شهراً وقتل في حربه مائة وخمسون ألفاً، وأفضت الخلافة إلى ولده يزيد فقتل الحسين عليه السلام بتلك الشناعة وحاصر عبداللّه بن الزبير في مكّة فلجأ إلى الكعبة فنصب بمكة المناجيق وهدهم الكعبة ونهب المدينة وأباحها لعسكره ثلاثة أيّام.
وقد روي البخاري ومسلم في صحيحهما عن النبي صلى الله عليه و آله أنّه قال: «المدينة حرم مابين عابر إلى وعير، من أحدث فيه حدثاً فعليه لعنة اللّه » فما ظنك بمن يقتل أولاده ويرفع رؤوسهم على الرماح ويطوف بها في البلاد جهراً، وأفضى الأمر إلى أنهم أمروا بسب علي على المنابر ألف شهر وطلب العلويين فقتلوهم وشردوهم، وأفضى الأمر إلى الوليد بن عبدالملك الذي تفأل يوماً بالمصحف فظهر له قوله تعالى: «وَاسْتَفْتَحُوا وَ خابَ كُلُّ جَبّارٍ عَنِيدٍ» فنصب المصحف يوماً فرماه بالنشاب وأنشد شعراً:
تهددني بجبار عنيدفها أنا ذاك جبار عنيد
إذا ما جئت ربك يوم حشرفقل يا ربّ مزقني الوليد
فإذا نظر العاقل إلى هذه المفاسد كلها لرأى أن أصلها منع رسول اللّه صلى الله عليه و آله عن كتابة الكتاب وجعل الخلافة باختيار النّاس من غير نص ممن له النص فكل السبب من عمر بن الخطاب. ولا يظن أحد إنّي أقول هذا بغضاً لعمر لا واللّه وإنّما هو مسطور في كتبهم والحال كذلك فما يسعني أن أنكر شيئاً ممّا وقع ومضى.
قال يوحنا: فلمّا رأيت هذه الاختلافات من كبار الصحابة الذين يذكرون مع رسول اللّه صلى الله عليه و آله فوق المنابر عظم عليّ الأمر وغم علي الحال وكدت افتتن في ديني، فقصدت بغداد وهي قبة الإسلام لأفارض فيما رأيت من اختلاف علماء المسلمين لأنظر الحق واتبعه، فلما اجتمعت بعلماء المذاهب الأربعة قلت لهم: انّي رجل ذمي وقد هداني اللّه إلى الإسلام فأسلمت وقد أتيت إليكم لأنقل عنكم معالم الدين وشرائع الإسلام والحديث لأزداد بصيرة في ديني. فقال كبيرهم وكان حنفياً: يا يوحنا مذاهب الإسلام أربعة فاختر واحداً منها ثمّ اشرع في قراءة ما تريد. فقلت له: إنّي رأيت تخالف