89
الحاشية علی اصول الكافي (النائيني)

۰.بالنور بحُسن التخلّصِ وقلّة التربّصِ» .

۳۵.عدَّةٌ من أصحابنا ، عن عبداللّه البزّاز ، عن محمّد بن عبدالرحمن بن حمّاد ، عن الحسن بن عمّار ، عن أبي عبداللّه عليه السلام في حديث طويل :«إنَّ أوَّلَ الأُمور ومَبدأَها وقوَّتَها وعِمارتَها ـ التي لا ينتفع شيء إلاّ به ـ العقلُ الذي جعله اللّه ُ زينةً لخَلْقه ونورا لهم ، فبالعقل عَرَفَ العبادُ خالقَهم ، وأنّهم مخلوقون ، وأنّه المدبّر لهم ، وأنّهم المدبَّرون ، وأنّه الباقي وهم الفانون ؛ واستدلّوا بعقولهم على ما رأوا من خلقه ، من سمائه وأرضه ، وشمسه وقمره ، وليله ونهاره ، وبأنَّ له ولهم خالقا ومدبِّرا لم يَزَلْ ولا يَزولُ ، وعَرَفوا به الحسنَ من القبيح ، وأنَّ الظلمةَ في الجهل ، وأنَّ النورَ في العلم ، فهذا ما دَلَّهم عليه العقلُ» .
قيل له : فهل يكتفي العباد بالعقل دون غيره؟ قال : «إنَّ العاقلَ لدَلالة عقله ـ الذي جعله اللّه ُ قِوامَه وزينتَه وهدايتَه ـ عَلِمَ أنَّ اللّه َ هو الحقُّ ، وأنّه هو ربُّه ، وعَلِمَ أنَّ لخالقه محبّةً ، وأنَّ له كَراهِيَةً ، وأنَّ له طاعةً ، وأنَّ له معصيةً ، فلم يَجِدْ عقلَه يَدُلُّهُ على ذلك ، وعَلِمَ أنّه لا يوصَلُ إليه إلاّ بالعلم وطَلَبِهِ ، وأنّه لا يَنتفِعُ بعقله إنْ لم يُصِبْ ذلك بعلمه ، فوجب على العاقل طلبُ العلمِ والأدبِ الذي لا قوام له إلاّ به» .

عالما عارفا بالتفكّر، وهو الحركة النفسانيّة في ۱ المقدّمات الموصلة إلى المطلوب ومنها إلى المطلوب. فالفَهِم يمشي ويتحرّكُ بتفكّره في حال جهله بالمطلوب إلى المطلوب بحسن التخلّص والنجاةِ من الوقوع في الباطل وقلّة التربّص والانتظار في الوصول إلى الحقّ (كما يمشي الماشي في الظلمات بالنور). شبَّه الحركة الفكريّة حالَ الجهل بالمطلوب، بسبب الفهم والبصيرة بمشي الماشي في الظلمات بالنور .
وقوله: (بحسن التخلّص) يحتمل تعلّقه بالمشبّه به، وبالمشبّه، وبهما، ويعلم الاشتراك على الأوّلين بالتشبيه .

1.في «م» : «من» .


الحاشية علی اصول الكافي (النائيني)
88

۳۴.عدّةٌ من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن عُبيد اللّه الدهقان ، عن أحمدَ بن عمر الحلبيّ ، عن يحيى بن عمران ، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال :«كانَ أميرُ المؤمنين عليه السلام يقول : بالعقل استُخْرِجَ غورُ الحكمة ، وبالحكمة استُخْرِجَ غورُ العقل ، وبحُسْن السياسةِ يكون الأدبُ الصالح . قال : وكان يقول : التفكّرُ حَياةُ قلب البصير ، كما يَمشي الماشي في الظلمات

إنّ العبد يرفع رغبته) أي مرغوبه ومراده من حوائجه إلى مخلوق؛ لقلّة عقله واعتقاده أنّ الحصول لا يكون إلاّ بالرفع إليه، فيعظمه ويتذلّل له ويتّخذه ربّا معطيا، ولو كان عاقلاً كاملَ العقل يعرف أنّ في إخلاص النيّة للّه والرفع إليه دون غيره سرعةَ الوصول إلى المطلوب (فلو أخلص نيّته للّه لأتاه) أي جاءه . وفي بعض النسخ «لآتاه» من باب الإفعال ، أي أعطاه الذي يريده (في أسرعَ من ذلك) أي من الحصول بعد رفع الحاجة إلى المخلوق .
قوله: (بالعقل استُخرج ۱
قوله: «بالعقل استخرج» يعني أنّ كلاًّ من العقل والفهم يقوّي الآخر شيئا فشيئا حتّى يبلغ كلّ منهما أعلى مراتبه، فإذا تأمّل ضعيف تأمّلاً صادقا في واضح الدليل، حدث له بذلك في فهمه قوّة يتمكّن بها من التأمّل الصادق في أدقّ من الأوّل وهكذا. ويمكن أن يجعل كلّ مرتبة لاحقة من العقل والحكمة غورا بالنسبة إلى سابقتها .غور الحكمة) أي قعرُ الحكمة، والبالغُ منها نهايةَ الخَفاء . والحكمةُ العلوم الحقّة والمعارف اليقينيّة التي يدركها العقل، فالوصول إلى أخفاها وحقيقةِ بواطنها بالعقل .
(وبالحكمة استُخرج غور العقل) أينهاية ما فيقوّته من الوصول إلى العلوم والمعارف؛ فإنّه بالعلم والمعرفة يُعرف نهاية مرتبة العقل، أو يَظهر نهاية مرتبته، ويُبلغ كمالُه .
(وبحسن السياسة يكون الأدب الصالح) أي بحسن الأمر والنهي، أو بحسن التأديب يحصل الأدب الصالح .
قوله: (وكان يقول: التفكّر حياة قلب البصير) أي قلبُ البصير الفَهِم يصير حيّا

1.في حاشية «م» : قوله: «استخرج» إمّا ماض مجهول، أو المضارع المتكلّم، أو فعل الأمر. كذا قيل .

  • نام منبع :
    الحاشية علی اصول الكافي (النائيني)
    سایر پدیدآورندگان :
    درايتی، محمد حسين
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1383
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 100015
صفحه از 672
پرینت  ارسال به