601
الحاشية علی اصول الكافي (النائيني)

۰.الجبّار ، يَمُدُّ بسببٍ إلى السماء ، لا يَنقطِعُ عنه مَوادُّه ، ولا يَنالُ ما عند اللّه إلاّ بجهة أسبابه ، ولا يَقبَلُ اللّه ُ أعمالَ العباد إلاّ بمعرفته ، فهو عالِمٌ بما يَرِدُ عليه من مُلْتَبِساتِ الدُّجى ، ومُعَمِّياتِ السنن ، ومشبِّهاتِ الفِتَنِ ، فلم يَزَلِ اللّه ُ تبارك وتعالى يَختارُهم لخلقه من وُلْدِ

المراد الزيادات المتّصلة من فيوضه الخارجة منه إليهم، وبأهل موادّه مَن له زيادةُ اختصاصٍ بفيوضه من ذوي ۱ الألباب.
و«العالم»: مجموع الخلق من السماويّات والأرضيّات، والعِلْويّات والسِفْليّات أو ما تحت ۲ الأفلاك. والمراد بعالَمه مَن له زيادة ارتباطٍ واختصاصٍ به سبحانه، وهم ذووا العقول؛ أو المراد العالم المستند صدوره ووجوده إليه سبحانه.
وقوله: «وعالمه» إمّا عطف على «موادّه» فيكون حجّة على أهل عالمه، أو عطف على أهل موادّه، فيكون العالم أهلَ موادّه، أو بمنزلتهم. ولا يبعد أن يكون مرجع الضمائر البارزة في «جعله» وفي «مادّته» و «عالمه» واحدا، ويكونَ نسبة المادّة والعالم إلى الإمام وإضافتُهما إليه باعتبار الاتّصال بالإمام دائما غير منقطع عنه؛ فإنّ جريان الفيض القدسي من بحر العالم العقلي على النفس الزكيّة الحَرِيّة بمنصب الإمامة متّصل غيرُ منقطع من مادّة غير محدودة ۳ .
وقوله: (يمد بسبب إلى السماء) أي يصل إلى السماء ويتّصل بمجاري فيوضه المتّصلة وصولاً واتّصالاً (لا ينقطع عنه موادّه) . ولعلّ المقصود بالسماء هاهنا العالم العِلْوي مطلقا.
وقوله: (ولا تنال ما عند اللّه إلاّ بجهة أسبابٍ جعلها اللّه له) ۴ أي للإمام (ولا يقبل اللّه أعمال العباد إلاّ بمعرفة الإمام) ۵ فإنّه باتّصاله بمجاري فيوضه سبحانه (عالم بما

1.في «ل»: «أُولي».

2.في «ل»: «أو ما تحت».

3.في «ل» بدل قوله: «فيكون حجّة على... غير محدودة»: أو عطف على «أهل موادّه» فيكون الحجّة على أهل عالمه وهو من كان داخلاً في زيادة الربط والاختصاص، أو على «عالمه» فيكون «عالمه» بمنزلة «أهل موادّه».

4.في الكافي المطبوع: «بجهة أسبابه».

5.في الكافي المطبوع: «بمعرفته».


الحاشية علی اصول الكافي (النائيني)
600

۰.مِنهاجِه ، وفَتَحَ بهم عن باطن يَنابيعِ عِلْمِه ، فمن عَرَفَ من اُمّة محمّد صلى الله عليه و آله واجبَ حقّ إمامه ، وَجَدَ طعمَ حلاوةِ إيمانِه ، وعَلِمَ فَضْلَ طلاوةِ إسلامِه ، لأنّ اللّه ـ تبارك وتعالى ـ نَصَبَ الإمامَ عَلَما لخَلْقه ، وجَعَلَه حُجّةً على أهل مَوادِّه وعالَمه ، وألْبَسَه اللّه ُ تاجَ الوَقارِ ، وغَشّاه من نور

ولكونه مَرضيّا عنده (وأبلج) أي أوضح (بهم عن سبيل منهاجه) أي سبيلٍ هو منهاجُه ، وهو الطريق الواضح، أو سبيلٍ يوصل ۱ سلوكه إلى معرفة الشريعة الواضحة (وفتح بهم) وجعلهم مفاتيح أبواب مستورات (ينابيع علمه) فيصل الطالبون لها بهدايتهم إليها. وفي بعض النسخ «ومنح بهم» أي أعطى الناس بهم فاتحا عن الدقائق المستورة في ينابيع علمه (فمن عرف من أُمّة محمّد صلى الله عليه و آله ) ما وجب عليه القيام به من طاعة إمامه (وجد طعم حلاوة إيمانه) واستلذّ به (وعلم فضل طلاوة إسلامه).
و «الطلاوة»: الرونق والحسن، يقال: إنّ عليه لَطلاوةً، أي رونقا وحسنا. ولمّا كان الإيمان باعتبار العقائد والبواطن، والاسلامُ باعتبار الأقوال والظواهر، ناسب الإيمان الحلاوةَ، وناسب الإسلام الطلاوةَ. ولمّا كان النبوّة والرسالة منقطعا ۲ بعد رسول اللّه محمّد صلى الله عليه و آله وهو خاتم النبييّن، فاُمّة محمّد صلى الله عليه و آله أشدُّ احتياجا إلى ما عوّضوا به من النبوّة فيهم لحفظ الشريعة وإقامة العدل، وهي الإمامة من الأُمم السابقة، فخصّهم بالذكر في قوله: «فمن عرف من اُمّة محمّد صلى الله عليه و آله » حيث انحصر الطريق إلى المعرفة وحفظ الشريعة فيهم في معرفة الإمام وواجب حقّه.
ثمّ أخذ يحتجّ على ما ذكره بقوله: (لانّ اللّه تعالى نصب الإمام عَلَما لخلقه) والعَلَم منصوب يهتدى به، أي نصبه لأن يهتدي الخلق به، وأعطاه ما يحتاجون إليه، فجعله حجّة على خلقه، وعبّر عن خلقه بأهل موادّه وعالمه.
و «المادّة» الزيادة المتّصلة. والمراد بموادّه جميعُ الزيادات المتّصلة به من جميع المخلوقات اتّصالُ صدور ووجود ۳ منه واستكمالٍ لهم به واستفاضةٍ منه، أو

1.في «خ»: «موصل».

2.كذا، والصحيح: «منقطعة».

3.في «ل»: «وإيجاد».

  • نام منبع :
    الحاشية علی اصول الكافي (النائيني)
    سایر پدیدآورندگان :
    درايتی، محمد حسين
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1383
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 100182
صفحه از 672
پرینت  ارسال به