ؟ )
وعلى الثاني يكون تفريعا لبطلان ما وقع بعد رسول اللّه صلى الله عليه و آله من ابتناء الإمامة على اختيار الجهّال ، ويكون ما بعده تأييدا له وتبيينا لما هو أعمُّ منه مأخذا منه من بطلان ابتناء الإمامة على اختيار العباد ۲ بعقولهم وأفهامهم ولو كانوا ذوي بصائرَ، واُولي الألباب، فبيّنه بكلام الفصل إلى قوله: (فأين الاختيار من هذا؟ وأين العقول عن هذا؟) تصريحا بالنتيجة بتفريعها على المقدّمات.