619
الحاشية علی اصول الكافي (النائيني)

۰.رسولُ اللّه صلى الله عليه و آله : الذكرُ أنا ، والأئمّةُ أهلُ الذكر» ، وقوله عزّ وجلّ: « وَ إِنَّهُو لَذِكْرٌ لَّكَ وَ لِقَوْمِكَ وَ سَوْفَ تُسْـ?لُونَ » قال أبو جعفر عليه السلام : «نحنُ قومُه ونحنُ المسؤولونَ».

ثمّ أورد الراوي رواية اُخرى عنه وألحقها بسابق كلامه، وقال: ( وقوله عزّ وجلّ: «وَ إِنَّهُو لَذِكْرٌ لَّكَ وَ لِقَوْمِكَ وَ سَوْفَ تُسْـ?لُونَ» 1 قال أبو جعفر عليه السلام ) أي قال أبو جعفر عليه السلام في بيان هذا القول: (نحن قومه ونحن المسؤولون) فلفظ «القوم» وإن شمل الأئمّة وغيرَهم من اُمّة الرسول، لكنّه يفهم من الاختصاص المدلولِ عليه باللام أنّ للذكر ـ الذي هو القرآن ـ اختصاصا به صلى الله عليه و آله واختصاصا بقومه، بحسبه يصحّ السؤال عنهم والفحصُ عمّا في الذكر من المحتاجين إليه من اُمّته حيث قال: «وَ سَوْفَ تُسْـ?لُونَ» فأدخلهم في الخطاب مع النبيّ صلى الله عليه و آله التفاتا أو تغليبا، وأخبر بأنّهم سوف يكونون مسؤولين للمحتاجين إليه، فعرف أنّ المراد بالقوم هنا مَن له ذلك الاختصاصُ والاستحقاق لأن يُسأَل عمّا في الذكر، وإنّما يليق ويتحقّق ذلك للأئمّة عليهم السلام وسيصرّح في رابع أحاديث الباب بأن الذكر رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، وأنّ أهل بيته المسؤولون.
ويفهم من قوله: «وَ سَوْفَ تُسْـ?لُونَ» حيث أتى بـ «سوف» اختصاصُه بأهله عليهم السلام .
وإطلاق الذكر على رسول اللّه صلى الله عليه و آله إمّا لأنّه حامله، والموصوفُ بالإحاطة به وبمعرفته كإطلاق العرش بمعنى العلم على حامله، والعالَم المحيط به، أو من باب المبالغة؛ لشدّة الارتباط حتّى 2 كأنّه هو ، ثمّ شاع وغلب ، فاُطلق 3 عليه كاسمه ولقبه، وفي الكتاب العزيز تكرّر وروده كما قال: « قَدْ أَنزَلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْرًا * رَّسُولاً » 4 فأتبعه « رَّسُولاً » على البدليّة على أظهر الاحتمالات والتفاسير، وكما في قوله: « لاَ تُلْهِكُمْ أَمْوَ لُكُمْ وَ لاَ أَوْلَـدُكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ » 5 لنظره من حيث النظم والأُسلوب إلى قوله: « وَ إِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْاْ يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ لَوَّوْاْ رُءُوسَهُمْ »الآية 6 ، وكما
في قوله: « فَاسْعَوْاْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ » 7 في الترغيب والتحريص على الاجتماع الواجب معه والمحافظةِ عليه عند الخطبة والصلاة بتمامها.
فإن قيل: عدمُ اختصاص وجوب الاجتماع المعبَّر عنه بالجمعة برسول اللّه وزمانِه يدلّ على أنّه غير مستعمل فيه صلى الله عليه و آله .
قلنا: لا يأبى 8 الاستعمال فيه عدم اختصاص الوجوب؛ فإنّ الآية ليست خطابا تكليفيا بوجوب الاجتماع، إنّما نزلت بعد وجوب الاجتماع بخطاب دالّ على وجوب الاجتماع لحصول الهداية والمغفرة والنجاة للأُمّة بهدايته واستغفاره، كما يفهم من قوله عزّ وجلّ: « وَ إِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْاْ يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ » الآية، وبخطاب دالّ على الحثّ على مثل هذا الاجتماع على الإمام القائم مقامَه في الهداية والتعليم، المشارك له في الفضل العظيم، المشار إليه في قوله تعالى: « ذَ لِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَآءُ وَ اللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ » 9 بعد الإشارة إلى مشاركة الآخرين من الآية المتأخّرين عنه لمّا يلحقوا الذين بهم له في تعليم الكتاب والحكمة بقوله: « وَ ءَاخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُواْ بِهِمْ وَ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ » 10 .
وقد أثبته إجماع المسلمين بعد الروايات الواردة في وجوب هذا الاجتماع من الأُمّة بشرائطه المعتبرة على خليفته والإمام من بعده في كلّ زمان، كما كان يجب أن يجتمعوا عليه، وإنّما كان نزول الآية تحريصا على السعي إلى خطبته عند الاجتماع، والحضور للاستماع بعد ما تركوه قائما في خطبته، وانفضّوا اللهو أو التجارة، ولو كان المراد إيجابَ السعي إلى الصلاة، لَما عدل عن الإشارة إلى الصلاة بالضمير إلى الإتيان بذكر اللّه ؛ على أنّه لم يعهد التعبير عن الصلاة بذكر اللّه ، بل قابلها به؛ حيث قال

1.الزخرف (۴۳): ۴۴.

