مستبشرين بوصولى إليهم، استبشار الخليل بالحبيب، والعليل بالطبيب، وأدخلوني الحلّة (عمرها اللّه ببقائهم) بإعزاز واكرام، وإجلال وإنعام، وأنزلوني أشرف منازلهم وأطيبها، وأفسحها وأرجها، وأكرموا مثواي ولقوّنى بكلّ جميل، واستأنسوا بي واستأنستُ بهم، وتجلّى معنى قوله (عليه السلام): «فما تعارف منها ائتلف ۱ ».
ثمّ بعد الاستئناس، أظهروا ما أضمروه من الالتماس المشتمل على إقامتى عندهم أشهرا. فشقّ عليّ واستعفيت عنها، واعتذرت بالتحنّن إلى الأهل والوطن، وتعطُّل أُموري هناك بتأخري ومقامي في السفر. فمازادهم استعفائى إلاّ استدعاء واعتذاري إلاّ إصرارا على الإلحاح والمبالغة فيما التمسوه، فاستجبت ولزمني إجابتهم وآثرت مرادهم على متمنّاي وعزمت على الإقامة وفى القلب النزوع إلى الأهل والولد، وفي الخاطر التفات إلى المولد والبلد. واشتغلنا بالمذاكرة والمدارسة، إذ كانتاهما المبتغى والمقصود للقوم فى إقامتى.
فأقام عندهم وكتب لهم كتابا فرغ من تصنيفه فى التاسع من شهر جُمادى الاولى من سنة 581 ه و سمّاه ب المنقذ من التقليد والمرشد الى التوحيد ولتأليفه بالعراق سمّاه فى المقدمة أيضا بالتعليق العراقى، بنحو الوصف والنسبة، أي التعليق