قال يوحنا: فوقع بين الحنبلي والمالكي والشافعي والحنفي النزاع فعلت أصواتهم وأظهروا قبائحهم ومعايبهم حتى ساء كل من حضر كلامهم الذي بدا منهم وعاب العامة عليهم. فقلت لهم: على رسلكم فواللّه قسما إنى نفرت من اعتقاداتكم فإن كان الاسلام هذا فياويلاه و واسوأتاه، لكني اُقسم عليكم باللّه الذي لا إله الاّ هو إن تقطعوا هذا البحث وتذهبوا فإن العوام قد أنكروا عليكم. قال يوحنا: فقاموا وتفرقوا و سكتوا أسبوعا لا يخرجون من بيوتهم فإذا خرجوا أنكر الناس عليهم، ثم بعد أيام اصطلحوا واجتمعوا فى المستنصرية فجلست غداً إليهم وفاوضتهم فكان فيما جرى ان قلت لهم: كنت اُريد عالماً من علماء الرافضة تناظره فى مذهبه فهل عليكم ان تأتونا بواحد منهم فنبحث معه؟ فقال العلماء: يا يوحنا الرافضة فرقة قليلة لا يستطيعون أن يتظاهروا بين المسلمين لقلّتهم و كثرة مخالفيهم ولا يتظاهرون فضلاً أن يستطيعوا المحاجة عندنا على مذهبهم فهم الأرذلون الأقلون ومخالفوهم الأكثرون، فهذا مدح لهم لأن اللّه سبحانه وتعالى مدح القليل وذم الكثير بقوله: «وَقَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ وَما آمَنَ مَعَهُ إِلاّ قَلِيلٌ * وَ إِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللّهِ * وَلا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شاكِرِينَ * وَ لكِنَّ أَكْثَرَ النّاسِ لا يَشْكُرُونَ * وَ لكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ * وَلكِنْ أكْثَرهُمْ لا يُؤمِنُون» إلى غير ذلك من الآيات.
قالت العلماء: يا يوحنا حالهم أعظم من أن يوصف لأنهم لو علمنا بأحد منهم فلا نزال نتربص به الدوائر حتى نقتله لأنهم عندنا كفرة تحل علينا دماءهم، وفى علمائنا من يفتي بحل أموالهم ونسائهم.
قال يوحنا: اللّه أكبر هذا أمر عظيم أتراهم بما استحقوا هذا فهم ينكرون الشهادتين؟ قالوا: لا. قال: أفهم لا يتوجّهون إلى قبلة الإسلام؟ قالوا: لا. قال: إنهم ينكرون الصلاة أم الصيام أم الحج أم الزكاة أم الجهاد؟ قالوا: لا بل هم يصلّون و يصومون و يزكّون ويحجّون ويجاهدون. قال: إنهم ينكرون الحشر والنشر والصراط و الميزان