2.في «خ»: + «صار».

3.في «خ»: «فيطلق».

4.الطلاق (۶۵): ۱۰ ـ ۱۱.

5.المنافقون (۶۳): ۹.

6.المنافقون (۶۳): ۵.

7.الجمعة (۶۲): ۹.

8.في «خ»: «لا يأتي» .

9.الحديد (۵۷): ۲۱؛ الجمعة (۶۲): ۴.

10.الجمعة (۶۲): ۳.


الحاشية علی اصول الكافي (النائيني)
618

۰.وحقٌّ على ربّي ـ تبارك وتعالى ـ أن يَستجيبَ لي فيهم ، فإنّهم أتباعي ، ومن تَبِعَني فإنّه مِنّي».

باب أنّ أهلَ الذكر الّذين أمر اللّه الخلقَ بسؤالهم هم الأئمّة عليهم السلام

۱.الحسين بن محمّد، عن مُعلّى بن محمّد، عن الوشّاء ، عن عبد اللّه بن عَجلانَ ، عن أبي جعفر عليه السلام في قول اللّه عزّ وجلّ :« فَسْـ?لُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ » : «قالَ

لقوله صلى الله عليه و آله بدليل قوله عليه السلام : ( حقّ عليَّ أن أُدخلهم في شفاعتي وحقّ على ربيّ . . . ).

باب أنّ أهل الذكر الذين أمر اللّه الخلقَ بسؤالهم هم الأئمّة عليهم السلام

قوله: (في قول اللّه عز و جل : « فَسْـ?لُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ »۱ ).
الظرف متعلّق بقوله: «قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله » والمعنى أنّه في تفسير قوله تعالى: « فَسْـ?لُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ » قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله : «الذكر أنا، والأئمّة أهل الذكر» . أو متعلّق بمقدّر يقتضيه المقامُ. والمعنى: عن أبي جعفر عليه السلام أنّه قال في بيان قوله تعالى: « فَسْـ?لُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ » : قال رسول اللّه : «الذكر أنا». أو أنّه من باب الاكتفاء بأحد القائلين عند التكرّر، كما هو من آداب المحدّثين ۲ .

1.النحل (۱۶): ۴۳؛ الأنبياء (۲۱): ۷. وفي حاشية «ت»: هذه الآية من صدرها في سورة الأنبياء: « وَ مَآ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِى إِلَيْهِمْ فَسْـ?لُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ » ، وفي سورة النحل من أوّل: « وَ مَآ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِى إِلَيْهِمْ فَسْـ?لُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ * بِالْبَيِّنَـتِ وَ الزُّبُرِ وَ أَنزَلْنَآ إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ » والمذكور في الحديث مشترك بين الآيتين، وقوله: « وَ مَآ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِى إِلَيْهِمْ » في سورة النحل ردّ على ما قبله من قوله: « لاَ يَبْعَثُ اللَّهُ مَن يَمُوتُ » [ النحل (۱۶): ۳۷ ] . بعد ما ردّ عليه سابقا، ثمّ التفت من الردّ على المنكرين إلى الخطاب بالمصدّقين بقوله: « فَسْـ?لُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ » أي إذا عرفتم بطلان قول المنكرين فاسألوا أهل الذكر إن لم تكونوا من أهل الذكر، فتكونوا جاهلين بالبيّنات والزبر. ثمّ بيّن أهل الذكر بقوله: « وَ أَنزَلْنَآ إِلَيْكَ الذِّكْرَ » الآية، وكذا في سورة الأنبياء إلاّ أنّ قوله: « وَ مَآ أَرْسَلْنَا » ردّ على ما قبله من قولهم: « هَلْ هَـذَآ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ » إلى آخره [ الأنبياء (۲۱): ۲ ]. (منه رحمه اللّه تعالى).

2.في «خ»: «عند التكرار كما هو في دأب المحدّثين».

  • نام منبع :
    الحاشية علی اصول الكافي (النائيني)
    سایر پدیدآورندگان :
    درايتی، محمد حسين
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1383
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 100209
صفحه از 672
پرینت  ارسال به