3 / 5
بِلالُ بنُ رَباح
بِلالُ بنُ رَباح ، يُكَنّى أبا عَبدِ الكَريم ، كانَ مِنَ السّابِقينَ إلَى الإِسلام ، ومِمَّن يُعَذَّبُ فِي اللّه ِ عز و جل فَيَصبِرُ عَلَى العَذابِ ، وكانَ أبوجَهل يَبطَحُهُ عَلى وَجهِهِ فِي الشَّمسِ ، ويَضَعُ الرَّحا عَلَيهِ حَتّى تَصهَرَهُ الشَّمسُ ، ويَقولُ : اُكفُر بِرَبِّ مُحَمَّد ، فَيَقولُ : أحَدٌ ، أحَدٌ . وكانَ شَحيحا عَلى دينِهِ فَاشتَراهُ أبوبَكر مِن مَولاهُ وهُوَ مَدفونٌ بِالحِجارَةِ يُعَذَّبُ تَحتَها ، و هُوَ أوَّلُ مَن أذَّنَ لِرَسولِ اللّه صلى الله عليه و آله ، وكانَ مُؤَذِّنا وخازِنا لَهُ ، فَلَمّا تُوُفِّيَ رَسولُ اللّه صلى الله عليه و آله أرادَ أن يَخرُجَ إلَى الشّام ، فَقالَ لَهُ أبوبَكر : بَل تَكونُ عِندي .
فَقالَ : إن كُنتَ أعتَقتَني لِنَفسِكَ فَاحبِسني ، وإن كُنتَ أعتَقتَني لِلّهِ عز و جل ، فَذَرني أذهَب إلَى اللّه ِ عز و جل .
فَقالَ : اِذهَب ، فَذَهَبَ إلَى الشّام ، فَكانَ بِهِ حَتّى ماتَ.
تُوُفِّيَ بِلال بِدَمَشقَ ، ودُفِنَ بِبابِ الصَّغيرِ سَنَةَ عِشرينَ ، وهُوَ ابنُ بِضعٍ و سِتّينَ سَنَةً ، وقيلَ : ماتَ سَنَةَ سَبعَ أو ثَمِانِيَ عَشَرَةَ . ۱
3 / 6
جابِرُ بنُ عَبدِ اللّه ِ الأَنصارِيُّ
جابِرُ بنُ عَبدِ اللّه بنِ عَمرِو الأَنصارِيُ ، يُكَنّى أبا عَبدِ اللّه . صَحابِيٌّ ذائِعُ الصّيتِ ، عُمِّرَ طَويلاً . وكانَ مَعَ أبيهِ في تِلكَ اللَّيلَةِ التّاريخِيَّةِ المَصيرِيَّةِ
الَّتي عاهَدَ فيها أهلُ يَثرِب رَسولَ اللّه صلى الله عليه و آله عَلَى الدِّفاعِ عَنهُ ودَعمِهِ ونَصرِهِ ، وبَيعَتُهُم هِيَ البَيعَةُ المَشهورَةُ فِي التّاريخِ الإِسلامِيِّ بـِ «بَيعَةِ العَقَبَه الثّانِيَةِ» .
ولَمّا دَخَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه و آله المَدينَة ، صَحِبَهُ وشَهِدَ مَعَهُ حُروبَهُ ولَم يَتَنازَل عَن حِراسَةِ الحَقِّ وحِمايَتِهِ بَعدَهُ صلى الله عليه و آله ، كَما لَم يَدَّخِر وُسعاً في تِبيانِ مَنزِلَةِ عَلِيٍّ عليه السلاموَالتَّنويهِ بِها . أثنَى الأَئِمَّة عليهم السلام عَلى رَفيعِ مَكانَتِهِ في مَعرِفَةِ مَقامِهِم عليهم السلام ، وعَلى وَعيِهِ العَميقِ لِلتَّيّاراتِ المُختَلِفَةِ بَعدَ رَسولِ اللّه صلى الله عليه و آله ، ومَعارِفِ التَّشَيُّعِ الخاصَّةِ ، وفَهمِهِ النّافِذِ لِعُمقِ القُرآنِ . وأشادوا بِهِ مِنَ القِلَّةِ الَّذينَ لَم تَتَفَرَّق بِهِمُ السُّبُلُ بَعدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه و آله ، ولَم يَستَبِقُوا الصِّراطَ بَعدَهُ ، بَل ظَلّوا مُعتَصِمينَ مُتَمَسِّكينَ بِهِ .
قُلنا إنَّهُ عُمِّرَطَويلاً ، لِذا وَرَدَ اسمُهُ الكَريمُ فيصَحابَةِ الإِمامِ أميرِالمُؤمنين عليه السلام ، وَالإِمامِ الحَسَن عليه السلام ، وَالإِمامِ الحُسَين عليه السلام ، وَالإِمامِ السَّجّاد عليه السلام ، وَالإِمامِ الباقِر عليه السلام ، وهُوَ الَّذي بَلَّغَ الإِمامَ الباقِر عليه السلام سَلامَ رَسولِ اللّه صلى الله عليه و آله لَهُ . وكانَ قَد شَهِدَ صِفّين مَعَ الإِمامِ عليه السلام ، وهُوَ أوَّلُ مَن زارَ قَبرَ الحُسَين عليه السلام وشُهَداءِ كربَلاء فِي اليَومِ الأَربَعين مِنِ استِشهادِهِم ، وبَكى عَلى أبي عَبدِ اللّه كَثيراً .
وَالرِّواياتُ المَنقولَةُ عَنهُ بِشَأنِ الإِمامِ أميرِ المُؤمِنين عليه السلام ، وما اُثِرَ عَنهُ مِن أخبارٍ تَفسيرِيَّةٍ ، ومُناظَراتُهُ ، تَدُلُّ كُلُّها عَلى ثَباتِ خُطاهُ ، وسَلامَةِ فِكرِهِ ، وإيمانِهِ العَميقِ ، وعَقيدَتِهِ الرّاسِخَةِ . وصَحيفَةُ جابِرٍ مَشهورَةٌ أيضاً ؛ ولِأَنَّهُ لَم يَنصُر عُثمان في فِتنَتِهِ ، فَقَد خَتَمَ الحَجّاجُ بنُ يوسُف عَلى يَدِهِ يُريدُ إذلالَهُ بِذلِكَ . فارَقَ جابِر الحَياةَ سَنَةَ 78 ه .