259
جواهر الحكمة للشّباب

3 / 5

بِلالُ بنُ رَباح

بِلالُ بنُ رَباح ، يُكَنّى أبا عَبدِ الكَريم ، كانَ مِنَ السّابِقينَ إلَى الإِسلام ، ومِمَّن يُعَذَّبُ فِي اللّه ِ عز و جل فَيَصبِرُ عَلَى العَذابِ ، وكانَ أبوجَهل يَبطَحُهُ عَلى وَجهِهِ فِي الشَّمسِ ، ويَضَعُ الرَّحا عَلَيهِ حَتّى تَصهَرَهُ الشَّمسُ ، ويَقولُ : اُكفُر بِرَبِّ مُحَمَّد ، فَيَقولُ : أحَدٌ ، أحَدٌ . وكانَ شَحيحا عَلى دينِهِ فَاشتَراهُ أبوبَكر مِن مَولاهُ وهُوَ مَدفونٌ بِالحِجارَةِ يُعَذَّبُ تَحتَها ، و هُوَ أوَّلُ مَن أذَّنَ لِرَسولِ اللّه صلى الله عليه و آله ، وكانَ مُؤَذِّنا وخازِنا لَهُ ، فَلَمّا تُوُفِّيَ رَسولُ اللّه صلى الله عليه و آله أرادَ أن يَخرُجَ إلَى الشّام ، فَقالَ لَهُ أبوبَكر : بَل تَكونُ عِندي .
فَقالَ : إن كُنتَ أعتَقتَني لِنَفسِكَ فَاحبِسني ، وإن كُنتَ أعتَقتَني لِلّهِ عز و جل ، فَذَرني أذهَب إلَى اللّه ِ عز و جل .
فَقالَ : اِذهَب ، فَذَهَبَ إلَى الشّام ، فَكانَ بِهِ حَتّى ماتَ.
تُوُفِّيَ بِلال بِدَمَشقَ ، ودُفِنَ بِبابِ الصَّغيرِ سَنَةَ عِشرينَ ، وهُوَ ابنُ بِضعٍ و سِتّينَ سَنَةً ، وقيلَ : ماتَ سَنَةَ سَبعَ أو ثَمِانِيَ عَشَرَةَ . ۱

3 / 6

جابِرُ بنُ عَبدِ اللّه ِ الأَنصارِيُّ

جابِرُ بنُ عَبدِ اللّه بنِ عَمرِو الأَنصارِيُ ، يُكَنّى أبا عَبدِ اللّه . صَحابِيٌّ ذائِعُ الصّيتِ ، عُمِّرَ طَويلاً . وكانَ مَعَ أبيهِ في تِلكَ اللَّيلَةِ التّاريخِيَّةِ المَصيرِيَّةِ
الَّتي عاهَدَ فيها أهلُ يَثرِب رَسولَ اللّه صلى الله عليه و آله عَلَى الدِّفاعِ عَنهُ ودَعمِهِ ونَصرِهِ ، وبَيعَتُهُم هِيَ البَيعَةُ المَشهورَةُ فِي التّاريخِ الإِسلامِيِّ بـِ «بَيعَةِ العَقَبَه الثّانِيَةِ» .
ولَمّا دَخَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه و آله المَدينَة ، صَحِبَهُ وشَهِدَ مَعَهُ حُروبَهُ ولَم يَتَنازَل عَن حِراسَةِ الحَقِّ وحِمايَتِهِ بَعدَهُ صلى الله عليه و آله ، كَما لَم يَدَّخِر وُسعاً في تِبيانِ مَنزِلَةِ عَلِيٍّ عليه السلاموَالتَّنويهِ بِها . أثنَى الأَئِمَّة عليهم السلام عَلى رَفيعِ مَكانَتِهِ في مَعرِفَةِ مَقامِهِم عليهم السلام ، وعَلى وَعيِهِ العَميقِ لِلتَّيّاراتِ المُختَلِفَةِ بَعدَ رَسولِ اللّه صلى الله عليه و آله ، ومَعارِفِ التَّشَيُّعِ الخاصَّةِ ، وفَهمِهِ النّافِذِ لِعُمقِ القُرآنِ . وأشادوا بِهِ مِنَ القِلَّةِ الَّذينَ لَم تَتَفَرَّق بِهِمُ السُّبُلُ بَعدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه و آله ، ولَم يَستَبِقُوا الصِّراطَ بَعدَهُ ، بَل ظَلّوا مُعتَصِمينَ مُتَمَسِّكينَ بِهِ .
قُلنا إنَّهُ عُمِّرَطَويلاً ، لِذا وَرَدَ اسمُهُ الكَريمُ فيصَحابَةِ الإِمامِ أميرِالمُؤمنين عليه السلام ، وَالإِمامِ الحَسَن عليه السلام ، وَالإِمامِ الحُسَين عليه السلام ، وَالإِمامِ السَّجّاد عليه السلام ، وَالإِمامِ الباقِر عليه السلام ، وهُوَ الَّذي بَلَّغَ الإِمامَ الباقِر عليه السلام سَلامَ رَسولِ اللّه صلى الله عليه و آله لَهُ . وكانَ قَد شَهِدَ صِفّين مَعَ الإِمامِ عليه السلام ، وهُوَ أوَّلُ مَن زارَ قَبرَ الحُسَين عليه السلام وشُهَداءِ كربَلاء فِي اليَومِ الأَربَعين مِنِ استِشهادِهِم ، وبَكى عَلى أبي عَبدِ اللّه كَثيراً .
وَالرِّواياتُ المَنقولَةُ عَنهُ بِشَأنِ الإِمامِ أميرِ المُؤمِنين عليه السلام ، وما اُثِرَ عَنهُ مِن أخبارٍ تَفسيرِيَّةٍ ، ومُناظَراتُهُ ، تَدُلُّ كُلُّها عَلى ثَباتِ خُطاهُ ، وسَلامَةِ فِكرِهِ ، وإيمانِهِ العَميقِ ، وعَقيدَتِهِ الرّاسِخَةِ . وصَحيفَةُ جابِرٍ مَشهورَةٌ أيضاً ؛ ولِأَنَّهُ لَم يَنصُر عُثمان في فِتنَتِهِ ، فَقَد خَتَمَ الحَجّاجُ بنُ يوسُف عَلى يَدِهِ يُريدُ إذلالَهُ بِذلِكَ . فارَقَ جابِر الحَياةَ سَنَةَ 78 ه .

