الفارسي قُدّم على العربي لأن طلابه كانوا أكثر، وإن فائدة كل أحد منه ستكون أعم.
ومن الضروري هنا أن نذكر أن المصادر الموجودة لا تقدم معلومات عن تأليف أبي الفتوح تفسيراً بالعربية، ويبدو مستبعداً أن يكون قد ألف تفسيراً بالعربية أيضاً. ومع كل هذا فإن البحث فيما إذا كان أبوالفتوح قد نجح حقيقة في تأليف تفسير مشتمل على ما اعتبره هو في مقدمته ضرورياً لكل تفسير، أم لا، فهو أمر يحتاج إلى بحث أوسع. وينبغي الاعتراف بحقيقة أن تفسيره من الناحية العلمية بأي شكل من الأشكال ليس أكثر فائدة من التبيان للشيخ الطوسي، ولا يمكن القبول بادعائه القائل بأن تفسيره لم يسبق مثيل بين تفاسير الإمامية من حيث شموليته.
وجدير بالذكر أن أبا الفتوح استفاد في تفسيره من التبيان للشيخ الطوسي، ويبدو أنه لم يكن على علم بعمل معاصره العالم الإمامي أبي علي الفضل بن الحسن الطبرسي صاحب مجمع البيان الذي كان منهمكاً في نفس الفترة بتأليف تفسير عربي (ظ: ياحقي، ن. م، 63). وفي الحقيقة فإنه ينبغي القول إن الإمامية كانوا إلى ماقبل عهد الشريف الرضي والشيخ الطوسي يميلون إلى تأليف التفاسير الروائية أكثر من ميلهم إلى تأليف التفاسير المتضمنة للبحث والدراسة في آيات القرآن. وبطبيعة الحال فإن الشريف الرضي في حقائق التأويل، والشيخ الطوسي في التبيان، اتجها إلى شكل جديد من تفسير القرآن، وخاصة الطوسي الذي كتب في الحقيقة بأسلوبه الخاص البحوث الأدبية والروائية إلى جنب الموضوعات النظرية والعقلية واستفاد منها في تفسيره القرآن.
وبعد هذه الفترة أُلف تفسيرا أبي الفتوح والطبرسي إثر تفسير الطوسي، مع وجود فارق أساسي بين هذين الاثنين اللذين يعودان لنفس الفترة وبين تفسير الطوسي، وهو أن أباالفتوح والطبرسي تأثرا بتفاسير أهل السنة أكثر من الحد المتعارف الذي يلاحظ أيضاً حتى في التبيان للطوسي خاصة أباالفتوح الذي يمكن بشكلٍ ما اعتبار تفسيره انعكاساً لآراء ونظريات علماء أهل السنة في تفسير القرآن. وقد بلغ هذا الأمر حداً أنه