القاب الرّسول و عترته - صفحه 29

قابل الشّاهد بقوله «وبشّر المؤمنين» لأنّه كان شاهدا على أمّته، وهم يكونون شهداء على سائر الأمم وهو الفضل الكبير. وقابل المبشّر بالإعراض؛ لانّه إذا أعرض عن الكافرين والمنافقين أقبل جميع إقباله على المؤمنين. وقابل النذير بـ«دع أذاهم» لأنّه إذا ترك خوفه من أذاهم إيّاه لابدّ لهم من عقاب عاجل أو آجل كانوا منذرين به في المستقبل. وقابل الدّاعي إلى اللّه بتيسيره وتوفيقه بقوله «وتوكّل على اللّه» لأنّ من توكّل على اللّه يسّر عليه كلّ عسير. وقابل السّراج المنير بالاكتفاء به تعالى وكيلا؛ لأنّ من آثره اللّه برهانا على جميع خلقه كان جديرا بأن يكتفي به عن جميع خلقه.

فصل

واعلم أنّ اللّه تعالى خاطب بقوله: «يا أيّها المزّمّل» في بدء الوحي ولم يكن قد بلّغ شيئا، ثمّ خوطب بعد ذلك بقوله: يا أيّها النّبيّ، يا أيّها الرّسول. والمعنى «يا أيّها المزّمّل» بعباء النّبوّة والمتحمّل لأثقالها صلّ باللّيل إلاّ قليلا منه.
ثمّ قال: يا أيّها المدّثر، أي يا أيّها المتدّثر بثياب التّواضع ولباس العبيد قم قيام عزم وتصميم فأنذر، أي فحذّر أوّلا قومك ثمّ جميع الناس من عقاب اللّه وعذابه إن لم يؤمنوا وإن آذوك وأسمعوك، والمعنى فافعل الإنذار من غير تخصيص له بأحد. فكأنّه أمره اللّه بالمزّمّل أن يبدأ بنفسه، وبالمدّثّر أن يأمر النّاس. ولمّا انتشرت دعوته قال اللّه تعالى: «يا أيّها النّبيّ إذا طلّقتم النّساء»۱ ، «يا أيّها النّبيّ لم تحرّم ما أحلّ اللّه لك»۲ ، فأمره بتبليغ أحكام الشرع. ولمّا كان آخرأمره وقربت وفاته قال اللّه له عليه السلام «يا أيّها الرسول بلّغ ما أ نزل إليك من ربّك.»۳ وبالإسناد عن أبي بكر بن مردويه الأصبهاني، حدّثنا محمّد بن عليّ بن دخيّم، حدّثنا أحمد بن حازم، حدّثنا إبراهيم اسحاق اصّبى، حدّثنا عمرو بن أبي المقدام وهو

1.البقره ۲: ۲۳۱ و ۲۳۲ و ۲۳۶ و الطلاق۶۵: ۱

2.التحريم۶۶:۱

3.المائده۵: ۶۷

صفحه از 79