67
شناخت نامه شيخ ابوالفتوح رازي ج2

ثم إنه لا يترك موضعاً من التفسير يناسب ذكر مسائل الخلاف إلاّ بيّنه بتفصيل، وذكر مواقف الشيعة الإمامية في ذلك.
مثلاً، عند تفسير قوله تعالى: «وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لاِدَمَ فَسَجَدُوا»۱ يتعرّض لأنحاء السجود، منها: السجود في الصلاة، وهو ركن من أركانها ـ ويفسّر معنى الركن ـ وسجدة السهو، وسجدة الشكر، وسجدة القرآن، وهذه الأخيرة إما واجبة في أربعة مواضع: الم تنزيل، حم السجدة، النجم، اقرأ. أو سنة، ففي أحد عشر موضعاً، فالمجموع: خمسة عشر موضعاً عندنا. وعند الشافعي: أربعة عشر موضعاً، كلها سُنة. ثم يُفصّل في أحكام سور العزائم، مما يخص مذهب الإمامية، ويذكر مواضع سجود السهو للصلاة، ومذهب سائر المذاهب في ذلك.
ويذكر علائم المؤمن من الخمس: الصلاة إحدى وخمسين، وزيارة الأربعين ـ في اليوم العشرين من شهر صفر بكربلاء ـ و التختم باليمين، و تعفير الجبين، والجهر ببسم اللّه الرحمن الرحيم. ويذكر سبب استحباب زيارة الحسين عليه السلام في يوم الأربعين بكربلاء، و هو يوم ورود جابر بكربلاء، بعد مقتل الحسين بأربعين يوماً. ۲
و مما يمتاز به هذا التفسير، إحاطة صاحبه بالتاريخ و السيرة الكريمة، وكذلك بالأحاديث الشريفة في مختلف شؤون الدين، ومن ثم تراه في شتّى المناسبات يخوض المعركة، ويأتي بلباب القول باستيفاء وشمول. وقد يأتي على حوادث قلّ ما يوجد في سائر الكتب.
من ذلك حادثة يوم الصريخ، جاء بها ذيل الآية رقم (54) من سورة المائدة؛ حيث قوله تعالى: «فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَ يُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكافِرِينَ يُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَ لا يَخافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ» .

1.البقرة (۲): ۳۴.

2.تفسير أبوالفتوح، ج ۱، ص ۱۳۵ ـ ۱۳۶.


شناخت نامه شيخ ابوالفتوح رازي ج2
66

ما قبله» ۱ و أما الكفر المتأخر فلا يوجب حبط الإيمان؛ لأن من يعمل مثقال ذرّة خيراً يره.
* * *
و نجده يفصّل الكلام حول الإمام الثاني عشر المهدي المنتظر، كلّما حَنَّ الكلام في تفسيره بالمناسبة.
مثلاً: يقول في تفسير «الغيب» من قوله تعالى: «يُو?مِنُونَ بِالْغَيْبِ»۲ جاء في تفسير أهل البيت عليهم السلام: أنّ المراد به هو المهدى عليه السلام وهو الغائب الموعود في الكتاب و السنّة، أما الكتاب فقوله تعالى: «وَعَدَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَ عَمِلُوا الصّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ» . ۳
وأما الأحاديث فكثيرة، منها قوله عليه السلام: «لو لم يبق من الدنيا إلاّ يوم واحد لطوّل اللّه ذلك اليوم حتى يخرج رجل من أهل بيتي يواطي اسمه اسمي وكنيته كنيتي، يملأ الأرض عدلاً و قسطاً كما ملئت جوراً و ظلماً».
وهذه الأوصاف لم تجتمع إلاّ في شخص المهدي المنتظر ـ عجّل اللّه تعالى فرجه الشريف ـ ثم يقول: كلّما مررنا بآية تعرّضت لهذا المعنى، استقصينا الأخبار بشأنه. ۴
* * *
وله في مباحث الهداية والضلال بحوث مذيّلة، وفي نفس الوقت ممتعة، استفاض فيها الكلام من جميع جوانبه. ۵

1.المستدرك، ج ۷، ص ۴۴۸، رقم ۸۶۲۵؛ البحار، ج ۲۱، ص ۱۱۴.

2.البقرة (۲): ۳.

3.النور (۲۴): ۵۵.

4.تفسير أبيالفتوح، ج ۱، ص ۶۴.

5.راجع مباحثه عن «الضلال والإضلال» ذيل تفسير قوله تعالى: «يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً وَما يُضِلُّ بِهِ إِلاَّ الْفاسِقِينَ» ، البقرة (۲): ۲۶. راجع: التفسير، ج ۱، ص ۱۱۴ ـ ۱۱۵.

  • نام منبع :
    شناخت نامه شيخ ابوالفتوح رازي ج2
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    سازمان چاپ و نشر دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1384
    نوبت چاپ :
    اوّل
تعداد بازدید : 99367
صفحه از 368
پرینت  ارسال به