595
الحاشية علی اصول الكافي (النائيني)

۰.الإمامُ الأنيسُ الرفيقُ ، والوالدُ الشفيقُ ، والأخُ الشقيقُ ، والاُمُّ البَرَّةُ بالولد الصغير ، ومَفْزَعُ العِباد في الداهية النَآدِ ، الإمامُ أمينُ اللّه في خلقه ، وحجّتُه على عباده وخليفتُه في بلاده ، والداعي إلى اللّه ، والذابُّ عن حُرَمِ اللّه .
الإمامُ المطهَّرُ من الذنوب، والمبرَّاُ عن العيوب ، المخصوصُ بالعلم ، الموسومُ بالحلم ، نظامُ الدين ، وعزُّ المسلمين ، وغيظُ المنافقين ، وبَوارُ الكافرين .
الإمامُ واحدُ دَهْرِه ، لا يُدانيه أحدٌ ، ولا يُعادِلُه عالم ، ولا يوجَدُ منه بَدَلٌ ، ولا له مِثْلٌ ولا نظير ، مخصوصٌ بالفَضْل كُلِّه من غير طَلَبٍ منه له ولا اكتسابٍ ، بل اختصاصٌ من المفضِلِ الوهّاب .
فمَنْ ذا الّذي يَبلُغُ معرفة الإمام ، أو يُمْكِنُه اختيارُه ؟ هيهاتَ هيهاتَ ، ضَلَّتِ العقولُ ، وتاهَتِ الحلومُ ، وحارَتِ الألبابُ ، وخَسَأتِ العيونُ ، وتَصاغَرَتِ العُظَماءُ ، وتَحَيَّرَتِ الحُكَماءُ ، وتَقاصَرَتِ الحُلَماءُ ، وحَصِرَتِ الخُطَباءُ ، وجَهِلَتِ الألبّاءُ ، وكَلَّتِ الشُعَراءُ ، وعَجَزَتِ الأُدباءُ ، وعَيِيَتِ البُلَغاءُ عن وصفِ شأنٍ من شأنه ، أو فضيلةٍ من فضائله ، وأقَرَّتْ بالعجز والتقصير ، وكيف يوصَفُ بكلّه ، أو يُنْعَتُ بكُنْهه ، أو يُفْهَمُ شيءٌ من أمْرِه ، أو يوجَدُ مَن يَقومُ مقامَه ويُغني غِناه ، لا كيفَ وأنّى؟ وهو بحيثُ النجمِ مِن يَدِ المتناولينَ ، ووَصْفِ الواصفينَ ، فأينَ الاختيارُ من هذا؟ وأينَ العقولُ عن هذا؟ وأينَ يوجَدُ مثلُ هذا؟! .

والأفهام إلى معرفة الإمام، ففرّع عليها بقوله: ( فمن ذا الذي يبلغ معرفة الإمام و ۱
يمكنه اختياره ؟ )
وعلى الثاني يكون تفريعا لبطلان ما وقع بعد رسول اللّه صلى الله عليه و آله من ابتناء الإمامة على اختيار الجهّال ، ويكون ما بعده تأييدا له وتبيينا لما هو أعمُّ منه مأخذا منه من بطلان ابتناء الإمامة على اختيار العباد ۲ بعقولهم وأفهامهم ولو كانوا ذوي بصائرَ، واُولي الألباب، فبيّنه بكلام الفصل إلى قوله: (فأين الاختيار من هذا؟ وأين العقول عن هذا؟) تصريحا بالنتيجة بتفريعها على المقدّمات.

1.في الكافي المطبوع: «أو».

2.في «خ» : «الناس» .


الحاشية علی اصول الكافي (النائيني)
594

۰.وُلْدِ عليّ عليه السلام خاصّةً إلى يوم القيامة ؛ إذ لا نبيَّ بعد محمّد صلى الله عليه و آله فمن أين يَختارُ هؤلاء الجُهّالُ ؟
إنَّ الإمامةَ هي منزلةُ الأنبياء ، وإرثُ الأوصياء ، إنّ الإمامةَ خلافةُ اللّه ِ وخلافةُ الرسولِ صلى الله عليه و آله ومقامُ أمير المؤمنين عليه السلام وميراثُ الحسن والحسين عليهماالسلام إنّ الإمامةَ زمامُ الدين ، ونظامُ المسلمين ، وصَلاحُ الدنيا وعِزُّ المؤمنينَ ، إنّ الإمامةَ اُسُّ الإسلام النامي ، وفرعُه السامي ، بالإمام تمامُ الصلاة والزكاة والصيام والحجّ والجهاد ، وتوفيرُ الفيء والصدقات ، وإمضاءُ الحدود والأحكام ، ومنعُ الثغورِ والأطرافِ .
الإمامُ يُحِلُّ حلالَ اللّه ، ويُحرِّمُ حرامَ اللّه ، ويُقيمُ حدودَ اللّه ، ويَذُبُّ عن دين اللّه ، ويَدْعو إلى سبيل ربّه بالحكمة والموعظة الحسنة ، والحجّةِ البالغة ، الإمام كالشمس الطالعة المجَلِّلَة بنورها للعالم ، وهي في الأُفق بحيث لا تَنالُها الأيدي والأبصارُ .
الإمامُ البدرُ المنير ، والسراجُ الزاهر ، والنورُ الساطع ، والنجمُ الهادي في غَياهِب الدجى وأجوازِ البلدانِ والقِفارِ ، ولُجَجِ البحار ، الامامُ الماءُ العَذْبُ على الظماء ، والدالُّ على الهدى ، والمنجي من الردى ، الإمامُ النارُ على اليَفاع ، الحارُّ لمن اصْطَلى به ، والدليلُ في المهالك ، مَن فارَقَه فَهالِكٌ ، الإمامُ السحابُ الماطر ، والغَيْثُ الهاطِلُ ، والشمسُ المضيئة ، والسماءُ الظليلة ، والأرضُ البسيطةُ ، والعينُ الغزيرةُ ، والغديرُ والروضةُ .

ما عُلم من الكتاب وبُيِّن في السنّة (فمن أين يختار هؤلاء الجهّال؟) الذين نصبوا للإمامة ، وقد عُلم أنّه لا يليق بها الجهّال.
ويحتمل أن يكون «يختار» على البناء للفاعل، أي لمّا عُلم لزوم كون الإمام بصفات يعجز عن معرفتها، فمن أين يختار هؤلاء الجهّال الإمامَ؟ وكيف يكون الإمامة باختيارهم؟!
وعلى الأوّل يكون متفرّعا على ما اتّصل به ۱ ، ويكون قوله: ( إنّ الإمامة هي منزلة الأنبياء ) إلى آخر تعداد صفات الإمام كلاما ممهَّدا ۲ لتفريع عدم بلوغ المدارك

1.في «ل»: «على سابقه».

2.في «ل»: «ابتداء كلام ممهّد».

  • نام منبع :
    الحاشية علی اصول الكافي (النائيني)
    سایر پدیدآورندگان :
    درايتی، محمد حسين
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1383
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 100280
صفحه از 672
پرینت  ارسال به