599
الحاشية علی اصول الكافي (النائيني)

۲.محمّد بن يحيى ، عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى ، عن الحسن بن محبوب ، عن إسحاقَ بن غالب ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام في خطبةٍ له يَذكُرُ فيها حالَ الأئمّة عليهم السلاموصفاتِهم : «إنّ اللّه ـ عزّ وجلّ ـ أوضَحَ بأئمّة الهدى من أهل بيت نبيّنا عن دينه ، وأبْلَجَ بهم عن سبيل

ثمّ صرّح ببطلانه بقوله: (تعدَّوْا ـ وبيتِ اللّه ـ الحقَّ) فأقسم ببيت اللّه أنّهم تجاوزوا عن الحقّ، وطرحوا كتاب اللّه وراء ظهورهم، وتركوه كأنّهم لا يعلمون الحقّ وما في كتاب اللّه وفي كتاب اللّه الهدى والشفاء فنبذوه واتّبعوا أهواءهم وما تميل ۱ نفوسهم إليه، فذمّهم اللّه ومقتهم ـ بالتخفيف من المجرّد، أو بالتشديد من باب التفعيل ـ أي أبغضهم، وأتعسهم، أي أهلكهم.
ويحتمل أن يكون المعنى في «مقّتهم وأتعسهم»: حَكمَ بكونهم مُبغَضين له وكونِهم هالكين بالعثار والسقوط.
قوله: (إنّ اللّه تعالى أوضح بأئمّة الهدى من أهل بيت نبيّنا صلى الله عليه و آله عن دينه) أي جعلهم كاشفين عن دينه، أي الدينِ المنسوب إليه؛ لشرافته ؛ ولإيجاب التديّن به؛

1.في «ل»: «يميل».


الحاشية علی اصول الكافي (النائيني)
598

۰.كَانُواْ صَـدِقِينَ » وقال عزّ وجلّ : « أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْءَانَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَآ » أم « طبع اللّه على قلوبهم فهم لا يفقهون » أم « قَالُواْ سَمِعْنَا وَهُمْ لاَ يَسْمَعُونَ * إِنَّ شَرَّ الدَّوَآبِّ عِندَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لاَ يَعْقِلُونَ * وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لأََّسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّواْ وَّهُم مُّعْرِضُونَ » أم « قَالُواْ سَمِعْنَا وَ عَصَيْنَا » ، بل هو فضل اللّه يؤتيه من يشاء واللّه ذو الفضل العظيم .
فكيف لهم باختيار الإمام؟! والإمامُ عالمٌ لا يَجْهَلُ ، وراعٍ لا يَنكُلُ ، مَعْدِنُ القُدْسِ والطهارة ، والنُّسُكِ والزهادةِ ، والعلمِ والعبادةِ ، مخصوصٌ بدعوة الرسول صلى الله عليه و آله ونسلِ المطهَّرَة البتول ، لا مَغْمَزَ فيه في نَسَب ، ولا يُدانيه ذو حَسَبٍ ، في البيت من قريش ، والذَّرْوَةِ من هاشم ، والعترةِ من الرسول صلى الله عليه و آله ، والرضا من اللّه عزّ وجلّ، شَرَفُ الأشرافِ ، والفرعُ من عَبْدِ منافٍ ، نامي العلم ، كاملُ الحلم ، مُضطَلِعٌ بالإمامة ، عالمٌ بالسياسة ، مفروضُ الطاعة ، قائمٌ بأمر اللّه عزّ وجلّ، ناصحٌ لعباد اللّه ، حافظٌ لدين اللّه .
إنّ الأنبياءَ والأئمّةَ ـ صلوات اللّه عليهم ـ يُوَفِّقُهُم اللّه ُ ويُؤتِيهم من مخزونِ عِلْمِه وحِكَمِه ما لا يؤتيه غيرَهم ، فيكونُ علمُهم فوقَ علم أهل الزمان في قوله تعالى : « أَفَمَن يَهْدِى إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَن يُتَّبَعَ أَمَّن لاَّ يَهِدِّى إِلاَّ أَن يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ » وقوله تبارك وتعالى : « وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِىَ خَيْرًا كَثِيرًا » وقوله في طالوت : « إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَـلـهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُو بَسْطَةً فِى الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللَّهُ يُؤْتِى مُلْكَهُو مَن يَشَآءُ وَاللَّهُ وَ سِعٌ عَلِيمٌ » وقال لنبيّه صلى الله عليه و آله : « أنزل [ اللّه ] عليك الكتاب والحكمة وعلّمك ما لم تكن تعلم وكان فضل اللّه عليك عظيما » وقال في الأئمّة من أهل بيت نبيّه وعترته وذرّيّته صلوات اللّه عليهم : « أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَآ ءَاتَـلـهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِى فَقَدْ ءَاتَيْنَآ ءَالَ إِبْرَ هِيمَ الْكِتَـبَ وَالْحِكْمَةَ وَءَاتَيْنَـهُم مُّلْكًا عَظِيمًا * فَمِنْهُم مَّنْ ءَامَنَ بِهِى وَمِنْهُم مَّن صَدَّ عَنْهُ وَكَفَى بِجَهَنَّمَ سَعِيرًا » .
وإنَّ العبد إذا اختاره اللّه عزّ وجلّ لأُمور عباده ، شَرَحَ صدرَه لذلك ، وأودَعَ قلبَه ينابيعَ الحكمة ، وألهَمَه العلمَ إلهاما ، فلم يَعْيَ بعدَه الجواب ، ولا يُحَيِّرُ فيه عن الصواب ، فهو معصومٌ مؤيّدٌ ، موفَّقٌ ، مسدَّدٌ ، قد أمِنَ من الخطايا والزلل والعِثار ، يَخُصُّه اللّه ُ بذلك
ليكونَ حُجَّتَه على عباده ، وشاهدَه على خلقه ، وذلك فضلُ اللّه يؤتيه من يشاءُ واللّه ذو الفضل العظيم .
فهل يَقْدِرونَ على مثل هذا فيختارونَه ، أو يكونُ مختارُهم بهذه الصفة فيُقَدِّمونَه ، تَعَدَّوْا ـ وبيتِ اللّه ـ الحقَّ ، ونَبَذُوا كتابَ اللّه وراءَ ظهورهِم ، كأنّهم لا يعلمونَ ، وفي كتاب اللّه الهدى والشفاء ، فنبذوه واتّبعوا أهواءَهم ، فَذَمَّهم اللّه ُ ومَقَّتَهم وأتْعَسَهم ، فقال جلَّ وتعالى : « وَ مَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَلـهُ بِغَيْرِ هُدًى مِّنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِى الْقَوْمَ الظَّــلِمِينَ » وقال : « فَتَعْسًا لَّهُمْ وَ أَضَلَّ أَعْمَــلَهُمْ » وقال : « كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّهِ وَ عِندَ الَّذِينَ ءَامَنُواْ كَذَ لِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ » وصلّى اللّه على النبيّ محمّدٍ وآله وسَلَّمَ تسليما كثيرا» .

  • نام منبع :
    الحاشية علی اصول الكافي (النائيني)
    سایر پدیدآورندگان :
    درايتی، محمد حسين
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1383
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 100246
صفحه از 672
پرینت  ارسال به