291
جواهر الحكمة للشّباب

3 / 29

قَنبَرٌ مَولى أميرِالمُؤمِنينَ

غُلامُ أميرِ المُؤمِنين عليه السلام ، ومُرافِقُهُ .
غالِبا ما يَرِدُ ذِكرُهُ بِالخَيرِ في أقضِيَةِ الإِمامِ عليه السلام . وكانَ مُلازِما لَهُ مُقيما لِحُدودِهِ ومُنَفِّذا لِأَوامِرِهِ . وذُكِرَ أنَّهُ كانَ مِنَ السّابِقينَ الَّذينَ عَرَفوا حَقَّ أميرِ المُؤمِنين عليه السلام وثَبَتوا عَلَى الذَّودِ عَن حَقِّ الوِلايَةِ . دَفَعَ إلَيهِ الإِمامُ عليه السلام
لِواءً يَومَ صِفّين في قِبالِ غُلامِ عَمرِو بنِ العاص الَّذي كانَ قَد رَفَعَ لِواءً .
اِستَدعاهُ الحَجّاج وأمَرَ بِقَتلِهِ ، بِسَبَبِ وَفائِهِ وعِشقِهِ الصّادِقِ الخالِصِ لِلإِمامِ عَلِيٍّ عليه السلام . وكانَ عِندَ استِشهادِهِ يَتلو آيَةً مِنَ القُرآنِ الكَريمِ أخزى بِهَا الحَجّاجَ وأضرابَهُ .
روى الشيخ المفيد في كتاب الإرشاد : ما رَواهُ أصحابُ السّيرَة مِن طُرُقٍ مُختَلِفَةٍ : إنَّ الحَجّاجَ بنَ يوسُفَ الثَّقَفِيَّ ، قالَ ذاتَ يَومٍ : اُحِبُّ أن اُصيبَ رَجُلاً مِن أصحابِ أبي تُراب فَأَتَقَرَّبَ إلَى اللّه ِ بِدَمِهِ !
فَقيلَ لَهُ : ما نَعلَمُ أحَدا كانَ أطوَلَ صُحبَةً لِأَبي تُراب مِن قَنبَرٍ مَولاهُ ، فَبَعَثَ في طَلَبِهِ فَاُتِيَ بِهِ ، فَقالَ لَهُ : أنتَ قَنبَر ؟
قالَ : نَعَم .
قالَ : أبو هَمدان ؟
قالَ : نَعَم .
قالَ : مَولى عَلِيِّ بنِ أبي طالِب ؟
قالَ : اللّه ُ مَولايَ ، وأميرُ المُؤمِنين عَلِيٌّ وَلِيُّ نِعمَتي .
قالَ : اِبرَأ مِن دينِهِ .
قالَ : فَإِذا بَرِئتُ مِن دينِهِ تَدُلُّني عَلى دينٍ غَيرَهُ أفضَلَ مِنهُ ؟
فَقالَ : إنّي قاتِلُكَ ، فَاختَر أيَّ قَتلَةٍ أحَبَّ إلَيكَ .
قالَ : قَد صَيَّرتُ ذلِكَ إلَيكَ .
قالَ : ولِمَ ؟
قالَ : لِأَنَّكَ لا تَقتُلُني قَتلَةً إلاّ قَتَلتُكَ مِثلَها ، ولَقَد خَبَّرَني أميرُ المُؤمِنين عليه السلامأنَّ مَنِيَّتي تَكونُ ذَبحا ظُلما بِغَيرِ حَقٍّ .
قالَ : فَأَمَرَ بِهِ فَذُبِحَ . ۱
وعن الإمام الهادي عليه السلام أنّه قال : إنَّ قَنبَرا مَولى أميرِ المُؤمِنين عليه السلامدَخَلَ عَلَى الحَجّاجِ بنِ يوسُف ، فَقالَ لَهُ : مَا الَّذي كُنتَ تَلي مِن عَلِيِّ بنِ أبي طالِب ؟
فَقالَ : كُنتُ اُوَضِّئُهُ .
فَقالَ لَهُ : ما كانَ يَقولُ إذا فَرَغَ مِن وُضوئِهِ ؟
فَقالَ : كانَ يَتلو هذِهِ الآيَةَ : «فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَ بَ كُلِّ شَىْ ءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُواْ بِمَآ اُوتُواْ أَخَذْنَـهُم بَغْتَةً فَإِذَا هُم مُّبْلِسُونَ * فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَـلَمُواْ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَــلَمِينَ» .۲
فَقالَ الحَجّاج : أظُنُّهُ كانَ يَتَأَوَّلُها عَلَينا ؟
قالَ : نَعَم .
فَقالَ : ما أنتَ صانِعٌ إذا ضَرَبتُ عِلاوَتَكَ ؟
قالَ : إذَن اُسعَدَ وتَشقى . فَأَمَرَ بِهِ . ۳

1.الإرشاد : ج ۱ ص ۳۲۸ .

2.الأنعام : ۴۴ و ۴۵ .

3.رجال الكشّي : ج ۱ ص ۲۹۰ الرقم ۱۳۰ .