1.راجع : اُسد الغابة : ج ۱ ص ۴۱۵ الرقم ۴۹۳ .


جواهر الحكمة للشّباب
258

3 / 4

اُويسٌ القَرَنيُّ

هُوَ اُوَيسُ بنُ عامِر بنِ جَزءٍ المُرادِيُّ القَرَنِيُّ . كانَ طاهِرَ الفِطرَةِ ، سَليمَ الفِكرَةِ ، ووَجهاً مُتَأَ لِّقاً فِي التّاريخِ الإِسلامِيِّ . أسلَمَ عَلى عَهدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه و آله ، لكِنَّهُ ما رَآهُ . لِذا عُدَّ فِي التّابِعين .
وَصَفَهُ رَسولُ اللّه صلى الله عليه و آله بِأَنَّهُ أفضَلُ التّابِعين وأعلاهُم شَأناً ، وصَرَّحَ بِأَنَّهُ يَشفَعُ لِخَلقٍ كَثيرينَ يَومَ القِيامَةِ . وكانَ في عِدادِ الزُّهّادِ المَشهورينَ ، وأحَدَ ثَمانِيَتِهِمُ المَعروفينَ . لَم يَكُن لَهُ حُضورٌ مشهورٌ فِي القَضايَا الاِجتِماعِيَّةِ ، وكانَ نَصِباً ۱ فِي العِبادَةِ ، ونُقِلَ أنَّهُ رُبَّما أمضَى اللَّيلَ كُلَّهُ ساجِداً . شَهِدَ مَعَ الإِمامِ أميرِ المُؤمِنين عليه السلام الجَمَل وصِفّين ، وعاهَدَهُ عَلَى الشَّهادَةِ في صِفّين . وفيها نالَ ذلِكَ الوِسامَ بِوَجهٍ مُدمٍ ، ودُفِنَ هُناكَ .
وقَد وَصَفَ الإِمامُ موسَى بنُ جَعفَر عليه السلام اُوَيسا وَصفا يُبَيِّنُ مَنزِلَتَهُ الرَّفيعَةَ ، حينَ قالَ : «إذا كانَ يَومُ القِيامَةِ نادى مُنادٍ . . . أينَ حوارِيُّو عَلِيِّ
ابن أبي طالِبٍ . . . فَيَقومُ عَمرُو بنُ الحَمِق ... واُوَيسٌ القَرَنِيُّ .

1.نَصِبَ الرجل : أعيا وتعب (لسان العرب : ج ۱ ص ۷۵۸) .

  • نام منبع :
    جواهر الحكمة للشّباب
    سایر پدیدآورندگان :
    غلامعلی، احمد
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    سازمان چاپ و نشر دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1384
    نوبت چاپ :
    اوّل
تعداد بازدید : 60116
صفحه از 366
پرینت  ارسال به