وثبتت زوجية تلك المرأة للثاني وإنّها تحلّ عليه ظاهراً وباطناً وتحل منها على الشهود الذين تعمدوا الكذب في الشهادة! فانظروا أيها الناس هل هذا مذهب من عرف قواعد الإسلام؟ قال الحنفي: لا اعتراض لك عندنا أن حكم القاضي ينفذ ظاهراً وباطناً وهذا متفرع عليه، فخصمه الشافعي ومنع أن ينفذ حكم القاضي ظاهراً باطناً بقوله تعالى: «وَ أَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللّهُ» ولم ينزل اللّه ذلك.
ثمّ قال الشافعي: وقال أبوحنيفة: لو أنّ امرأة غاب عنها زوجها فانقطع خبره فجاء رجل فقال لها: إن زوجك قد مات فاعتدي، فاعتدت ثمّ بعد المدة عقد عليها آخر ودخل عليها وجاءت منه بالأولاد ثمّ غاب الرجل الثاني وظهر حياة الرجل الأوّل وحضر عندها فإن جميع أولاد الرجل الثاني أولاد للرجل الأوّل يرثهم ويرثونه، فيا اولي العقول فهل يذهب إلى هذا القول من له دراية وفطنة؟ فقال الحنفي: إنّما أخذ أبوحنيفة هذا من قول النبي صلى الله عليه و آله: «الولد للفراش وللعاهر الحجر» فاحتج عليه الشافعي بكون الفراش مشروطاً بالدخول فغلبه.
ثمّ قال الشافعي: وإمامك أبوحنيفة قال: أيما رجل رأى امرأة مسلمة فادعى عند القاضي بأن زوجها طلقها وجاءت بشاهدين شهدا له كذباً محكم القاضي بطلاقها حرمت على زوجها وجاز للمدعي نكاحها وللشهود أيضاً، وزعم أن حكم القاضي ينفذ ظاهراً وباطناً. ثمّ قال الشافعي: وقال إمامك أبوحنيفة: إذا شهد أربعة رجال على رجل بالزنا فإن صدقهم سقط عنه الحد وإن كذبهم لزمه وثبت الحد فاعتبروا يا أولى الأبصار.
ثمّ قال الشافعي: و قال أبو حنيفة: لو لاط رجل بصبي و أوقبه فلا حد عليه بل يعزّر، وقال رسول اللّه صلى الله عليه و آله: «من عمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول». وقال أبو حنيفة: لو غصب أحد حنطة فطحنها ملكها بطحنها فلو أراد أن يأخذ صاحب الحنطة طحينها ويعطى الغاصب الاُجرة لم يجب على الغاصب إجابته وله منعه فإن قتل صاحب