جواهر الحكمة للشّباب
290

3 / 28

عَمرُو بنُ الحَمِقِ الخُزاعِيُّ

عَمرُو بنُ الحَمِقِ بنِ الكاهِنِ الخُزاعِيُّ . صَحابِيٌّ جَليلٌ مِن صَحابَةِ رَسولِ اللّه صلى الله عليه و آله ، وأميرِ المُؤمِنين عليه السلام ، وَالإِمامِ الحَسَن عليه السلام .
أسلَمَ بَعدَ الحُدَيبِيَّةِ ، وتَعَلَّمَ الأَحاديثَ مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه و آله . وكانَ مِنَ الصَّفوَةِ الَّذينَ حَرَسوا «حَقَّ الخِلافَةِ» بَعدَ رَسولِ اللّه صلى الله عليه و آله ؛ فَوَقَفَ إلى جانِبِ أميرِ المُؤمِنين عليه السلامبِإِخلاصٍ . وَاشتَرَكَ في ثَورَةِ المُسلِمينَ عَلى عُثمان ، ورَفَعَ صَوتَ الحَقِّ إزاءَ التَّغَيُّراتِ الشّاذَّةِ الَّتي حَصَلَت في هذَا العَصرِ .
شَهِدَ حُروبَ أميرِ المُؤمِنين عليه السلام وساهَمَ فيها بِكُلِّ صَلابَةٍ وثَباتٍ . وكانَ وِلاؤُهُ لِلإِمامِ عليه السلام عَظيما حَتّى قالَ لَهُ : لَيتَ أنَّ في جُندي مِئَةً مِثلَكَ .
أجَل ، كانَ عَمرٌو مُهتَدِيا ، عَميقَ النَّظَرِ . وكانَ مِن بَصيرَتِهِ بِحَيثُ يَرى نَفسَهُ فانِيا في عَلِيٍّ عليه السلام ، وكانَ يَقولُ لَهُ بِإِيمانٍ ووَعيٍ : لَيسَ لَنا مَعَكَ رَأيٌ .
وكانَ عَمرٌو صاحِبا لِحُجرِ بنِ عَدِيٍّ ورَفيقَ دَربِهِ . وصَيحاتُهُ المُتَعالِيَةُ ضِدّ ظُلمِ الاُمَوِيِّين هِيَ الَّتي دَفَعَت مُعاوِيَة إلَى الهَمِّ بِقَتلِهِ .
وقَتَلَهُ سَنَةَ 50 ه ، بَعدَ أن كانَ قَد سَجَنَ زَوجَتَهُ الكَريمَةَ بُغيَةَ استِسلامِهِ .
واُرسِلَ بِرَأسِهِ إِلى مُعاوِيَة . وهُوَ أوَّلُ رَأسٍ فِي الإِسلام يُحمَل مِن بَلَدٍ إلى بَلَدٍ .
عَبَّرَ عَنهُ الإِمامُ أبو عَبدِ اللّه الحُسَين عليه السلام بِـ «العَبدِ الصّالِحِ الَّذي أبلَتهُ العِبادَةُ» ، وذلِكَ في رِسالَتِهِ البَليغَةِ القارِعَةِ الَّتي بَعَثَها إلى مُعاوِيَة ، ووَبَّخَهُ فيها لاِرتِكابِهِ جَريمَةَ قَتلِهِ .
وهو الّذي قال للإمام : إنّي وَاللّه ِ يا أميرَ المُؤمِنين ، ما أجَبتُكَ ولا بايَعتُكَ عَلى قَرابَةٍ بَيني وبَينَكَ ، ولا إرادَةِ مالٍ تُؤتينيهِ ، ولاَ التِماسِ سُلطانٍ يُرفَعُ ذِكري بِهِ ، ولكِن أحبَبتُكَ لِخِصالٍ خَمسٍ : إنَّكَ ابنُ عَمِّ رَسولِ اللّه صلى الله عليه و آله ، وأوَّلُ مَن آمَنَ بِهِ ، وزَوجُ سَيِّدةِ نِساءِ الاُمَّةِ فاطِمَة بِنتِ مُحَمَّد صلى الله عليه و آله ، وأبُو الذُّرِّيَّةِ الَّتي بَقِيَت فينا مِن رَسولِ اللّه ِ صلى الله عليه و آله ، وأعظَمُ رَجُلٍ مِنَ المُهاجِرينَ سَهما فِي الجِهادِ .
فَلَو أنّي كُلِّفتُ نَقلَ الجِبالِ الرَّواسي ، ونَزحَ البُحور الطَّوامي ۱ حَتّى يَأتِيَ عَلَيَّ يَومي في أمرٍ اُقَوّي بِهِ وَلِيَّكَ ، واُوهِنُ بِهِ عَدُوَّكَ ، ما رَأَيتُ أنّي قَد أدَّيتُ فيهِ كُلَّ الَّذي يَحِقُّ عَلَيَّ مِن حَقِّكَ .
فَقالَ أميرُ المُؤمِنين عَلِيٌّ عليه السلام : اللّهُمَّ نَوِّر قَلبَهُ بِالتُّقى ، وَاهدِهِ إلى صِراطٍ مُستَقيمٍ ، لَيتَ أنَّ في جُندي مِئَةً مِثلَكَ !
فَقالَ حُجر : إذا وَاللّه ِ ـ يا أميرَ المُؤمِنين ـ ، صَحَّ جُندُكَ ، وقَلَّ فيهِم مَن يَغِشُّكَ . ۲

1.طما البحر : ارتفع بأمواجه (النهاية : ج ۳ ص ۱۳۹) .

2.وقعة صفّين : ص ۱۰۳ .

  • نام منبع :
    جواهر الحكمة للشّباب
    سایر پدیدآورندگان :
    غلامعلی، احمد
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    سازمان چاپ و نشر دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1384
    نوبت چاپ :
    اوّل
تعداد بازدید : 62207
صفحه از 366
پرینت  ارسال به